البوش لغةً هو الجماعة الكبيرة (كما يقول ابن سيده)، والبَوْشُ والبُوش جماعة القوم لا يكونون إلا من قبائل شتى.. وقيل هما الجماعة والعيال، وقيل هما الكثرة من الناس المختلطين كما جاء في لسان العرب لابن منظور. وفي العامية السودانية البوش المجتمع في الأفراح والأحزان، لكنه أغلب في الأولى، قال الشاعر: البوش بي وجودو بشوفو أضحى حفيل هِن نجوم لكن للبدر تنفيل.. أي للبدر فضل وزيادة. وأهل الشمال يقولون الباشا.. والبوش والباشي حفل العرس، وسواه جمعها بيشان.. وقد أقام قوش بوشاً بمناسبة عقد قران كريمته عائشة على المهندس فرح عثمان أحمد عبد الوهاب، فأمه خلق كثير، لكن اللافت للنظر كان الحضور الكثيف لأبناء الولايات الجنوبية، فمستشار السيد رئيس الجمهورية الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح الشهير بصلاح قوش النائب البرلماني بالمجلس الوطني عن دائرة مروي، أكد أنه رجل المهام الصعبة أينما ذهب وحيثما توجه، وقد كانت سيرته ومسيرته في جهاز الأمن والمخابرات وبصماته وعلاقاته الداخلية والخارجية، وتحركاته المعلنة والمستترة محل تقدير وإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء، وقد حفظ للجهاز هيبته وفي ذات الوقت أسس لعلاقة طيبة بين المواطنين والجهاز، وبين الإعلاميين وأهل الثقافة والفنون، وبين الجهاز وهو ذات الأمر الذي سار عليه خلفه ونائبه لفترة مقدرة المهندس الفريق محمد عطا المولى عباس نسأل الله له التوفيق.. وصلاح قوش الذي أسس (منظمة بنجد)، والحروف الأربعة هي الأحرف الأولى لمنطقة البلل ونوري والجريف والدويم (دويم ود حاج). وهي بالضفة الغربية (مجازاً)، وقوش من أبناء البلل ضواحي نوري، قدم خدماته الاجتماعية والتنموية الجليلة للضفة الشرقية كريمة، البركل، مروي شرق قبل الضفة الغربية، وأعماله وإنجازاته تغطي المنطقة كلها شرقاً وغرباً، وقد كان بعيد النظر، فما أن جاءت الانتخابات حتى كان اسمه وعمله قد سبقه، ولم يكن لينافسه في الدائرة منافس حتى أن أعرق بيوتات السادة الختمية وخلفائهم سارعوا الى مخاطبة الحسيب النسيب السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي وزعيم الختمية، لكي يدعم مرشح المؤتمر الوطني الفريق أول مهندس صلاح قوش اعترافاً بفضله وسبقه وعنايته الفائقة بأهل دائرته، وقد رسخت أقدام قوش في الدائرة بالقول والعمل، وظل وفياً لعهده ووعده الانتخابي، ولا يخالجني أدنى شك بأن قوش سيحقق للمنطقة نهضة تنموية كبرى بتعاونه المثمر والمستمر مع المركز وحكومة الولاية وأعيانها من أمثال الرجل السمح المهندس الحاج عطا المنان إدريس والذي ينهض هو الآخر بعبء ثقيل في المنطقة، الى جانب أعباء دائرته في الكلاكلة وأعماله الكثيرة والكبيرة أعانه الله، وهو الذي كان يسأل الله أن لا يبتليه بمنصب دستوري، فقد كان يردد أيام تشكيل الحكومة (اللهم حوالينا ولا علينا). ونعود الى بوش قوش والذي كان لوحة للوحدة