في حوار لم تنقصه الشفافية والإفصاح فيما طرح عليه من أسئلة كان الأستاذ علي عثمان محمد طه (نجماً على وشك الزماع) عن دائرة الضوء والإعلام والفعل العام، لمن يقرأ ما بين السطور، فإن الرجل والله أعلم - أراد أن يقول للجماهير وداعاً، بينما هو ينفي وجود خلافات داخل منظومة الرئاسة. ü تحدث الرجل إلى برنامج في الواجهة الذي يعده ويقدِّمه الأستاذ أحمد البلال لتلفزيون السودان وبثته - متزامناً - بعض القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والإسفيرية، تحدث بحميمية عن الرئيس البشير ورد له التحية على خطابه الحميمي في (قرِّي)، وأقر طه بأنه رشح خلفه في نيابة الرئيس وتم قبول الترشيح. ü مثلما نقل البلال لطه تشبيه البعض للتعديل الوزاري ببرنامج أغاني وأغاني وتغيير الفنانين وبقاء السر قدور في إشارة للرئيس الذي تحكمه صيغة تعاقدية مع الشعب لإكمال دورته الرئاسية حتى العام 2015، كان من المتوقع أيضاً أن يطرح عليه ما يشبه قصة الرجلين والمرفعين، إذ هجم المرفعين على أحدهما وتصارع الرجل والمرفعين فألقى الرجل المرفعين على الأرض وأمسك به، فمر رجل آخر فطلب منه صاحب المرفعين أن يعينه على المرفعين فهرع إليه ليعينه، وتحزم ثم تلزم وأمسك بالمرفعين، فما كان من الرجل الأول إلا أن ترك المرفعين لصاحبه وذهب. فصاح الرجل الثاني يا زول: مرفعينك!! فرد الأول ملتفتاً إليه مبتسماً إذا كان مرفعيني فأطلقه!! ü وبسبب هذا المرفعين فإن المعارضة قد قرَّرت أن تكون معارضة (على طول الخط) بدليل أنها لم تقدَّم خلال 24 سنة برنامجاً بديلاً متكاملاً، فإذا كانت في المجال السياسي تطالب بالديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، فهي لم تقدم نموذجاً لذلك في داخل أحزابها، فالديناصورات السياسية التي يتداولها الهرم والموت لا تفسح مجالاً لتداول السلطة في داخل أحزابها، أنظر إلى المهدي والميرغني والترابي ونقد الذي حضر ولم يجدهم وذهب وغيرهم حتى في الحزيبات المنشقة. وإذا كانت المعارضة في المجال الاقتصادي فقط تهيج مع كل موجة من ارتفاع الأسعار فهي لم تقدَّم برنامجها في المجال الاقتصادي لأنها باختصار لا تملك برنامجاً ولا رؤية في المجال - وأحدث دليل على أن المعارضة استمرأت أن تكون معارضة (على طول) مقابلة كمال عمر الأمين السياسي للشعبي الناطق الرسمي لأحزاب الإجماع الوطني - مقابلته لتصريح غندور الإيجابي تجاه الأحزاب الكبرى في المعارضة باتهامه بأنه يمارس خدعة جديدة، رافعاً شعار الإسقاط والتغيير الكامل واقتلاع النظام دون أن يكلف نفسه الصبر قليلاً واختبار مصداقية ما ذهب إليه خصمه السياسي، وقد كان الأحرى به كسياسي أن يقول: سنرى مصداقية ذلك ولكننا نشك في أنها خدعة جديدة.. والسؤال نطرحه على الترابي من أين أتيت بهذا الباقان العرمان الذي لم يره أحد من قبل بين صفوف الإخوان؟! ü قرأ أحمد البلال الطيب تصريحاً على ضيفه للسيد الصادق المهدي يتحدث فيه عن الديمقراطية، ولو كان الضيف من مدرسة الدكتور نافع علي نافع لرد مباشرة وقال له: خليو يطبق الديمقراطية في داخل حزبه. وهذا ما لم يقله طه صاحب مدرسة التأني والتريث وكظم الانفعالات. ü وما نخشاه مستقبلاً أن تضيق المنابر برجل مثل طه وهو يحمل ما يحمل من نفس خيرة بين جنباته يمكن أن يسهم بها في رأب تصدعات الجدار السياسي المتهالك وإعادة اللُّحمة للنسيج الاجتماعي الذي داهمته عاتيات العولمة والإفساد دون أن يعد لها العدة أو يجمع لها العتاد أو يُعد لها الزاد. ü وأن ينتقد طه البناء الشكلي الخارج عن الموضوع لحزبه المؤتمر الوطني فإن ذلك يحسب له ولحزبه. يحسب له بحسبانه يحمل رؤية للتغيير الشامل ويحسب لحزبه الذي بلغ من النضج ما يجعله يتقبل النقد العلني ويستفيد منه. ü بقي أن نقول لقد كان البلال موفقاً فيما طرحه على النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية، كما كان طه دقيقاً وعميقاً وشفافاً في إجاباته كعادته.. ولكنه كان كذلك دبلوماسياً وسياسياً لا يقول إلا ما يريد أن يقول، لا تستفزه الكلمة ولا يسوقه المحاور سوقاً كبعض السياسيين.. على كلٍّ فإن مشروع التغيير الشامل الذي يجتاح الحكومة والحزب معاً أدبٌ غير مسبوق إذا استطعنا أن ننظر إليه بمعزل عن (قرقرة البطون).