ü لا أدري ماذا كان يضير حكومتنا لو أنها «أخذت الأمر من قصيره» وأعلنت حزمة إجراءاتها الاقتصادية بحيثيات واضحة تفيد بوقوع سياستنا الاقتصادية والمالية تحت براثن الأزمة الاقتصادية العالمية بدلاً عن «المقاومة» والحديث عن براءة اقتصادنا من الآثار السالبة للأزمة الاقتصادية العالمية... وأنها لم تؤثر لأننا أصلاً نعاني من المقاطعة والحصار الاقتصادي قبل وقوع الأزمة.. وقد يكون أثر الأزمة على اقتصادنا أقل أثراً علينا من سوانا وهذا صحيح، لكن أن لا تؤثر الأزمة العالمية علينا البتة فهذا أمر يحتاج إلى «فهَّامة»!! ولو وضعنا أمام الناس الحقائق المجردة إذن لتفهم الناس الموقف الذي فُرض علينا من عالم لا يعرف ولا يعترف بالحدود.. ولسنا بدعاً من الدول.. ولا اقتصادنا الذي يعتمد بصورة أساسية على عائدات البترول الذي انخفضت أسعاره في البورصات العالمية بصورة كبيرة.. وأن بترولنا لا علاقة لأسعاره بما يعلن في بورصة نيويورك.. ونقرأه في النشرات الإقتصادية عندما طار سعر البرميل حتى قارب المائتي دولار.. ثم هبط هبوطاً مريعاً وسريعاً فنزل دون السبعين دولاراً.. ثم أننا نفاوض لدخول منظمة التجارة العالمية منذ سنوات ولا نريد أو لا نعترف بأن للأزمة العالمية تأثيراً على اقتصادنا!! كيف؟ قولوا انتو.. ü من الواضح الآن أن الإجراءات التي أعلنتها وزارة المالية لم تساعد على استقرار سعر صرف الدولار فضلاً عن تخفيضه فلتبحث وزارة المالية عن أسباب أخرى غير التي أعلنتها .. ورجل الشارع يعرف أن الشركات الأجنبية في مجالات مختلفة كالاتصالات والبترول وغيرهما هي أكبر مشترٍ للدولار وبالتالي فهي المسئول الأكبر عن ارتفاع سعر الصرف للدولار وليس تجار السيارات والأسمنت والأثاثات.. وقد ارتفعت الأسعار ارتفاعاً جنونياً في أي سلعة وهي زيادات غير مبررة وفي أغلبها الأعم تعود الى جشع بعض التجار... وهلع بعض المواطنين وبين الجشع والهلع تدور الرحى التي طحنت دخول المواطنين وامتصت مدخولاتهم ومدخراتهم.. حتى سعر الثوم تضاعف مرتين!! هل هذا شئ يصدق!! ولم يترك غول الغلاء شاردة ولا واردة ولا محلية ولا مستوردة إلا ودمغ بصمته على أسعارها. ü السيد وزير المالية قال «إن سياسة السوق أو التحرير لا تعني الفوضي» وهذا قول سديد ولكن ماهي وسائل العلاج وتخفيف المعاناة على الجماهير؟ هل هي الرجوع عن سياسة التحرير واعتماد بطاقة التموين وتنظيم الصفوف أمام الافران والمخابز والبقالات والطلمبات فالعودة لذلك الماضي البغيض.. يعفي الحكومة على الأقل عن مسئولية إهمال ضروريات المعيشة بدلاً عن الفرجة أو الخروج بقرارات لا تسمن ولا تغني من جوع.. وثمة مسئولية تقع على كاهل المواطنين وهي العزوف عن شراء كل الكماليات وتغيير نمط حياتهم الاستهلاكي.. وعندها سيجد التجار أنفسهم أمام «إضراب غير معلن» من القوة الشرائية فيلجأون إلى «الكسر» وهو تخفيض اختياري للأسعار وتخلي عن الأرباح الفاحشة وتحويل للسلع من «سوق البائع» والذي يسود عند الندرة.. إلى «سوق المشتري» والذي يسود عند الوفرة.. وقد جربت جماهير العمال في عطبرة هذه السياسة في مواجهة تجار اللحوم بطريقة صارمة اضطر معها «الجزارون» إلى خفض أسعار اللحوم التي لم يجدوا من يشتريها وكان سلاح العمال ناجعاً.. بدون إثارة قلاقل أو مشاكل مع الدولة.. فقد كانوا يحرسون الدروب المؤدية إلى «الجزر» لمنع ضعاف النفوس من كسر الاضراب عن شراء اللحم، فليس ضرورياً ان نشتري كل ما تشتهيه نفوسنا.. وقد نعى النبي الكريم على أصحابه هذا النهج فقال «أوكلما اشتهيتم اشتريتم!!» حتى لا يذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا ويستمتعوا بها. ü إن ضنك العيش ابتلاء من رب العالمين.. وأن الاحتكار حتى ترتفع الأسعار أمر تحرمه عقيدتنا السمحة فبئس العبد المحتكر.. وأن الصبر وحده مفتاح الفرج.. وأن القضايا الكبرى التي تنتظر وتتطلب تماسك جبهتنا الداخلية.. وأن نعقد الخناصر ونرمي عن قوس واحد حماية لوحدة بلادنا.. وضماناً لسلامة وأمن أبنائنا.. ووفاء لعهودنا وعقودنا.. والتمسك بعقيدتنا.. والإصرار على مبادئنا.. فحكومتنا جاءت من رحم هذه الأمة.. ورئيسنا منتخب انتخاباً مباشراً من الشعب.. وهو يخشى الله قبل أن يخشى المؤامرات التي تحيكها له دول الاستكبار ويكرر في كل لقاء قوله تعالى «وفي السماء رزقكم وما توعدون..» إذن والحال هكذا علينا بالدعاء بأن يزيل الله البلاء والغلاء. ü إذا ذهبت بسيارتك إلى المنطقة الصناعية فإن المعلمين «سيجدون العطل وتشتري الاسبير وتدفع المصنعية.. والحال في حالو.. ثم يجربون وصفة ثانية وثالثة ورابعة حتى تصبح زبوناً دائماً.. هل دخل بعض صناع القرار المنطقة الصناعية؟؟ ربما.. وهذا هو المفروض،،