من حق أي شخص يقدم نموذجاً للإنسان الصالح الناجح أن نكتب عنه، وخاصة إذا كان هذا الشخص يتقلد منصب المسئول، حتى يكون قدوة للآخرين.. وعندما كتبنا من قبل عن الدكتور عبدالله أحمد التهامي كان ذلك من هذا الباب.. باب أن يحتذي به المسئولون عندنا ممن يحسبون أن المسئولية (وجاهات) وتشريف وامتيازات وفي بعض الأحيان تسلط على عباد الله. قصدت أن أنقل تجربة الرجل من باب حرصي على المصلحة العامة، ويشهد الله ما كانت تجمعني بالرجل علاقة أو حتى أعرف أين هو وقتها.. ولم أتوقع أبداً أن تجد حروفي المتواضعة في حق الرجل كل هذا الإهتمام لدرجة أن يتواصل سيل المحادثات الهاتفية والحكايات عنه حتى أمس.. من شندي والكاملين، وشمال كردفان والخرطوم وغيرها.. وحقيقة ذهلت بما سمعت وأحسست أنني لم أكتب عن الرجل شيئاً بعد الذي سمعته.. ولكم أن تتخيلوا أن الرجل وهو وزير للتربية والتعليم (سابقاً) يدخل الفصول ليدرس الطلاب والطالبات، كل ما زار مدرسة ووجد أن هناك حصة شاغرة.. وأنه كان يعطي رقم هاتفه الخاص للطلاب للإتصال به كلما واجهتهم مشكلة.. وعندما قررت الحكومة نقله من شندي الذي كان (محافظاً) لمحافظتها خرج الأهالي رافضين القرار ومطالبين ببقائه.. وفيهم من ذرف الدموع على رحيله عنهم.. وفي الكاملين الحكايات عن التهامي بلا نهايات.. فالمجتمعات الكبيرة والصغيرة هناك ما زالت تذكره بالخير، رغم مغادرته للمنطقة من قبل ما يقارب العشرة أعوام. كلها حكايات روتها لنا الاتصالات الهاتفية التي وصلتنا معقبة على ما سطرناه من قبل.. ولا نحس بالحرج ونحن نرويها لكم اليوم.. لأنها تستحق أن تروى.. وتستحق أن تكون مثالاً يحتذي به المسئولون.. ممن يجهلون أن المناصب أمانة مسئولون عنها أمام الله والشعب والتاريخ.. ويجهلون أن المناصب زائلة وأن البقاء للأعمال الصالحات والسيرة الطيبة. ترى كم محافظ..(بالقديم) أو معتمداً- (بالجديد) عندنا- لم يرهم أهل محليتهم، ولا يعرفون حتي أسماءهم.. لأنهم يعيشون في أبراج عالية، ويتعاملون مع المواطنين وكأنهم من الدرجة الرابعة.. ترى كم أمثال هؤلاء.. وكم أمثال الدكتور عبدالله أحمد التهامي عندما ترك المنصب قبل سنوات خلت وتفرغ للعمل الدعوي لله سبحانه وتعالي.. كم مثله ممن ترك سيرة عطرة تتناقلها الأجيال وأعمالاً خالدات.. في التعليم والصحة وغيرها من مرافق بكل من الكاملين وشندي وكردفان. إنها تجربة علينا أن نستفيد منها وأن يجعلها المسئولون نصب أعينهم ويسيروا على نهجها.. مثلما استفدنا منها نحن، وهي تعلمنا أن الكتابة ليست بالنقد وحده.. وأن الكتابة عن الخيرين هي خير . شكراً لكل من اتصل علينا أو إلتقانا ليحدثنا عن تجربة رجل هو مثال للرجل المسئول، الذي يدرك أن المسئولية أمانة، وأنها يوم القيامة خزي وندامة.. شكراً لأهلنا في كردفان وشندي والكاملين.. وشكراً للدكتور عبدالله أحمد التهامي الذي سطر اسمه بأحرف من نور.. نسأل الله له الأجر العظيم والتوفيق والسداد في مشواره مشوار الحق والدعوة إلي الله.