لعله من باب إيلاء الفضل لأهله أن أشير إلى أن البروفيسور محمد عثمان صالح هو من هاتفني منبهاً إلى مقالة الدكتور علي الهيل في جريدة (الصحافة) السودانية بعنوان (النقد الديني وعنصرية العرب والقرآن الكريم) وطلب مني أن أطلع عليها.. ولعله يعلم أنني لا أتوقف عن الرد على كل المغالين والمتجاوزين لحدود الأصل الشرعي في القول والفعل.وسارعت إلى الإطلاع على المقالة خاصة و صحيفة (الصحافة) لاتكاد تفارقني يومياً. ولكنني أقر وأعترف بأنني لقيت مشقة وعنتاً في سبر غور المقالة والوصول إلى ما يرمي إليه ويريده كاتبها.. فالمقالة ركيكة العبارات والتراكيب وطويلة الجمل ومتجاوزة لفن الترقيم والتبويب. وبعد جهد خطر لي أن الكاتب ربما تعمد الاسلوب العجيب هذا من باب التدليس حتى لا يستطيع أحد أن يقيم عليه الحجة فيما أورد من تجن على العرب وعلى الإسلام.. وكأنه يريد أن نظن أنه ناقل وناقل الكفر ليس بكافر وهذه عبارة جيدة وحقيقية وصادقة أن ناقل الكفر ليس بكافر طبعاً إذا ثبت وأثبت هو أنه ناقل وبأن ووضح من (قوله إنه ينسب العبارة الكفرية إلى قائلها دون تلبيس أو تدليس وهو ما فعله د. علي الهيل، والذي أظن ظناً راجحاً أنه تعمد الخلط والتدليس والتعمية على القارئ حتى لا ينسب اليه شيء من كفريات من نقل عنهم وإن وافق عليها. ثم سألت نفسي: هل دكتور الهيل كاتب راتب في (الصحافة) أم هو كاتب أسبوعي أم لعله ممن إعتادت (الصحافة) الغراء أن تتحف قراءها ببعض مقالاته من حين لآخر؟. الإجابة لم تكن لدي واضحة.. ولكن وجه الدكتور جاء مألوفاً لدي ولكن ربما رأيته في (الصحافة) أو في مكان آخر وسواءً كان كاتباً في (الصحافة) بأي مستوى أو لم يكن كاتباً راتباً وإنما كان الاختيار قد وقع على مقالته هذه لأسباب تعرفها الصحيفة.. فالسؤال هل ينطبق على نقل الصحيفة مقولة (إن ناقل الكفر ليس بكافر). وحتى لو أن ناقل الكفر ليس بكافر .. ألا يقع الزام على ناقل الكفر أن يبين مصدر الكفر ومن قال به في وضوح وشفافية ثم يطلع بالرد عليه أو يستدعي من يرد عليه أو على أقل تقدير يضع تساؤلات للقراء والمختصين يطلب رأيهم فيما قال المصدر الذي نقل عنه. المقال المعني منشور في موقع القدس العربي في الشبكة بتاريخ 21/10/2013م مما يعني أن الصحافة نشرته بعد ذلك بستة أيام 27/10/2013م وسواءً كان هناك اتفاق بين الصحيفة والكاتب أو لم يكن فإن الصحيفة مطالبة ببيان وتجلية لأن الأقوال التي وردت في المقال كفرية ما في ذلك أدنى شك.. وتذكرني بمقال المقريزي الذي فتح أبواب الشر على إحدى الصحف السودانية قبل سنوات!!. أما دكتور الهيل فهو كاتب صحفي يصف نفسه أو يصفه الناشرون بأنه كاتب وأكاديمي أو أستاذ جامعي. وهو يكتب في مجالات سياسية شتى حول قضايا الشرق الأوسط وقضايا عالمية أخرى وله مساهمات في معالجة قضية إسرائيل وعلى العموم الذي أحسست به من مطالعتي لعدد من مقالاته أنه كاتب متوسط الحال من ناحيتي الإطلاع والإلتزام العقدي.وبعض اختياراته لا تخلو من فجاجة وأحياناً تغول على المعاني مثلاً هو يقول عن إسرائيل: ( هي عدوتنا ثانياً لأنها غازية ومحتلة ومستأصلة وإحلالية ومتطفلة على عكس إيران تماماً وكلياً). جاء ذلك في مقال له نشر في موقع القدس العرب على النت في 20 مارس 2012 بعنوان (إسرائيل وليست إيران العدو).وهذا من ضمن ما يمكن الاستشهاد به على وسطية بل ضحالة الفكر ا لذي يمثله ويعبر عنه د. علي الهيل أو ربما يعبر عن قناعة شيعية أو رافضية بمقولات الشيعة أو نوع من الإعجاب بهم على أقل تقدير. وربما (التقية) التي هي من أهم عقائد الشيعة هي مفتاح السر في شخصية الكاتب د. علي الهيل.. إن الفجاجة تبدو في قوله (على عكس إيران تماماً وكلياً)..