لعل تكرار الحديث حول توقف مراكز غسيل الكلى واضطرار المرضى لقطع الطرق احتجاجاً يلفت النظر إلى أزمةٍ لا تزال تتخلق منذرةً بخطرٍ داهم.هذا الواقع دفع آخر لحظة لزيارة مركز المرحوم د. حيدر محمود لغسيل الكلى بالقضارف لاستجلاء الأمر خاصةً مع أعمال الصيانة التي تطال طابقه الثاني . ماذا هناك؟ عندما دلفت إلى داخل المبنى كانت أعمال ترميم سقف الطابق الثاني لا تزال مستمرة ما زاد خشيتي أن تكون قد أدت لأن يوقف المركز نشاطه ،إلا أن هواجسي تبددت وقد دفعت الباب لأجد العنبر ممتلئ بالمرضى الذين يخضعون لعملية الاس تصفاء الدموي . وبجلوسي لدكتور الفاضل بشير موسى المدير الطبي للمركز علمت أن عشر سنوات مرت منذ بداية العمل في العام 2003 ،ما جعله قبلة المرضي من كسلا وحلفا قبل تشيد مراكز بتلك المناطق .وأشار إلي أن عدد الماكينات ارتفع من أربعة في المرحلة الأولي إلي 17 تعمل منها 12 ماكينة بصورة جيدة بينها اثنتين لمرضي الكبد الوبائي.وقال المدير الطبي لمركز حيدر محمود لغسيل الكلى أنهم بتكاتف أهل الولاية وبدعمٍ سخيٍ من حكومتها تمكنوا من تجاوز كثير من العقبات التي أقعدت غيرهم .فالمركز بحسب مديره الطبي يقدم خدمةً مستمرة لمرضاه الذين يتجاوزون التسعين مريضاً على مدار الساعة .وحول الواقع بالمركز على ضوء الزيادة المستمرة في عدد المرضي وارتفاع تكاليف العلاج أوضح د.الفاضل أن التسيير الذي يوفره المركز القومي يبلغ 25 ألف جنيه ،ورغم انتظامها إلا أنها لا تكفي لمواصلة المركز عملة دون معوقات ،مبينا أن الدعم الذي يتلقاه المركز من ديوان الزكاة يسهم بقدر كبير في مقابلة تكاليف العلاج والتسيير العالية .واثني الفاضل على مساهمات المركز القومي لعلاج الكلي وديوان الزكاة والتأمين الصحي والمجلس التشريعي الذي يساهم أعضاءه بِجُعل من مرتباتهم دعما لخدمات المركز ، إضافة إلي عدد من الخيرين . الخدمات التي يتلقاها المرضي تنشط جمعية أصدقاء المرضي في تقديم الدعم للمرضي ،وهو دعم بحسب مدير الجمعية الصادق مصطفي يتمثل في توفير القسطرة والوجبات الغذائية و50% من تكلفة العلاج،مشيدا بمساهمات التامين الصحي والزكاة والمجلس التشريعي وبنك السودان ورجال البر والإحسان ،وهي مساهمات قال إنها من عوامل استمرار المركز في تقديم خدماته للمرضي بالولاية.وقد تلمسنا مقدار الرضي الذي يبديه المرضي امتنانا بجودة الخدمات المقدمة والأدوار التي تلعبها إدارة المركز وجمعية أصدقاء المرضي ،وعن ذلك قال لنا العم عبد المطلب يونس، احد أقدم المرضي بالمركز(الله يجزيهم خير فقد اخلصوا في عملهم )،داعيا الجميع لمد يد العون للمركز ليواصل في تقديم خدماته لتخفيف معاناة مرضي الفشل الكلوي بالولاية. الباحثة الاجتماعية هند عثمان الفكي قالت بان الدراسة التي أجرتها حول تأثير مرض الفشل الكلوي على الإنتاج والتنمية كشفت عن أن هذا المرض يؤثر على قدرة الشخص على الإنتاج ويخرجه نهائيا من دائرة العمل خاصة في الأعمال التي تتطلب عملا عضليا،مشيرة إلي تأثيره يمتد على بقية أفراد الأسرة نسبة لأنه يستنزف موارد ومدخرات الأسرة في الإنفاق على شراء الأدوية ذات الكلفة العالية خاصة على الأسر رقيقة الحال.وأشارت هند إلى أن المركز بالقضارف يقدم مساعدات غير مسبوقة،حيث لا يكتفي بمجانية الغسيل وتوفير مستهلكاته فقط ،بل يسهم في توفير خمسين في المائة من تكلفة الأدوية من خلال توفير الاشتراك في التامين الصحي بدعم من ديوان الزكاة ،فضلا عن توفير نثريات الترحيل لمن يعجز من المرضي.وأوضحت أن المركز يقدم وجبة مجانية لكل المرضي الذين يتلقون الغسيل بالمركز بصورة راتبه وبسؤالنا للباحثة الاجتماعية عن ابرز التحديات والمشكلات التي تواجه المرضى قالت إن فصل الخريف وانقطاع الطرق يحرم كثيرا من المرضي من جلسات الغسيل ،داعية لتوفير استراحة دائمة لتسكين المرضي القادمين من القرى البعيدة،كما شكت من أن عدم توفر التمويل الكافي يقود إلي انقطاع العلاج ،مؤكدة علي أن المريض يحتاج إلي حزمة متكاملة تتضمن الغسيل والدواء والغذاء المناسب. أعمال الصيانة بعد اطمئنانا على أن أعمال الصيانة لم تؤثر على سير العمل بالمركز توجهنا بسؤال للمهندس الصادق مصطفي محمد نور المدير الإداري حول الأمر فقال إن الصيانة بتمويل من وزارة المالية بالقضارف لمعالجة بعض المشاكل في سقف الطابق الأول بكلفة إجمالية تبلغ 750 ألف جنية.ويمكن اكتمال عمليات الصيانة ،المقدر لها أن تنتهي بنهاية العام الجاري من إضافة عنابر التنويم ،غرفة العمليات والمكاتب الإدارية ،مشيرا إلي أن المرحلة القادمة ستشهد بإذن الله البدء في تشييد مجمع العمليات المتكامل .