واليوم يا أحبة نواصل في وجع السياحة في غابة التمكين تلك المتوحشة المرعبة والتي احتشدت فيها الوحوش حتى صارت مملكة خالصة لها.. ليس السياحة بقصد جلد الذات أو إبداء الشماتة.. أو الضرب بقوة وقسوة على سنوات من العذاب اصطلى بنيرانها هذا الوطن الجميل.. واحترق باتونها شعبه الطيب المدهش النبيل.. القصد هو غسل الجروح وتطهيرها حتى نرتق الجراح لتبدأ في صحة وعنفوان.. وحسناً انتبه الأحبة «الإخوان» إنهم قد ارتكبوا أهوالاً يشيب لها رأس الولدان في الخدمة المدنية التي «جاطها» التمكين وهو يدفع بكل عاطل عن الموهبة وقاصر عن الخيال.. وأحياناً أتى إليها من لا يصمد أمام المال العام.. ومرات أتى من اعتقد أن المصلحة أو المؤسسة انما هي ملك خاص له يفعل فيها ما يشاء غير هياب من ضمير أو دين أو حتى سلطان.. ولأن التمكين بتلك الطريقة التي مارستها الانقاذ لمدى خمسة وعشرين عاماً وتزيد كان ظلماً فادحاً وخطيئة كبرى وتطفيفاً وتشريداً لمواطني أمناء وشرفاء.. هنا يجب على الحكومة إن كانت تنوي حقاً وصدقاً الرجوع إلى جادة الطريق بعد أن أغلقت طريق التسيس والتمكين أن تعامل الرجوع عن هذا الطريق معاملة التوبة النصوحة.. خاصة وأن الأحبة في الانقاذ ما زالوا يرفعون شعارات اسلامية عالية.. وما زالوا يُقْسِّمُون بفالق الحب والنوى إنما هم يحكمون بشرع الله.. هنا يجب عليهم أن يتوبوا توبة نصوحة من الذي اقترفته أيديهم من مظالم عبر التسييس والتمكين.. بل إننا نعتقد إن الأخطاء التي ارتكبت باسم التسيس والتمكين أجَلَّ خطراً من المظالم التي يرتكبها المسلم في حق مظلوم.. وشروط التوبة هي الإقلاع عن المعصية.. والعزم أن لا يعود لمثلها.. والندم على ما صدر منه.. وإن كانت المعصية تتعلق بحق انسان كالضرب وأكل المال ظلماً.. يجب أن يعود إلى المظلوم كل حق سلب منه لتكتمل أركان التوبة النصوحة.. أما انتم يا أحبة في الانقاذ فقد كان المظلوم من التمكين ليس مظلوماً واحداً بل عشرات الآلاف من المظلومين الذين أطاحت بهم مقصلة الصالح العام.. والآن يلزمكم الاقلاع عن المعصية والتي هي التسييس والتمكين وأن تندموا على ما صدر منكم.. وأن تردوا الاعتبار لكل مفصول بسيف الصالح العام فأصبح دمه مهدوراً.. نعم نحن نعلم أن تراكم مظالم ربع قرن من الزمان يجعل من إزالتها أمراً عسيراً ولكن لا بأس من البداية بإخراج وإنهاء عمل كل قيادي فاشل أتت به رياح التمكين من موقعه بعد أن يتبين لكم انه لا يصلح في موقعه بتاتاً.. بل كان هو من أهم عوامل فناء وموت مؤسسته أو مصلحته.. أما كيف ترد الحكومة الاعتبار إلى الذين أطاحت بهم سياسة التمكين والتسييس هي أن تفتح الحكومة الباب واسعاً لكل مفصول من الخدمة المدنية إذا كان راغباً في العودة وإذا كان ما زال قادراً على العطاء وإذا كان في مرحلة عمرية لا تتعارض مع التوظيف.. وهنا يمكن أن نقول إن في ذلك رداً للمظالم وجبراً للكسر ورتقاً للجرح.. أما الذين توسدوا الثرى.. والذين هاموا في فجاج الأرض وأركان الدنيا.. والذين «جنُّوا» هؤلاء لا أرى لهم رداً لحق إلا يوم الحق.. إن شاءوا صفحوا وإن شاءوا طلبوا القصاص..