نهال صديق رغم رياح الإنفتاح التي طمست الكثير من العادات والثقافات المحلية، لازال بعض عشاق القهوة محافظين على طقوسها، فلجسلة القهوة سحرها وجمالها وثقافتها الخاصة بشربها سواء كانت عند إحتسائها أو إعدادها. وكان البن قديماُ يستورد من اليمن يسمى(بن المخا)، وأيضاً من البرازيل، لوفرة الإنتاجية ومعقولية سعره ومؤخراً أعاد السودان على البن الحبشي كبير الحبة وجودته. يُقْلي البن في مقلاةٍ خاصة له تسمى (القدح)، وتسمى أيضاً في شرق السودان (السحساحة) والذي يوضع على النار (الكانون) ثم يطحن البن (بالفندك) وتصاحب رائحته الزكية إيقاعات المدق التي تقوم بها مديرة الجلسة.. ثم يوضع البن المطحون في الماء المقلي الموجود في إناء يسمى (الشرقرق) حتى تفور تم تُسْكب في (الجبنة) وهي أنواع فهناك جبنة مصنوعة من الطين وهي الأقدم عمراً، وجبنة الصفيح والألمونيوم، وأخيراً جبنة الصيني، وأشهر أماكن صناعتها شرق السودان، خاصة مدينة كسل،ا وولاية الجزيرة منطقة (أبو قوته) كما يقول المثل السائر (جبنة مظبوطة زي مجموع أبو قوته) وتوضع فوق فوهة الجبنة (العَشَّميق) وهي ليف من جذع النخيل للجزء الموجود بين الجريد و العرجون.. والذي يمتاز بنعومته ومحافظته على سخونة وطعم القهوة ثم توضع الجبنة في (الوِّقاية) وهي عبارة عن سعف على شكل حلقة ملتفة بقماش من السيتان أو القطيفة الأحمر مزينة بخرز ملون بأشكال فلكلورية وتوضع حول الجبنة «فناجين» الصيني (فنجان أبو نجمة) و«فنجان الشرق» يختلف بصغر حجمه، ويوضع البخور والمكسرات. كان فنجان القهوة قديماً في بداية وختام كل يوم حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتبادل الأخبار والترويح عن النفس.. كانت القهوة تشرب الصباح والضحوبة العصرية، كما كان شربها بمراحل في الجلسة الواحدة، فالفنجان الأول يسمى (البِّكْرِّي) ثم يليه الثاني ويسمى (التِّنِّي) وأخيراً (التِّلْتَاوِّي) أو «البركة» وشرب البركة مهم جداً لإكرام الضَّيف. أما في شرق السودان فالقهوة شيء أساسي في حياتهم حيث يتنقل الفرد منهم حاملاً أدواته .. ويقوم الرجال بإعدادها في الأسواق والمجالس.. وعند تحضيرها يكون المقدار بعدد شاربيها بحيث لا تزيد ولا تنقص، ويسمى مكان التجمع للقهوة بلهجة البجة (سنكاب).