هبوط طائرة المشير عمرالبشير في مطار جوبا في ظل الحرب والقصف المتواصل بين قوات سلفا وقوات مشار منحت الخرطوم «القرين كارد» للدخول بقوة على خط الوساطة لنزع فتيل الأزمة الجنوبية التي تطاولت بين الفرقاء الجنوبيين رغم محاولات الوساطه الإقليمية والدولية، فطبيعة الصراع وتعقيداته على الأرض الاستوائية بين رئيس دولة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت ونائبه السابق وخصمه الحالي د.رياك مشار. والحرب الدائرة على الأرض والورق في أديس أبابا تصعّب من إيجاد صيغة عادلة لإيجاد الحل. ومن هنا أشفق المراقبون على مهمة البشير في ظل ضبابية الرؤية وتمترس القادة السياسيين حول مواقف محددة في طاولة التفاوض، لكن الرئيس البشير ضرب بكل تلك التوجسات عرض الحائط بعد أن وقف على الحياد منذ تفجر الأزمة مما منح السودان الضوء الأخضر ليكون كوسيط باعتباره أقرب للأطراف المتصارعة فضلاً عن معرفته العميقة بطبيعة ومكونات المجتمع الجنوبي.. والآن العالم يترقب نتائج زيارة البشير إلى جوبا وإسقاطاتها على الأوضاع الأمنية والسياسية في الدولة الوليدة . وبالعودة إلى حديث سابق لسفير دولة جنوب السودان بالخرطوم ميان دوت في مؤتمر صحفي حول الأوضاع في الجنوب، حيث شبه ميانق مايدور بين قادة الحركة الشعبية بالجنوب بمفاصلة الإسلاميين في العام 1999م والتي بموجبها انشقت الحركة الإسلامية إلى مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي، مشيراً إلى أن إنشقاق الحركة الإسلامية كان سلمياً، لكن إنشقاق الحركة كان عسكرياً وفقاً لطبيعة تكوينها العسكري. ومن هنا يمكن للبشير أن يقرأ الملعب جيداً من حيث الاختلاف واختيار الطريق الثالث الخفي الذي يمكن أن يقود للحل بحكم مشابهة التجربتين، واستناداً للعلاقات والتجارب الأزلية بين الطرفين بجانب أهم ورقة المصالح المشتركة فكل تلك الأوراق لن تسمح للخرطوم بالجلوس في مقاعد المتفرجين، لذا اتخذ البشير تلك الخطوة لإخماد نيران الحريق قبل الوصول إلى السودان. ويبدو أن البشير قد خاطب القضايا التي تؤرق مضجع نظيره سلفاكير في خطابه عقب وصوله إلى مطار جوبا، و استقباله بشكل رسمي من قبل نائب سلفاكير جيمس واني إيقا، ودخوله في مباحثات مشتركة مع نظيره سلفاكير بالقصر الرئاسي بالعاصمة الجنوبية. وامتدت المباحثات لأكثر من 4 ساعات أعلن بعدها الرئيس البشير في مؤتمر صحفي بجوبا أن السودان لن يسمح باستخدام أراضية للهجوم على دولة الجنوب، مؤكداً حرصه على الاستقرار فى الدولة الوليدة. ووجه البشير كافة الأجهزة الأمنية السودانية باستقبال اللاجئين بالأراضي السودانية، مؤكداً أن العمل المسلح لن يحل القضية وأن المفاوضات هي المخرج لحل الأزمة بالجنوب. وتزامنت زيارة الرئيس البشير إلى جوبا مع بدء المفاوضات المباشرة بأديس أبابا بين وفدي أو طرفي النزاع الجنوبي جنوبي.. ويظل السؤال الذي يحتاج للإجابة: هل يستطيع السودان لعب دور الوسيط وينجح فيما أخفق فيه الآخرون في التقريب بين وجهات النظر بين الفرقاء الجنوبيين بحكم العلاقة الأزلية بين السودانيين؟ أم أن للأقدار رأي آخر؟ هذا ماستجيب عليه الأيام القادمة.