عوالم من الدهشة والجمال قضيناها خلال الرحلة القصيرة الطويلة إلى أندونيسيا، حيث الطبيعة الساحرة والجمال وتعانقت ليالي الفرح الخضراء وزرقة المحيط وسلاسل الجبال التي أحاطت بالجزر في مشهد يخلب الأبصار.. «سبعة أيام» قضيناها.. وكانت ذكريات باندونق (1954) و الزعيم الأزهري و الزعيم سوكارنو والشيخ أحمد سوركتي تفوح من المحيط كأريج الأزهار والأعشاب البحرية وملونة كأصداف المحيط التي تناثرث بجمال يحكي مسيرة علاقات ممتدة منذ الخمسينات والتي توجت في تسعينات القرن الماضي، حيث شهدت العلاقات السودانية الأندونيسية تطوراً في كافة المناحي الدبلوماسية والاقتصادية، ومعلوم أن السودان كان ضمن 26 دولة شاركت وكان أن رفع الزعيم الأزهري علم السودان على ورق أبيض بتشجيع من الزعيم سوكارنو ومايزال العلم معلقاً حتى الآن في متاحف أندونيسيا. وتضم أندونيسيا التي تقع في جنوب شرق آسيا أكثر من 175 ألف جزيرة.. وتسببت تجارة البهارات والمصنوعات اليدوية الرائعة في شهرة أندونيسيا وانفتاحها على العالم، وتعد عاصمتها «جاكارتا» من كبريات المدن العالمية، تعج بالمتاجر والدكاكين والعديد من المطاعم والمعارض والمراكز التجارية، ويتعانق الشقان الروحي والمادي في هذه المدينة الناشطة الراقية بمساجدها المهيبة وجمالها الفاتن، و معالمها السياحية والتاريخية المتنوعة. وفي إطار تفعيل العلاقات بين البلدين كانت الدعوة من وكيل وزارة السياحة الأندونيسية وسفير جمهورية أندونيسيا دكتور سوجاتميكو وحرمه «ناني» لزيارة معالم ثقافية سياحية لعدد من الإعلاميين ووكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية. أندونيسيا درة سودانية خالدة: ظل اسم أندونيسيا محفوراً في وجدان السودان، فلقد تغنى بها الشعراء، ونظم فيها تاج السر الحسن درة غالية تقطر رومانسية وحباً و وطنية، و تغنى بها الكابلي قائلاً:« عندما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمة.. ويطل الفجر في قلبي على أجنح غيمة.. سأغني آخر المقطع للأرض الحميمة.. للظلال الزرق في غابات كينيا والملايو .. لرفاقي في البلاد الآسيوية للملايو و لباندونق الفتية.. لليالي الفرح الخضراء في الصين الجديدة.. ياصحابي صانعي المجد لشعبي يا شموعاً ضوؤها الأخضر قلبي.. وأنا في قلب أفريقيا فداي يا صحابي وعلى وهران يمشي أصدقائي والقتال الحر يجري في دمائي.. وعلى باندونق تمتد سمائي.. يارفاقي فأنا مازرت يوماً أندونيسيا.. أرض سوكارنو ولا شاهدت روسيا.. غير اني والسنا في أرض افريقيا الجديدة.. والدجى يشرب من ضوء النجيمات البعيدة..» إلى أن يصل في نهاية القصيدة إلى «أغني لرفاقي في البلاد الآسيوية للملايو ولباندونق الفتية والتي أعزف في قلبي لها ألف قصيدة». جاكارتا غير: بعد رحلة استمرت زهاء التسع ساعات من مطار الملك خالد بالمملكة العربية السعودية دخلنا من بوابة أندونيسيا الرئيسية، مطار سوكارنوالدولي، و هو بوابة أندونيسيا الرئيسيه، أطلق عليه هذا المسمى تيمناً بالرئيس الراحل سوكارنو، وصلنا المدينة التي استقبلتنا بدفئها ظهراً، ولفت نظرنا انتشار القباب والمآذن وطيبة الشعب الأندونيسي والمباني الشاهقة والطرق والتي حكت عن عراقة وتقدم المدينة.. من أبرز الملامح عربات الليموزين السوداء التي تحاكي أشهر الماركات وغالبيتها من الصناعة المحلية للبلد تقف في انتظار الوافدين إلى المدينة وبأسعار معقولة، تتسم جاكرتا عاصمة أندونيسيا بالازدحام، بها أحد أسوأ الاختناقات المرورية.. وتتسم المدينة بطابع عالمي متميز، فهي مدينة المتناقضات.. يقطن بهذه المدينة ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم، لذا فهي تقدم مزيجًا من اللغات والثقافات المختلفة. سفير السودان حضور مشرف: رغم الإزدحام المروري تمكنا من الوصول قبل ساعة من مواعيد لقاء سفير السودان بجاكارتا عبدالرحيم الصديق، والذي حرص أن يلتقي الوفد في حفل عشاء مصغر، كان في معيته طاقم السفارة والأستاذ طارق عبدالله و دكتور أيمن سالم رئيس الجالية. وتحدث السفير عن العلاقات الأزلية والتعاون لفتح آفاق أرحب في مجال الثقافة والثروة الحيوانية والسمكية والطاقة والتعدين والغذاء، مشيراً للاتفاق بين وزارتي الزراعة على زراعة 80 ألف هكتار أرز بالسودان و دخول عدد من الشركات إلى مجال التعدين وشراء الذهب، كاشفاً عن المنح التي قدمتها أندونيسيا للسودان للتعليم الجامعي وفوق الجامعي و الإعلام. وأشاد بدور الجمعيات الأهلية في قيادة المجتمع، وقال إن الميزان التجاري مازال لصالح أندونيسيا في حدود 700 مليون و تطرق السفير إلى موضوع الهجرة غير الشرعية لأستراليا، مشيراً لوجود مجموعات تعمل في تهريب البشر، وقال بإجراءات صارمة للحيلولة دون الأمر، وحذر من خطورة الموقف ومحاولات البعض ابتزاز الشباب الراغب في الهجرة، وأشار إلى أن القوانين السودانية لا تمنع الهجرة.