وإيران أيضاً محتلة.. واستئصالية واحلالية وكل ذلك يبدو واضحاً وجلياً فيما تفعله إيران في العراق وفي الأهواز وفي الولايات السنية ا لمنكوبة والواقعة تحت الإحتلال الصفوي الإيراني المتنامي والمتزايد. وإيران أيضاً متطفلة عل السودان وعلى الجزائر والمغرب وتونس ومصر وكثير من الدول الأفريقية. إن القول بإن إيران هي عدو للعرب ولأهل السنة لا ينافي ولا يجافي القول بإن إسرائيل هي كذلك عدو لهم وربما كانت عداوة دولة إسرائيل اليوم أقدم من عداوة الدولة الصفوية للعرب وللإسلام. ولكن عداوة إيران لا تخفى إلا على ذي غرض أو ذي هوى.. ويبدو والله أعلم أن موقف دكتور الهيل من إيران ودفاعه عنها أعمق وأوثق مما يمكن التعبير عنه بأنه موقف ثقافي حيادي وصادق. إذ إن الدكتور فيما يبدو ملتزم بالدفاع عن السياسات الإيرانية حيثما حلت وكيفما كانت.. فأسمعوه يقول في مقال بعنوان: (التغيير المفاجي في طروحات مفكرين خليجيين حول إيران). بتاريخ الإثنين 6 مايو 2013م في موقع (الوثيقة نت). يقول الدكتور في مطلع المقال بوضوح شديد: دعونا نتصارح حول ما بطرحه مفكرون خليجيون عن أن إيران تتعامل في الخفاء مع إسرائيل وأمريكا والغرب ضد مصلحة دول الخليج العربي وضد السنة لمصالحها وأن عداءها أو عداء إسرائيل وأمريكا والغرب معها دعائي وخادع لايهام العرب والسنة إن إيران عدو إسرائيل ونصير للإسلام ويسوقون أمثلة لعل من أبرزها كما يفترضون تسليم أمريكاالعراقلإيران ويصورون للرأي العام الخليجي والعربي والسني أن إيران هي العدو للخليج والعالم العربيين وللسنة في العالم.ويقول أيضاً نرى ثمة سذاجة ومبالغة في تبني نظرية المؤامرة في كذا طرح تفنده شواهد الواقع وتكرس خداع الأبياك(AIPAC) وإسرائيل وأمريكا والغرب للعرب والسنة أن (إسرائيل هي العدو الوحيد بل الأوحد لهم وليست إسرائيل). إن هذه محاولة فاشلة من دكتور علي لتلقيننا حجة متهافتة يسهل عليه دمغها والزامنا بالتنصل منها. نحن - نعم أقول نحن- لا نزعم أن إيران هي العدو الأوحد بل نقر بأن إسرائيل هي عدو مركزي للإسلام وللعرب ولكن عداوة إسرائيل لا تحجب عنا حقيقة العداء الإيراني لكل ما هو إسلامي وليس فقط ما هو سني. ولا أستطيع أن أفترض أن الدكتور علي الهيل خالي الذهن عن حقيقة الرفض من الناحية العقدية ومن الناحية التطبيقية فمن الناحية العقدية هم يكفرون الصحابة وأمهات المؤمنين ويقولون بتحريف القرآن ويقولون بالوصية والإمام عندهم فوق مرتبة الأنبياء (ولا يستثنون) والإمام عندهم يعلم الغيب ويعرف متى يموت ولا يموت إلا باختياره. إن دفاع الهيل عن إيران لايدل على أنه يأتي عن جهل بحقيقتها بل يأتي بعد العلم بتحقيقها وأجندتها. وعداؤنا لإسرائيل لا يحجب عنا عداء إيران لكل أهل الإسلام إلى درجة استحلال دمائهم وأراضيهم وكل ما عندهم. إن الركاكة في الصياغة والجهالة في معرفة الأصول الشرعية وربما الهوى و(التقية) هي التي تجعل د. الهيل يسقط هذه السقطات المدوية إلى درجة أنه يترحم على نصراني أو ثوذكسي هو الناشط الفلسطيني أدوارد سعيد.. وأدوارد سعيد يستحق أن يوصف بأنه كان منصفاً في موقفه من القضية الفلسطينية والتهجير واحتلال الأرض.. ولكن ذلك لا يغير من قول الله سبحانه وتعالى(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ولا قوله سبحانه (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {9/113} وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) إلى آخر الآيات. لا نريد الإطالة في الحديث عن شخصية د. علي الهيل ونكتفي بهذا القدر وكما قالوا يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق وفي هذا بيان ولسوف تنجلي وتنكشف الحقيقة كاملة عما قريب والآن نعود إلى مقالة نقد الفكر الديني وعنصرية العرب والقرآن الكريم. إقرأ غداً في أصل المسألة كمال عمر .. باي باي كمبورة