ü تفاجأ الوسط السياسي في الايام القليلة الماضية بتصريحات الباقان الأخيرة بإحدى الصحف العربية الصادرة في العاصمة البريطانية.. بأن قطار الوحدة قد ولّى ولم تبق قطرة أمل واحدة.. هذا التصريح المثبط للهمم والمحبط، والذي يجعل الانفصال الخيار الأفضل للجنوب.. في الوقت الذي تسعى كل المجهودات - شمالية وجنوبية - إلى جعل الوحدة خياراً جاذباً للجنوبيين في كل أنحاء العالم.. وبعدها بأيام أقل تصريحاته بعد لقائه بمسؤولين أمريكيين بأن الغرب يدعم الأنفصال .. الباقان الوحيد بين القيادات الجنوبية الذي يأخذ خطاً انفصالياً ومنفرداً تجاه العلاقة بين الشمال والجنوب.. والذين يعرفون الباقان جيداً يؤكدون أن طموحات الرجل كبيرة جداً لاعتقاده أنه خليفة للراحل جون قرنق ويحلم بحكم الجنوب يوماً من الأيام. ü الباقان ينتمي إلى قبيلة الشلك إحدى القبائل النيلية الكبرى المنتشرة في الجزء الشمالي لولاية أعالي النيل وحاضرتها ملكال، والرجل يجيد اللغة العربية بحكم أنه ترعرع في مدينة ملكال التي يعيش فيها الشماليون منذ زمن بعيد واستوطنوا فيها والذين يُعرفون لدى الجنوبيين تحت مسمى «الجلابة».. وأخطر ما تضمنته تصريحات الباقان،فقد قال: إن الوحدة لن تتم إلا إذا احتل المؤتمر الوطني بزعامة البشير الجنوب عسكرياً وهنا أخطأ الباقان في تقديراته السياسية.. فالرئيس البشير الذي أعلن مراراً وتكراراً بأن الحرب لن تعود مرة أخرى بين الشمال والجنوب ولن تنطلق أي رصاصة تجاه أي مواطن شمالي أو جنوبي، ودعا إلى خيار الوحدة لن يسمح بأن يحتل الشمال الجنوب عسكرياً.. لذا يأتي حديث الباقان لإحداث الانشقاق وإشعال نار الفتنة والخصام مرة أخرى، وهذا محال. ü في بالوناته الخطابية يدعي الباقان أن الحركة الشعبية تمارس بقدر المستطاع العملية الديمقراطية ومع الحريات الكاملة.. كما يؤكد أن الانتخابات التي جرت بالجنوب كانت حرة ونزيهة ولم تُسجل أي شكاوي في هذا الصدد.. فهل نصدقه القول؟؟ ü يتحدث الباقان عن القبلية في الشمال ويدعي أن النظام الحاكم نظام قبلي حيث الغلبة والسلطة لقبيلتي الجعليين والشايقية.. فمن ناحية وجود القبلية في الشمال هذه حقيقة والقبلية ليست في السودان و حده، فهي وجود تاريخي في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي وحتى في المجتمعات الغربية وإن كانت تأخذ مسمى آخر. ü الباقان الذي يكن عداءً صارخاً للعنصر العربي والشمالي ويعتقد أن العنصر الأفريقي صاحب المصلحة الحقيقية في السودان المترامي الأطراف.. فالباقان سيرته الذاتية تقول إنه تعلم العربية الفصحى التي يجاهر بها الآن من العنصر العربي أو كما يحلو لباقان تسميتهم «الجلابة» الذين استقروا بمنطقة أعالي النيل وخاصة بحاضرتها ملكال التي نشأ وترعرع بها الباقان وتشرَّب العلم والثقافة العربية فيها، وأصبح أحد الذين يُشار إليهم بالبنان بين السياسيين الجنوبيين بأنه يتقن العربية، وعُرف بالسياسي المثير للجدل.. لذا فهو ضيف دائم في عدد من فضائيات العالم وخاصة محبوبته قناة الجزيرة. ü عموماً نقول إن الباقان في نشاطه السياسي اللامحدود وطموحاته للوصول إلى الأعلى يختلف عن «تشي جيفارا» الثائر البوليفي الذي تمسك بالمبادئ بالرغم من مغريات السلطة والجاه والتوزير في كوبا، وآثر أن ينشر الثورة في كل بلدان أمريكا اللاتينية ولم يكن أنانياً ومجنوناً بالسلطة والجاه.. حتى لقى حتفه كأشجع ثائر خلًّده التاريخ في عالمنا المعاصر. ü فكل الذي نطلبه من الباقان.. أن يقلل من سرعته نحو الوصول للسلطة في أعلى قممها.. خاصةً وهو يتعامل مع قضية الانفصال التي ربما تعزز تداعيات وسلبيات تهدم المعبد الأساسي وتدمر كل من وجد بداخله.. ولكي لا نرى أن بقعة هامة من أرض السودان أصبحت أرضاً محروقة بفعل عمل سياسي غير مدروس ومتسرع تنقصه مراحل نمو طبيعية.. لذا نقول للباقان «لا» لتصريحاته.