الوطنية، وسوداناً مصغراً لا تفتقد فيه أحداً، كل ألوان الطيف السياسي والجهوي، والحكومة والمعارضة، والشرق والغرب، والغناء والمديح والأناشيد الوطنية، والأكل والشرب، والحلوى والفواكه، والخدمات الراقية. إذن لم تكن وليمة عادية تلك التي ازدحمت بها شوارع الخرطوم 2 والتي لم يعتد سكانها مثل هذا التواصل الحميم، فكل واحد (قافل عليهو بابو) ولا شأن له بغيره، لكن قوش كسر هذه القاعدة وجمع الناس كل الناس، خاصة أبناء الجنوب الذين احتضنهم الشمال منذ عدة عقود دون أن يندمجوا بشكل كامل في المجتمع، لذا فإنك تجد تجمعاتهم في أماكن محددة الكنيسة-الكمبوني- شارع الجمهورية..الخ، هذا هو حال الغلبة الغالبة منهم ربما يكون ذلك لأسباب نفسية، وكان يمكن لما رأيناه في بوش صلاح قوش أن يتكرر بنفس السيناريو ولكن!! ها هم أبناء الجنوب يجاهرونا بالانفصال ويسيِّرون من أجل ذلك المسيرات، ويرفعون اللافتات، وينددون بالوحدة مع الشمال، ويهددون بالانفصال، وها هي أمريكا تحشد لنا الحشود في مبنى الأممالمتحدة وتغيب عمداً أصدقاء السودان من الدول الكبرى مثل الصين وروسيا!! ويتمخض جبل نيويورك فيلد فأراً.. وتنفك عقدة لسان قادة الحركة فيزعمون أن الغالبية العظمى من أبناء الجنوب يؤيدون الانفصال وإقامة دولة جديدة خاصة بهم، وقد رأينا بأم أعيننا الحشود الهائلة التي خفت للقاء السيد الرئيس المشير البشير إبان حملته الانتخابية، لكن الأصابع الخفية جعلت حصيلة تلك الانتخابات بضع مئات من الآلاف ذهبت أصواتها للبشير، بينما ذهبت أصوات الغالبية منهم لمرشح الحركة المنسحب أو المسحوب ياسر عرمان مع أنه لم ينظم أي حملة أو يطرح برنامجاً انتخابياً، وما تفسير ذلك سوى أنه الأساليب الفاسدة والتي مهد لها بالأمس القريب الفريق سلفاكير عندما قال (لا تطالبوننا بمعايير الشفافية والنزاهة والحرية «الغربية»! عند إجراء الاستفتاء)، بما يوحي بغياب الحرية والنزاهة في الاستفتاء القادم والذي سيحدد مصير السودان كله، وقد أعجبني جداً تصريح د. كمال عبيد وزير الإعلام الذي قال فيه إن من يصوتون لصالح الانفصال من الجنوبيين سيفقدون حقوق المواطنة في السودان، وهذا منتهى العدل. ونحن نمني أنفسنا بالوحدة ونهرع الى المكتبة الصوتية لننفض الغبار عن أغنية يوسف فتاكي ياي بلدنا وكلنا إخوان- سودان بلدنا ياي!! ونردد منقو قل لا عاش من يفصلنا.. ولو فعلنا(من زمان) مثلما فعل صلاح قوش في البوش، لكانت النتيجة أفضل والله غالب على أمره. هناك عائلات قبطية مسيحية تقيم في الشمال منذ عهد بعيد، وقد تخلقت بأخلاقه وتحدثت بلسانه، ومن عادات أهل الشمال قديماً أن يصنعوا المريسة في البوش إكراماً للضيوف، فأقام (جرجس) بوشاً ودعا له أهل المنطقة، وتقابل رجل مع جماعة كانوا في بوش جرجس فسألهم (هو جرجس جابلكم المريسة؟).. فردوا عليه بصوت واحد (يا زول إنت جنيت كمان نشرب المريسة حقت الكافر؟). مبروك عاشة قوش وفرحانين لفرحك. وهذا هو المفروض،،