تسعة وتسعون معسكراً تم إنشاؤها في ولايات دارفور نتيجة للنزاع المسلح، الذي طرق أبواب دارفور منذ أكتوبر (2003)، تأوي بداخلها أكثر من أربعة ملايين نازح، فرغم الالتزامات الدولية والحكومية، ووجود العشرات من المنظمات الوطنية والحكومية، ووكالات الأممالمتحدة في دارفور، إلا أن الوضع الإنساني ما زال «هو هو»، ولعل المساحات الشاسعة التي تحمل في داخلها كنوزاً من يورانيوم وبترول ومعادن مشعة هي سبب في استمرار الوضع الآني، كما أن تهديد الرصاص لأجساد الأهل في دارفور من قبل أبنائهم في الحركات المسلحة سبب آخر في استمراره، بجانب أصحاب الأجندات وطالبي فلاشات الإعلام لتحقيق مآرب خاصة تأتي عن مايسمى بالقانون الدولي الإنساني، تلك الفلاشات التي ظلت تلاحق وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، «فاليرى اموس» طوال رحلتها الى دارفور التي امتدت لساعات الاربعاء المنصرم.. تقول فاليري إن ما يحتاجه هذه البلد هو السلام وليس الحرب، فإن السودان يواجه تحديات مختلفة، وأكدت فاليري في حديثها عن الوضع في السودن.. مشيرة الى الحرب الدائرة في دارفور، ونزاعات لم تحل في جنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان، وسوء تغذية في كل أجزائه، حيث تم تسجيل بعض من أعلى الحالات شكاوي عديدة دفع بها النازحون في معسكر زمزم الذي انشيء في اغسطس (2004) الذي يبعد أربعة عشر ميلاً جنوب مدينة الفاشر عاصمة حاضرة ولاية شمال دارفور، ويحيط المعسكر شرقاً مكب للنفايات تسعى حكومة الولاية لنقله بعيداً، ثم من ناحية الجنوب الشرقي يقع أحد المراكز العسكرية التي كانت قاعدة عسكرية لمني اركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان، فالمعسكر تتعدد فيه التركيبة القبلية، حيث تسيطر عليها ثلاث قبائل أغلبيتها من قبيلة الفور، حيث تبلغ جملتهم حوالي (13)% والزغاوة (6) %، والبقية من قبائل دافورالمختلفة، لخصها ممثل النازحين في شح الموارد الغذائية، نتيجة لعدم وجود المنظمات عقب قرار الحكومة الأخير في طردها من الإقليم، بجانب ندرة المياه، بالإضافة للتحديات التي تواجهها النساء، حيث عاودت قضية تعرضهن الى الاغتصاب الى الظهور الى سطح الأحداث مرة أخرى.. حيث اشتكت النساء للممثلة الأممية بصعوبةحياة النزوح، حيث ذكرت ممثلة المرأة بالمعسكر أنها تشعر بانها طائر في قفص، ولا نستطيع الخروج حارج القطاطي، بجانب مشكلة المياه حيث يوجد (62) بئر و(3) (دوانكي) بجانب (26) مدرسة منها (17) تعمل بجهد شعبي.. وأشار لوجود (4) مراكز صحية فقط، بجانب عدم توفر الدواء للنازحين، واشتكى النازحون بشدة من تكدس الأوساخ بصورة كبيرة عقب توقف المنظمات إبان الأمطار والسيول، التي ضربت المنطقة للمعسكر الذي قوامه الفي نازح، وأكدوا إيقاف منظمات الأممالمتحدة عن توفر الاسبيرات، وأوكلتها للمجتمع المحلي، وهذا ما يذكرنا تماماً بمواقف مماثلة لسلوك المنظمات في جنوب السودان قبل الانفصال، خلال رحلة فاليري (2009)م .. حيث أحجمت المنظمات عن طحن الدقيق وقامت بتوزيعه، وأوكلت المهمة للمدنيين رغم تعهدها للمجتمع الدولي بتوفيره كاملاً للمتأثرين، بينما تنسحب كثيراً عن تقديم الدعم في أوانه.. والراجح أن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة للشوؤن الإنسانية درج على تنظيم رحلة لدولة السودان سنوياً للوقوف على الوضح الإنساني في يونيو من كل عام، ويشرع وكيله للشؤون الإنسانية في وضع تقرير لا يضع حلولاً جذرية لإنهاء أزمة النازحين، بل تزيد التلويحات والتحذيرات تتوج أحياناً كثيرة باستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لوضع مزيد من الضغوط، ولكن وفي سابقة هي الأولى من نوعها تتغير نبرة الأممالمتحدة، وذلك خلال إبلاغها للنازحين بأن دارفور ليست الأزمة الوحيدة، ونبهت نازحي