في تسعينيات القرن الماضي بدأت خطوات التراجع للسودان ولاقتصاده ففي تلك الأعوام استخرجت الحكومة البترول وأبدت جسارة فائقة في مناهضة الحصار الاقتصادي المفروض عليها من امريكا وخرج البترول للسطح وتم نقله بالأنابيب لمصفاة الجيلي الشهيرة التي تقف شاهدة على انتصار السودان على دول الاستكبار ونسبة للرفاهية البائنة بينونة كبرى على دول النفط حلم السودانيين بالرفاهية ايضا والعيش الكريم لكنهم فعلوا كما فعل المسلمون يوم احد فقد انبهروا بالبترول وتركوا الزراعة والانتاج الذي بدأ يزهر بعد ان أعلنت الحكومة في 1989 شعارها الأشهر (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع) وقد كانت خطوات تنفيذه تسير بانتظام وبدأت مشروع القمح في الشمالية واستصلاح الأراضي في الجزيرة والنيل الأزرق وكردفان الكبرى ودارفور الكبرى وولايات الشرق. سادتي على قدر ما كان هذا الشعار كبيرا على قدر ما اجتهد الجميع لتحقيقه ولكن السيد النفط جعلنا نترك كل شئ ونجري وراءه فأصبحنا نأكل ونلبس مما نصدره خاما ويأتينا مصنعا اي أننا نبيع منتجاتنا بثمن بخس ونستورده بأعلى الأسعار وندفع قيمة كل وارداتنا حتى تحول الدولار من سلعة بائرة الى سلعة ذات سوقين (أسود وأبيض) ودعونا من كل ذلك وانظروا لنغير نمطنا الاقتصادي فقد اصبحنا نأكل القمح المستورد والسكر المستورد ونشرب المياه الغازية المستوردة والزيت المستورد والدواء المستورد فحولنا ايراداتنا لمنصرفات بقدرة قادر وبدلا من أن نستثمر البترول جيدا في رفع اقتصادنا اصبحنا نصرفه على استيراد قوتنا بل وملبسنا والمتابع للسوق يجد الغزو الرهيب للملبوسات المستوردة بمليارات الدولارات وهي لا تنفع لشئ الا لتغيير سلوك أطفالنا وشبابنا. إذن سادتي نحن لا نحتاج لرفع الدعم عن المحروقات نحن نحتاج للعودة للشعارات التي تقوي الاقتصاد ولا تضعفه وهذا ما اتجه اليه المشير عمر البشير رئيس الجمهورية حينما قال للطلاب (سنعود لشعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع) وظني ان هذا الشعار هو ما جعل السودانيين يقفون مع الانقاذ في بداياتها وأوقات شدتها والآن راحت السكرة وجات الفكرة وراح البترول فعلينا الجلوس في (الواطة) للخروج من الأزمة التي سببها لنا ونسعد بما تبقى منه.