ü توقفت عن حضور الندوات والورش والسمنارات منذ زمن طويل.. ü وخصوصاً تلك التي عناوينها من شاكلة (تحديات الراهن وآفاق المستقبل) .. ü وحين أُسأل عن سبب توقفي هذا أجيب قائلاً أن السودانيين صاروا لا (يخشون في الموضوع على طول).. ü فنحن نهدر زمنا طويلا من عمر الندوة او الورشة في تنظيرات ومقدمات وتهويمات و (لولوات) حتى إذا انقضى الوقت نجد أنفسنا مثل المهاجم المطالب بإحراز هدف في الزمن المحتسب عوضاً عن الضائع., ü إنها علة ابتلينا بها في هذا الزمان حيث أضحى الكلام في حد نفسه (انجاز)ً.. ü ولم يكن كذلك - للعلم - السابقون في مجال السياسة ، أو الإعلام ، أو الأدب .. ü و الأديب عبد الله الطيب اشترط - ذات مرة- أن (يخش) في برنامجه التلفزيوني (على طول) دون مصاحبة المذيع ذاك الذي يتحدث نصف الزمن تاركاً لأديبنا النصف الاخر.. ü او بالأحرى (متفضلاً) به عليه ... ü ومذيعٌ من (العينة هذه) كان قد كُلف بتقديم فقرات حفل غنائي بمصنع سكر حلفا الجديدة فطفق يثرثر حتى صاح فيه الجمهور بغضب (خشِّ في الموضوع على طول ياخينا انت أو روح خليهم يغنوا لوحديهم).. ü فواحدة من آفات زماننا هذا أن الجميع باتوا يثرثرون.. ü فهناك من يثرثرون لإثبات أنهم الافضل على صعيد الانجازات.. ü وآخرون يثرثرون لتعويض عجزهم عن (الفعل).. ü و(المثقفاتية) يثرثرون لاقناع انفسهم أولاً ? قبل المتلقين- بأنهم مثقفون فعلاً.. ü وقبل فترة شاهدت ثلاثة من (المثقفاتية) - في مجال النقد الأدبي- يتكلمون كلاماً كثيراً في التلفزيون لم أفهم منه حرفاً حتى كدت أن أتشكك في مقدراتي العقلية .. ü ثم تشاء الصدف أن التقي بواحد من هؤلاء في اليوم التالي لأسأله عن ذاك الذي كانوا يتحدثون فيه بالأمس.. ü فأجابني الناقد الأدبي ضاحكاً: (والله بصراحة لا أنا كنت فاهم حاجة ، ولا اللي كانوا معاي فاهمين حاجة برضو، أهو كلام بتاع مثقفاتية وخلاص).. ü وقبل أيام استمعت إلى قيادي كبير يتحدث عن خطة المرحلة القادمة لأكثر من ساعة من الزمن.. ü وبعد أن فرغ القيادي ذاك من حديثه التفت إلى صديق بجواري وسألته: (الراجل ده كان عاوز يقول شنو بالضبط؟!).. ü فارتسمت على صديقي هذا علامات الإرتياح وقد ظن أنه وحده الذي لم يفهم وأجابني مبتسماً : (اقطع ضراعي لو كنت فهمت حاجة).. ü وقبل فترة اكتشف كاتب هذه السطور أن الذي يعيب عليه الآخرين قد يكون مبتلى به هو نفسه أيضاً.. ü فقد هاتفني (بلدياتنا) سيد عبده بدري صائحاً بغضب- بعد التحية(على طول)-: (ياخي كان يوم اسود اللي قريت فيه الفلسفة ده).. ü ثم يضيف بغضب أشد: (يضيرك إيه لو خشيت في الموضوع على طول ياخي؟!).. ü ولم أدر- حينها- لم جالت بخاطري سريعاً أحداث فيلم أجنبي مثيرإسمه (الآخرون).. ü فساكنو البيت في الفيلم ذاك- كانوا ناقمين على (آخرين) يشاركونهم البيت نفسه وقد ظنوهم أشباحاً.. ü ثم يكتشف أصحاب البيت هؤلاء أنهم هم الاشباح .. ü فهل صرنا جميعاً - إذا- اشباحاً لماضٍ جميل كان حيّاً ب (الفعل) لا ب(الكلام)؟!.. ü وهل نجحت الانقاذ في نقل عدواها لل (أغيار) حتى صاروا مثلها سواء بسواء؟!.. ü وهل أمست بلادنا هي (جمهورية السودان الكلاموية) عوضا عن (جمهورية السودان الديمقراطية)؟!.. ü ثم ليت الكلام بعد ذلك كله كان (درراً) مثل كلام السابقين.. ü إنه كلام سمج وممل وممجوج ومكرورو ذو تأثير مشابهٍ لتأثير (الفاليوم).. ü وفضلاً عن ذلك هو يلف ويدور حول القضايا دون ان يقدم حلولاً عملية مباشرة.. ü إنه مثل كلام الإنقاذ عن الانفتاح و (الديمقراطية) منذ أكثر من عشرين عاماً.. ü ومثل كلام المعارضة منذ أكثرمن عشرين عاماً - كذلك- عن إزاحة الانقاذ واسترداد (الديمقراطية) هذه .. ü ثم لا( كلام)من ذلكم كله يُترجم إلى فعل (يخشِّ) في الموضوع (على طول).. ü فهو محض (كلامولوجيا) ........... ü تماماً مثل كلمتنا هذه !!!!!!!!!