معسكر زمزم خلال تفقدها المعسكر إلى أن الأزمة الإنسانية في دارفور، وهو ليس الوحيد في العالم، وقالت لهم إن الأممالمتحدة لا يمكنها معالجة كافة المشاكل لوحدها إلا بمساعدة الشركاء وقالت إن فئة النساء أكثر الفئات تضرراً، وتعهدت بأن تجتمع مع الشركاء الدوليين لتشجعهم لتقديم المساعدات لدافور عقب إحجامهم مؤخراً.. ووقالت إن الأممالمتحدة تلقت (29) % لاحتياجات السودان لهذا العام لاستمرار التصعيد في دارفور هدية صالح علي، وحواء ابراهيم، وبدرية عبدالله، وحليمة آدم، وجميلة صابر، وفاطمة ادريس نازحات جدد، قدمن من منطقة لبدو عقب الأحداث القبلية الأخيرة اتفقن على عدم تقديم المساعدات رغم أنها لا تتعدى مشمعاً، وكوزاً، وعدة صحون، وقليلاً من الزيت والفاصوليا.. لكنها- كما أشارت سعدية- لا تقدم إلا عند وصول مسؤول كبير وقالت فاطمة ل(آخر لحظة) إنها قدمت للمعسكر منذ عشرين يوماً، ولم يتم تسجيلنا حتى الآن، عشرون يوماً نعتمد على ماجلبناه معنا قبل فرارنا من لبدو، وذكر مسؤول مكتب المساعدات الإنسانية أوتشا- مكتب الفاشر- إن عدد النازحين الجدد بلغ (540 ,25) ألف أسرة نزحت في الفترة من نهاية أبريل حتى منتصف مايو الجاري منهم (3,710) أسرة قدمت منتصف ابريل منهم (214) من لبدو، بجانب (659) أسرة وصلت زمزم نهاية أبريل الماضي، وسيتم تسجيلهم حسب الاجراءات المتبعة واشتكت أم عائشة آدم التي وجدناها تطلب العلاج لابنتها عائشة ذات السنوات الخمس من أن ابنتها لا (تكوس) وقالت بحزن إنها محبوسة ولا تستطيع المشي منذ خمس سنوات وتعتمد على حملها من مكان لآخر، تضارب كبير في أرقام المتأثرين والنازحين الجدد بين ماذكرته الحكومة وتقارير الأممالمتحدة، وتوصيف الوضع الإنساني في دارفور، فبينما يرى مفوض العون الإنساني سليمان عبد الرحمن أن الوضع الإنساني في دارفور تحت السيطرة، تقول فاري إن هناك معاناة.. وأشارالى وجود مخزون استراتيجي يكفي للست أشهر القادمة، مؤكداً في ذات الوقت الحاجة التعزيزات لتأمين استقرار الأوضاع الإنسانية.. مشيراً الى أن مفوضية الشوؤن الإنسانية ستسخر كافة الامكانات لمخاطبة حاجات النازحين الجدد البالغ عددهم 25 الف نازح جديد قدموا من «جبل مرة ولبدو ومهاجرية»، واتفقت الأممالمتحدة والحكومة لأول مرة على ضرورة معالجة أمر المعسكرات، وأشار عبد الرحمن الى أنها لا يمكن أن تكون وضعاً دائماً.. مشيراً الى أنه ظرف استثنائي وشدد علي الانتقال للحلول طويلة المدى التي تتمحور في ثلاثة خيارات لحل المشكلة، تتصدرها العودة الطوعية أو الدمج أو إعادة التوطين، وأكدت فاليري ضرورة إيجاد طرق أكثر استدامة لدعم النازحين في دارفور، والذين ليس لهم خيار سوى البقاء.. وقال إن وكيلة الأمين العام أكدت استعدادها في التأمين والسيطرة على التحديات في منطقة جبل عامر، وذلك عبر تقنين التعدين بالجبل صحياً.. وأكدت أن زيارتها للسودان تأتي في اطار الوقوف على العمليات الإنسانية في البلاد، بجانب النظر في العلاقات بين الحكومة السودانية والأممالمتحدة التي وصفتها بالصعبة بشأن القضايا الإنسانية.. وشدد على ضرورة العمل على بناء الثقة، وأكدت رغبة المجتمع الدولي في المساعدة على تلبية احتياجات الناس المتأثرين بالحرب.. وقالت إن الوضع الإنساني في دارفور أكثر هدوءاً مقارناً بالسابق- اي العام الماضي- وقالت إنها صدمت لأوضاع النازحين خاصة الأطفال الذين أصبحوا شباباً عقب مرورعشر سنوات حينما كانوا في العاشرة من عمرهم، وقالت نحن في حاجة الى تغيير الطريقة التي نعمل بها عقب مرور عشر سنوات لدعم النازحين الذين ليس لهم خيار سوى البقاء بالمعسكرات.. مشيراً لوجود المئات من الأطفال من جميع أحياء دافور ولدوا في المعسكرات، ولم يعرفوا الحياة خارجها، وتابعت.. لا يمكن أن ننسى هولاء الأطفال لأنهم مستقبل دارفور والسودان.