رفض الخبير الاقتصادي السيد إبراهيم منعم منصور المشاركة في فعاليات الملتقى الاقتصادي الاخير وبعث برسالة لرئيس الملتقى مبيناً فيها بأن معالجة الاقتصاد السوداني لن تتحقق الا عبر الحلول السياسية ووقف الحروب التي انهكت خزينة الدولة لسنوات طويلة وقد صدق الرجل فيما نسب اليه بالاضافة الى ذلك الخلل الاداري الهيكلي الذي يبتلع بشراهة معظم عائدات الناتج القومي فهناك وفي هذا الوطن الجريح «18» ولاية قابلة للزيادة و«176» محلية ايضاً قابلة للزيادة وفي كل ولاية عدداً من الوزراء والمستشارين بجانب الوالي ونوابه وذلك الجيش الجرار من العاملين معهم من سكرتاريين ومدراء مكاتب وحراسات وسائقين لاكثر من عربة ومنازل حكومية معفية من الضرائب والكهرباء والماء، واما المجالس التشريعية فحدث ولا حرج فهناك مجلس تشريعي في كل ولاية من الولايات ال«18» ومعتمد في كل المحليات ال«176» فانظر واندهش لعدد الأصفار التي توضع شهرياً أمام تلك الأرقام المالية المهددة كمخصصات وعلاوات وبدلات لذلك الرهط من الدستوريين في الولاية الواحدة ناهيك عن الوزارة المركزية في العاصمة والتي اتسم منسوبيها بكثرة الاسفار الخارجية المتعددة لدول بعيدة ما كنت اعلم بأن لنا مصالح مشتركة معها وهي التي تقع في ركن قصي من الكرة الأرضية حيث يتحصل ذلك الوزير على العملات الصعبة التي نحن في امس الحاجة لها لاستيراد الأدوية الحياتية من الخارج ولا يمكن ان نغفل المجلس الوطني القومي ومجلس الولايات وما يصرف على كل أجهزة التشريع في الدولة والله نحن نحترم كثيراً كل من أوكلت له مهام في إدارة شؤون هذا الوطن، ولكن الحديث عن ازمة اقتصادية وملتقى اقتصادي دون التفكير في إعادة صياغة وهيكلة الدولة السودانية فمن الطبيعي أن يكون المصير المحتوم هو الفشل ليصبح ذلك الملتقى الاقتصادي ليس الا فرقعة اعلامية لا تُغني ولا تُسمن من جوع وان اي حديث عن ترقية الاقتصاد السوداني ومعافاته من أمراض التضخم والشيخوخة لن يتحقق الا اذا عدنا وبشجاعة للأقاليم الادارية القديمة وذلك التقسيم الذي يحارب النعرات القبلية بعد ان صارت دارفور خمسة ولايات وكردفان ثلاثة كلاهما قابل للزيادة وايضاً الولايات الاخرى فالعودة الى الإقليم الشمالي والإقليم الأوسط وإقليم دارفور ثم كردفان والإقليم الشرقي بالاضافة الى العاصمة المثلثة الخرطوم فيه ترشيد للصرف وتوفير لتلك الميزانيات المهددة التي نحتاجها لضروريات اخرى، كما اننا بذلك نضع حداً للجهويات التي بسببها صيغت تلك الولايات المستحدثة والضارة كثيراً بمستقبل استقرار هذا الوطن وإن لم يكن القرار في ذلك آنياً فليكن عبر الدستور القادم صاحب الكلمة الملزمة في هيكلة الدولة السودانية الحديثة. //