أين أنت يا ليلى رستم.. أيتها النجمة المضيئة المشرقة.. ويا لروعة زياك الزمان.. عندما كنت تضيئين شاشة تلفزيون بيروت.. تحلقين وتدورين في المجرات البعيدة.. تصطادين في مهارة وحرفية تلك النجوم والنيازك التي لونت سماء الدنيا.. تجلسيهم على الوثير من مقاعد الاستديوهات الرحيبة.. بكل عبرك وعبر وجهك الجميل.. ومن خلال خصلات شعرك المسدل أحياناً.. الطائش أبداً.. المتمرد دوماً.. يطل عبد الوهاب.. نتوه معه بل نبحر معه على الجندول.. ويأتي «عاصي» وتأتي معه فيروز.. وأحبك في الصيف.. أحبك في الشتاء.. وفجأة تتفجر الأرض وتميد تحت أقدام.. صهيون.. والغضب الساطع آت بحياد الرهبة.. آت من كل طريق آت.. ويا لها من أيام يا «ليلى» وياله من وطن كان بديعاً وسيماً.. أنيقاً ومترفاً.. أعني لبنان.. وأعني أيضاً السودان.. سألتك مرة.. في رجاء وضراعة.. أن تأتي.. ومرة أخرى.. سألتك ألا تأتين.. أما اليوم يا ليلى.. دعيني.. أرجوك.. أن تأتي لتشاهدي نجومنا.. على الأرض.. أنهم مثلك تماماً يا ليلى.. ألقاً وجمالاً.. وبهاءً.. و ثقافة.. وحضوراً. ويأتي رمضان.. وتأتي لياليه المترعة .. بالإبداع والإيمان.. تأتي أمسياته المترفة.. تأتي ألوان الهدوء.. وعطر السكينة.. تتقيد الشياطين والأبالسة.. لا أعني الشياطين الذين يضلون عباد الله.. ولا أعني الأبالسة الذين يوسوسون في صدور العباد.. أعني شياطين الأنس من مغنيين ومطربين.. أعني من إذاعيين ومقدمين.. حديثهم نشاز.. و «أمخاخهم» أفرغ من الفراغ والفضاء العريض.. ينزوي هؤلاء «القتلة» قتلة الذوق العام.. وقتلة الغناء البهيج.. قتلة البرامج الحوارية.. قتلة الجمال والمحال.. يختفي هؤلاء.. سجناً وقيوداً.. لينفسح المجال واسعاً وعريضاً.. بل تتسع سماء إبداع الوطن.. للنجوم الحقيقيين.. على الأرض.. أنهم مثل «ليلى رستم» نجمة تستضيف نجوماً، بل تصطاد نجوماً من السماء السابعة لتجلسهم على الأرض.. أرض الاستديوهات البديعة.. تقدمهم وجبة دسمة ومترفة للمشاهدين.. ويا لروعة الوطن.. ويا لثراء الوطن.. وهو يمتلك في فخر مصابيح مضيئة وباهرة.. نعم.. هي نجوم قليلة العدد.. عميقة الأثر.. مصابيح اشتعلت بعد أن ثابرت وأرتوت من أطنان الوقود.. لا ليست مصابيح هي كشافات تضيء وتبهر.. مثل كشافات قطار الغرب.. وسائقه «ود الملك». الآن إلى المجرات البعيدة.. ومجموعة باهرة من النجوم.. زاهرة وساهرة.. ندخل في رفق إلى «برج» إذاعة البيت السوداني.. يأخذ أبصارنا شعاع شديد الإضاءة.. نجلس في أدب.. في وقار.. في إنتباه تلاميذ لنستمع.. وتأتي بقامتها الفارعة.. بأنسها الرفيع.. بروحها والتي هي أخف من نسيم السحر.. بعطرها الذي «نتكرفه» منبعثاً منعشاً.. عبر مسام أجهزة الراديو الذي نحتضنه في حب وعناد وعناق تماماً فوق قلوبنا.. بل نتخيله بين تجاويف ضلوعنا.. تأتي تصحبها عاصفة من رقة ألوان وأنغام.. وألحان.. تأتي مصحوبة أبداً بضيف شاسع المعرفة عميق الثقافة.. عريض المتعة.. تأتي.. المذيعة المثقفة المدهشة.. المثابرة.. لمياء متوكل.. وما أدراك ما لمياء متوكل.. تأتي ومعها.. العالم.. الباحث.. ميرغني ديشاب.. ويا لفخامة «ديشاب» ومن خلفهم بل أمامهم.. الخليل.. وتلك فرصة أخرى.. نحكيها بكره.