تظل العلاقة بين الحكومة والأممالمتحدة مهمة لا سيما أن السودان عضو في المنظمة الدولية فضلاً عن الشراكة بين الطرفين لتعزيز السلام والاستقرار في البلاد، ولكن رغم وجود الأخيرة القديم بالبلاد إلا أن المراقبين يرون أنه غير فعّال، وأن معظم برامجها التنموية غير جديرة بالذكر، وخير دليل على ذلك ما يعانية شرق البلاد.. أو حتى مخاطبة القضايا الأخرى بما يلي الشأن الإنساني في المناطق المتأثرة «آخر لحظة» التقت مسؤول الشؤون الإنسانية بالأممالمتحدة مكتب السودان «اوتشا» مستر مارك كتس، واستفسرته حول التحديات التي تواجه البعثة بالسودان، وتصفحت معه ملف الوضع الإنساني في اقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب الحيثيات الخاصة بالمبادرة الثلاثية الموقعة بينها والحكومة والجامعة العربية حول الشأن الإنساني هناك، واستصحبت ملف الفساد بالأممالمتحدة التي أجاب عليها تارة باختصار يشوبه الحذر وتارة أخرى بدبلوماسية بائنة، وتعهد باجراء حوارات مستقبلية مع الصحيفة.. مشيراً الى أنه دائماً متحمساً لحديث الإعلام، وشدد بانه لم يرفض اجراء لقاءت إعلامية بالسودان أبداً ...فالى مضابط الحوار .. وجود الأممالمتحدة في السودان قديم الى أي مدى نجحت في مخاطبة قضايا السودان؟ رمضان كريم.. شكراً لك لأنك جئت لاجراء الحوار في منتصف الظهيرة.. حسناً السودان دولة عضو في الأممالمتحدة، ونحن في السودان بدعوة حكومة السودانية لنا وهي موجودة لمساعدة السودان لبناء السلام والاستقرار في البلاد، ولضمان أن هناك تطوراً وتقدماً في كل قطاع في البلاد، سواء كنا نتحدث عن التعليم أو الصحة أو الحصول على المياه النظيفة، وعملنا كله يتعلق بمساعدة السودانيين ولمقابلة احتياجات السكان المعرضين للمخاطر، ولمساعدتهم على توفير الخدمات التي يحتاجها «الناس» هذا هو عمل منظومة الأممالمتحدة ككل.. أنا أعمل في اوتشا وعملي بالتحديد موجه للعمل الإنساني، ولكن إن سألت عن عمل الأممالمتحدة بصورة عامة فإننا نحاول أن نساعده على تحقيق أهداف الألفية العالمية، ونعمل في عدة قطاعات لمساعدة السودان على تحقيق السلام والاستقرار وأن يكون دولة مستقرة ومزدهرة، وأيضاً نعمل على رفاهية المواطنين وتأمين حقهم، هذا هو هدف الأممالمتحدة في السودان.. واعتقد أننا حققنا نجاحاً في عدة أماكن، ولقد شهدنا الكثير من التحسن في العديد من القطاعات التي كانت تعمل فيها الأممالمتحدة، ولكن بسبب النزاع في عدة أجزاء من البلاد.. فقد شهدنا في بعض الأحيان تراجع أو نكسات بالنسبة لهذه المجهودات، لأنه حيثما يكون هناك نزاع في بلد ما تدمر البنيات التحتية، مثل المدارس والمؤسسات و يضطر الناس ليهربوا من ديارهم.. حيث أن العاملين في الحقل الصحي لايستطيعون أن يؤدوا عملهم، ولكننا نأمل أن تتمكن الأممالمتحدة من حل هذه النزاعات في هذه البلاد، حيث نستطيع بناء الخدمات التعليمية والصحية والعمل في هذه القضايا المختلفة، وتعزيز الاقتصاد العام في البلاد رغم ماذكرته آنفاً إلا أن هناك اتهامات للمنظمة الدولية بعدم تمكنها من مخاطبة قضايا السودان التنمية وخير دليل مايعانيه شرق السودان من مشاكل ؟ كل العمل الذي نؤديه في السودان يعتمد على الاحتياجات في مختلف الأماكن، وأيضاً دعوة الحكومة السودانية لنا أو رضائها عنا بجانب الوضع الأمني وكمية الأموال المخصصة لنا نحن قلقون فيما يتعلق بوضع المدنيين في عدة أماكن اجزاء في البلاد وليس فقط في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.. ولكن حتى في اجزاء أخرى في البلاد هناك أناس لا يحصلون على الخدمات الأسياسية مثل التعليم، ونحن نعمل في شرق السودان وفقاً للمسوحات التي قامت بها الحكومة، فإن وضع التغذية سيئ في البلاد.. إذن نحن نعلم أن هنالك احتياجات عديدة في شرق السودان، ونحن موافقون على أن نعمل مع الحكومة وفقاً لاي معايير تضعها، لكي نواجهه هذه الاحتياجات واي طلب تقدمه موافقون جداً على أن نتجاوب معه لا سيما وأن هذا الأمر يمثل تحدياً بالنسبة لنا، لأن هناك احتياجات متعددة في مختلف القطاعات في كل أنحاء السودان وفي الحقيقة فإن كل مجهودنا تركز على دافور.. وفي المستقبل نحتاج إلى أن نواصل جهودنا لمساعدة الناس في دارفور، حيث كان هناك نزوح جماعي بسبب النزاع .. والعديد من النا س في حاجة للمساعدة المنقذة للحياة، ولكننا نعي أن هناك احتياجات كبيرة في شرق السو دان ودائماً مستعدون لمساعدة الحكومة للتصدى لهذه الاحتياجات هل هذا يعني انكم لا تتدخلون البلاد إلا بطلب من الحكومة ؟ نحن نقدم خدماتنا ونعي أن هناك مشكلة، ونساعد في دعم الحكومة والشعب في البلاد، وأيضاً فإن الطريقة التي تعمل الأمم أن السودان عضو فيها واي شئ نقوم به في السودان يتم في ضوء موافقتها ما حجم الميزانية المرصودة بشأن الوضع الإنساني في السودان؟ في هذا العام نحن نطلب حوالي مليار دولار ولكى نكون اكثر دقة فإننا نحتاج (980) مليون دولار امريكي ستخصص لمساعدات عاجلة منقذة للحياة هل هذه المبالغ تكفي ؟ نحن نعتقد أنه بمليار دولار يمكننا أن نتعامل مع الحاجات الأكثر الحاحاً، ولكن حقيقة لكي يتم التصدى للمشاكل طويلة المدى في البلاد، التي تشمل تحسين مستويات التعليم، والتقليل من معدلات سوء التغذية، والحصول على المياه النظيفة بصورة مستدامة.. هناك حاجة للاستثمار بأن المسؤولية الأولية تقع على عاتق حكومة السودان لمقابلة احتياجات مواطنيها.. بالطبع الشيء الذي في حاجة له هو أن نستثمر في كل القطاعات.. الصحة التعليم الماء النظيف والخدمات الأخرى.. في اقاليم والمحليات المختلفة بالبلاد، وهذه نفقات ضخمة وتتطلب استدامة بواسطة الحكومة على المدى الطويل، نحن لا نستطيع أن نوفر كل احتياجات المواطنين في البلاد، ولكن يمكن أن نساعد في الاحتياجات الأكثر الحاحاً، وفي حالة النزاعات اعتقد أن لدينا دوراً محدداً نلعبه لأننا لدينا خدمات الطواريء، برامج الإطعام، ولدينا المنظمات التي هي لديها الكثير من الخبرة والمعرفة بتوفيرالإغاثة الطارئة، هم يقدمون الاستجابة للزلازل والفيضانات والنزاعات في اجزاء أخرى من العالم، يمكننا أن نأتي للمساعدة عندما تكون هناك طواريء، ولكن على المدى الطويل فإن المسئولية الأساسية تقع على عاتق حكومة السودان لماذا نجد أن هناك تناقصاً في دعم المانحين الموجه للسودان ؟ أولاً يجب أن توجهي هذا السؤال للمانحين، ولكن على المرء أن ينظر للمناخ الاقتصادي العالمي، فالعديد من الحكومات تحت الضغط من شعوبها لترشيد الانفاق العام.. أيضاً هناك العديد من الحالات الطارئة في عدة أجزاء من العالم بالتحديد في سوريا، الكنغو، العراق، الصومال، ومالي، وافغستان، والعديد من الدول الأخرى وكل هذه الاحتياجات تتنافس على الموارد المتاحة في العالم، وبالطبع سيكون من الصعب أن نحصل على التمويل الذي نرغب فيه بالنسبة للسودان والحل؟ هذا سبب آخر يجعلنا نود أن نقنع المانحين أننا يمكننا أن ننفق المال بصورة جيدة في هذه البلاد، أنه يمكننا أن نحصل على القيمة مقابل المال الذي ننفقه.. ومن أجل ذلك نحن نحتاج أن نضمن أن هناك تعاون من جانب الحكومة، أننا نستطيع أن ننفذ مشاريعنا ويمكننا أن نوضح أننا نستطيع أن ننفق ذلك المال بفعالية في السودان . من الملاحظ أن جملة دعم المانحين للشأن الإنساني وصل لأقل من (37)% فقط من جملة المال هل سيؤثر ذلك على خطة الأممالمتحدة الموجه للشأن الإنساني بالسودان لهذا العام؟ حتى الآن قد حصلنا تقريباً على أقل من (40)% من جملة المليار دولار التي كنا قد طلبناها، نحن قلقون فيما يتعلق بذلك، ولكن مازلنا في منتصف العام ونأمل أن يتقدم المانحون بمخصصات وسترتفع التبرعات، وسوف يقدم المانحيون المزيد من المال قبل نهاية العام، نأمل أن يرتفع الرقم وكل عام لدينا وضع مشابه، وكل عام يوجه نداء ولا يمول بشكل كامل.. إذن هذه ليست المرة الأولي التي نجد فيها أننا لم نمول بشكل كامل.. ولكننا بالفعل نواجه أزمة تمويلية، وللتصدي لذلك الموضوع نحتاج إلى ان نكون قادرين على أن نوضح للعالم الاحتياجات العاجلة التي يواجها مختلف الناس في مناطق السودان، وأن نظهر للعالم يمككنا أن نوفر إغاثة.. وبإمكاننا الوصول لهذه الأماكن وتنفيذ البرامج التي نريد تنفيذها.. فالعديد من برامجنا قد تأثرت بالاقتتال الجديد والمتجدد في اجزاء من البلاد، فهناك قتال بين الحركات المسلحة وبين الحكومة، وهناك قتال دائر بين القائل في دافور، ومشاكل أخرى من قطاع الطرق والاجرام ووانعدام الأمان في مختلف الأماكن، فهذا جعل من الصعب القيام بالكثير من الأعمال في بعض الأحيان يقوم المانحون بتقليل الأموال التي يعطوها لنا لأنهم يرون أنه لا يمكننا الوصول لكل الناس الذين نرغب في مساعدتهم بسبب القتال المتواصل وعدم الأمان في مختلف أجزاء البلاد هل هذا يجعلكم تلجأون الى مانحين جدد «العرب» وماهو الحل ؟ - حسناً الحل الحقيقي الوحيد في السودان أن يتوقف القتال، إذا كنت تريد أن تتصدى لاحتياجات الناس المدنيين تحتاج أن يتوقف القتال، ماذا كان سؤالك هل يمكن اللجؤ الى مانحين جدد آخرين. - نعم ولكن طالما استمر القتال وطالما الناس يعانون في هذه البلاد، نحن نحتاج أن نحشد ونطلب الأموال من اي مصدر ممكن، وقد شرعنا أن نطلب ونقارب اية دولة عضو في مختلف الاقاليم لأننا نرى أن هناك فرصاً حقيقية بأن نعمل عن كثب مع حكومات في الاقليم، ومع الحكومات التي لم تكن تمول عملياتنا في الماضي.. على مدى العام الماضي عملنا عن قرب مع جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي على مستوى لم نفعل، نحن نعمل في السودان منذ فترة ونحن أيضاً قمنا بنقاشات عديدة مع الحكومة القطرية وغيرها من الحكومات في الاقليم، ونحن كنا نعزز من تعاوننا مع المنظمات الاسلامية غير الحكومية، وهكذا فأنت ترين أن هناك الكثير من الامكانات في أن نحظى بشراكات قوية بالتنسق مع مجموعة أوسع من الحكومات والشركاء . ü كيف تصفون الوضع الانساني في البلاد؟ وفي دافور - حسناً تظل العملية الانسانية في دارفور هي واحدة من أكبر العمليات الإنسانية في العالم فلدينا « 4و1 » مليون نازح في المعسكرات ( واحد مليون واربعة من عشرة مليون نازح) وهذه واحد من أكبر اعداد النازحين في المعسكرات في العالم، وقد شهدنا أيضاً المئات من آلاف المواطنين قد هربوا من ديارهم في غضون العام الماضي بسبب القتال بين الحركات المسلحة والحكومة، والقتال بين القبائل، وهذا الأمر مقلق للغاية ما نود أن نراه هو العكس تماماً، نحن نرغب في أن الحرب تنتهي وتضع أوزارها ونرغب في أن نرى المزيد من الاستقرار في البلاد والمزيد من الناس يغادون المعسكرات الى ديارهم بصورة طوعية لكي يعيشوا حياتهم، ولكن لم نر ذلك العام الماضي رغم عودة بعضهم لككنا شهدنا أعداداً اكبر ولايزال هناك من يهربون من القتال جنوب كرفان والنيل الأزرق ويهربون الى اثيوبيا وجنوب السودان ومن دارفور الى تشاد فضلاً ونزحوا داخلياً في السودان . ü كم بلغ عدد النازحي ن في تلك المنطقة؟ - من الصعب بالنسبة لنا أن نعرف الأعداد بالضبط واعتقد أن حوالي 300 الف من السكان كانوا نازحين جدد في دارفور والعديد من الآخرين قد نزحوا في جنوب كردفان بالذات، وأيضاً شمال كرفان كما تعرفين لأنه كان هنالك هجوم على منطقة ابوكرشولا رغم أن التقاريرحول تقييم الوضع الإنساني في البلاد تصاغ في اطار الشراكة بين آليات الأممالمتحدة الحكومية إلا أن الأخيرة تقول إنكم تقومون بتضخيم الارقام في كثير من الأوقات ؟ المناطق التي تقع تخضع لسيطرة الحكومة اغلب الارقام التي لدينا تأتي من المصادر الحكومية، فنحن نعمل عن كثب مع مفوضية العون الإنساني في مختلف الولايات بالسودان، وعندما نقوم بالتقييم في معظم الأوقات نعمل تقويماً مشتركاً معها، ومعظم الأرقام التي لدينا هي التي تم الاتفاق فيما يتعلق بها مع نظرائنا في مفوضية العون الانساني، ومن الصعب الحصول على أرقام حقيقية لأن هناك من ينزح الى مدن اخرى ومن يغادر المعسكرات، والبعض قد يعود الى ديارهم، لذلك من الصعب بالنسبة لنا ان نتابع ونراقب حركة هؤلا ء ونحصل على صورة دقيقة خاصة إن كانت هناك مشكلة أمنية تتعلق بإتاحة وسيلة الوصول لتلك المناطق، ولذلك فالكثير من الارقام التي نستعملها هي تقديرات، فنحن لا نستطيع التأكد من دقتها، ولكننا دائماً ما نتشاور في صحتها، نحن لدينا اجتماعات على مستوى الولايات وعلى المستوى الاتحادي وهذا هو عملنا أن نعمل عن قرب مع كل السلطات الوطنية في الوزارات لنتأكد أن مشاريعنا تقوم على معلومات موثوق بها كيف ترون مقترح الحكومة الخاص بتفكيك معسكرات النازحين في الاقليم؟ - حسناً أن الحكومة قد اخبرتنا انها تريد ان تضمن بان اية عمليات عودة للنازحين من المعسكرات ستتم بصورة طوعية، وقالوا انهم لن يرغموا اية نازح للعودة لمسقط رأسه، وأن يتم ذلك بصورة طبيعية وأخبرونا أن ينظروا لبدائل أخرى وحلول دائمة لهم اذا كانوا لايرغبون في العودة الى مناطقهم الأصلية، فربما أن الحكومة ستوافق على أن يندمجوا في المجتمعات المحلية التي يعيشون فيها الآن، ولكن هذا يتطلب الكثيرمن حوار بين الحكومة والنازحين بانفسهم،، والأمر يتطلب الكثير من العمل في الولايات ومن الخبراء في التخطيط المدني، وفي أن ينظروا في كيفية تخصيص الأراضي إن كان على البعض أن يبقوا هذه المناطق الحضرية، وإذا مارجع النازحون لمناطقهم الأصلية، فلا يزال هناك نزاع الأمر يتطلب الكثير من العمل لحلحلة مشاكل استخدام الأرض ومشاكل ملكيتها، ولن تكون هذه الأمور سهلة المنال، أن الاولوية أن يتوقف القتال، وأن يجري الحوار مع كافة الاطراف ومع النازحين أنفسهم والحكومة وسلطات الولاية مع الأممالمتحدة التي يمكنها أن توفر بعض المساعدات وتلعب دور الوسيط .