ما الأثر الذى تركته القنوات الفضائية السودانية على السودانيين بعد أن شهدت السنتان الماضيتان انطلاق بث عدد من القنوات السودانية الخاصة . لم أطلع حتى الأن على أى دراسة علمية أو استطلاع موضوعى يقيس أثر هذه القنوات ومحتواها على المتلقى السودانى . مشاهدة برامج هذه القنوات خلال شهر رمضان الفضيل وبرامج عيد الفطر المبارك ربما تعطى بعض المؤشرات لأثر هذه القنوات خاصة وأن طبيعة العمل الإعلامى يقوم على التنافس بإعتبار أن الجمهور واحد والقنوات تتعدد ولذا تعمل كل قناة على جذب مشاهدين جدد والمحافظة على المشاهدين الراتبين . وفى النظرية الإعلامية تعمل الوسيلة الإعلامية على جذب متلقين ويعمل المعلن على بث إعلاناته فى الوسيلة الأكثر إنتشاراً بين جماهير متنوعة وكلما كثر جمهور الوسيلة كثرت إعلاناتها بأشكالها المختلفة وبالتالى ازدادت مواردها المالية ولذا لابد من بث البرامج الجاذبة للجمهور حتى تحافظ الوسيلة على تدفق الموارد المالية من الإعلانات . التنافس بين القنوات الفضائية السودانية الرسمية والخاصة كان واضحاً وقد يقارب بعضه الصراع والبعض من التنافس يقوم على سذاجة الفكرة والإعداد وحتى التقديم عندما تحاكى قناة أخرى فى برنامج ويتطابق فى كل شئ وتحاول إيهام المتلقى أنها تقدم له شيئاً متفرداً وخاصاً بها . أو عندما يقصر خيال هذه القنوات فتجد كل قناة تستضيف فى برامجها ضيوف القناة الأخرى ولايحلو لها الضيف إلا بعد أن يظهر فى القناة الأخرى . أسر لى مدير قناة تلفزيونية أن بعض المعدين يظن أنه حقق نصراً عندما يقطع الطريق على ضيف قناة أخرى ويحوله ضيفاً على قناته ويثنيه من الظهور على شاشتها . والتنافس بين القنوات يأخذ أشكالاً عدة تنأى به عن أن يكون تنافساً منتجاً فعلى سبيل المثال أطالع فى أحدى الصحف المحترمة صحفياً يحرر صفحة كاملة وهو فى ذات الوقت يشارك فى تقديم برنامج مباشر وتفاعلى فى قناة من القنوات مما يفقده الحياد عند تناول برامج القنوات الأخرى والتى غالباً مايبدى فيها رأياً لصالح قناته ولا أحس أنه يجرؤ على نقدها على قدر مافيها من علل . وأيضاً مالك قناة تحت التأسيس أبدى رأياً ونقداً بائناً لكل القنوات السودانية وفصل وخصص النقد للواحدة تلو الأخرى مما أخرجه عن الحيادية وهو قد بدأ حملته الإعلانية لقناته التى شرع فى تأسيسها قبل الأخرين . فى نظرية إنحراف الإعلام عن الواقع الإفتراض أن وسائل الإعلام لاتقدم وفى اطار سيادة الinfotainment أى المعلومات السطحية والترفيه والنابهين والمفكرين والعلماء بل تقدم النجوم الجماهيرية التى تصنعها ثقافة السوق ولا أقول الثقافة التافهة حسب ملفن دوفلر أحد رواد هذه النظرية . أزعم أن القنوات السودانية حققت هذا العام نجاحاً فى الإحتفاظ بالمشاهد السودانى بنسبة مقدرة من ساعات جلوسه أمام جهاز التلفزيون وحفظه من مشاهدة قنوات تلفزيونية عربية معظم برامجها تقوم على عرض المفاتن للمذيعات وضيفاتهن وتقديم جوائز مالية ضخمة لأسئلة غبية لايفوز بها إلا مواطنو دولة القناة فلنصبر على قنواتنا السودانية رغم نمطية الإعداد وتشابه المحتوى وتدوير قوائم الضيوف وطغيان الترفيه لأنها أفضل لنا من تلك القنوات الأجنبية والعربية التى أسرتنا خلال سنوات البث الفضائي ولم نحصد منها إلا الخواء والغباء .