جَنَّ الشيء يُجنه جَنّاً.. أي ستره.. وكل شيء ستر عنك فقد جُنَّ عنك.. وجُنَّة الليل يجنه جنا وجنوناً.. ستره.. وبه سُمي الجن لاستتارهم.. ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه.. قال دريد بن الصمه: ولولا (جنون الليل) أدرك خيلنا بذي الرمث والأرطي عياض بن نائب فتكنا بعبد الله خير لداته ذئاب بن أسماء بن بدر بن قارب وقال سلامة بن جندل: ولولا جنان الليل ما آب عامرٌ الى جعفر سربالُهُ لم تمزق ومنه قوله تعالى: ( فلَّما جن عليه الليل رأى كوكباً...) الآية (76) الأنعام، ويقال لكل ما ستر جنّ.. والمجنون المعجب بنفسه أو بعمله، وفي الحديث (اللهم إني أعوذ بك من جنون العمل...)، أي من الإعجاب به، وقد جاء في حديث آخر: ( أنه رأى قوماً مجتمعين على إنسان فقال ما هذا؟.. فقالوا مجنون.. قال هذا مصاب.. إنما المجنون الذي يضرب بمنكبيه وينظر في عطفيه ويتمطى في مشيته). والدكتور اللواء الركن طبيب الطيب إبراهيم محمد خير لا يضرب بمنكبيه ولا ينظر في عطفيه ولا يتمطى في مشيته، إذن هو غير مجنون ولا هو مصاب، ولكن راجت شائعات كثيرة عن ذلك، وتناقلت مجالس المدينة هذا الحديث وروجت له جهات كثيرة والرجل لا يلقي لهذه الترهات بالاً، وهو يكد ويجد في إخراج أطروحته العلمية والتي سينال عنها درجة الدكتوراة وهي المهمة التي أوقف عليها حركاته وسكناته في الفترة الماضية، ولن نسبق الجامعة والدكتور والمشرف على بحثه فنقفز الى النتائج التي نراها رأي العين.. والباقي مسألة وقت لن يطول بإذن الله. كان مسجد الإمام مالك جوار إستاد البشير بميدان جامسكا بالثورة الحارة 18 بأم درمان، موقعاً لعقد قران كريمة د. الطيب إبراهيم محمد خير على ابن خالها وعمها اللواء عوض عثمان محمد خير.. العريس مهندس، والعروس صيدلانية تحفظ كتاب الله عن ظهر قلب.. ووكيل العروس سعادة المشير البشير.. والمأذون د. أحمد خالد بابكر.. وقد سبق د. الطيب خطبة النكاح بكلمة رصينة رحب فيها بالضيوف، وهنأ العروسين ونوه بفضلهما، وذكر تفاصيل مهمة من حياة الأسرة الكبيرة والأسرة الصغيرة التي بدأت طور التكوين بعد عقد القران، لكن الدكتور الطيب الحصيف (الحريف) قصد أن يقول للجمع الكريم ومن بعده للآخرين حيث سيبلغ الشاهد الغائب، بأنه يتمتع بصحة بدنية وذهنية عالية جداً، فقد بدا وكأنه العريس نظافة وظرافة وقيافة.. وسروراً وحبوراً ونوراً.. تبارك الله أحسن الخالقين.. ولم ينسَ د. الطيب تشجيع الشباب والكهول على الزواج مثنى وثلاث ورباع.. وأصّل لهذه الدعوة بالأسانيد الصحيحة والأقوال المأثورة وبرع وتفنن في عرض أفكاره، ودعا لتجديد مسجد الإمام مالك، فهمست في أذن د. عبد الرحمن الخضر بأن الطيب (كلام وشحّاد)، طبعاً في سبيل الله، فالرجل زاهد لا يطلب لنفسه شيئاً، وهو مثال في الاستعفاف لا يضاهى. كان في العقد مناسبتان جمعتا معاً، فالعريسان أبناء اللواء عوض عثمان محمد خير، والعروستان واحدة بنت الطيب والأخرى بنت عمها، جمع الله بينهم على خير ورزقهم من الطيبات والبنين والبنات. عقل دكتور الطيب (يوزن بلد)، خاصة مثل بلادنا هذه التي كثرت فيها الشائعات، (أنا أكره كلمة الشمارات جداً)، ولا أستخدمها، لكنها مع الأسف الشديد رائجة قولاً وعملاً وتعدت مجالس النساء الى كبار الرجال، فلا يستحي راجل (بشنبات) من أن يقول لك (عندي ليك شمار حار!!).. أو على هذا النحو من العبارات، وهو أمر كريه منهي عنه، بل لا يتسق مع كريم الأخلاق.. فمن الذي أطلق شائعة أن الطيب جنّ، وأنه مربّط بالجنازير!! لا أدري، وإن كان سواد الناس لا مصلحة لهم في مثل هذه الشائعات، ولا تمس اهتماماتهم.. فهل فعلها الساسة؟.. لست أدري!!.. والطيب (مجنون فعلاً لكونه مستتراً عن أعين الناس بالتفسير الذي صدّرنا به هذا المقال ولابس (ملكي) بعدما أحيل الى التقاعد بالمعاش من الخدمة العسكرية التي وهب لها حياته بسخاء، فقد كان يكفيه أن يحمل الرتبة العسكرية ويخدم في مجال تخصصه كطبيب تخرج في كلية الطب جامعة الخرطوم، لكنه آثر أن يكمل كل الدورات العسكرية الخاصة بضباط المشاه حتى نال الماجستير في العلوم العسكرية بعد مروره بكل الدورات الحتمية للمشاه من قادة سرايا الى قادة كتائب الى قادة ألوية، وحمل لقب (أركان حرب) كأول طبيب ينال هذه الدرجة الرفيعة في العلوم العسكرية.. والطيب حركة إسلامية منذ عهد الطلب، لذا فإن فرصته في دخول الجيش في العهد المايوي كانت صعبة، ولعل الناس لا يعرفون بأنه استبعد من كشوفات الأطباء الراغبين في الالتحاق بالسلاح الطبي، لكنه دخل بأمر مباشر من الرئيس نميري لقائد السلاح الطبي عبد السلام صالح إذ قال له (أخدو الولد ده.. في دكتور عمل انقلاب؟). وظل الطيب يؤدي واجباته الإنسانية والعسكرية والتنظيمية بلا أي مضايقات، فواسطته هو الرئيس القائد جعفر نميري الذي لا تجمعه به أي علاقة من أي نوع، لكنه تدبير المولى سبحانه وتعالى.. وبقية القصة معروفة. لقب (سيخة) لم يكن له أي وجود في حياة الطيب قبل الإنقاذ.. لكن الطيب يعترف بأنه وآخرين (فرتكوا) حفلاً للإتحاد التابع للإتحاد الاشتراكي بجامعة الخرطوم، بعدما حل الإتحاد الذي يضم الإسلاميين، فعندما غنى ترباس (الجنيات الجروا).. قطع الطلاب الإسلاميون الكهرباء عن المسرح، وجدعوا كم كرسي!! (فجاطت) الحفلة وجرى الفنان والمنظمون. وهذا هو المفروض،،