ان اعداد قانون ديمقراطي للانتخابات يسمح بالتداول السلمي للسلطة يتطلب الاستفادة من تجاربنا الانتخابية السابقة ومالزمها في سلبيات وايجابيات وممارسات خاطئة لنتجنب ماهو سلبي.. ان اختار نظاماً انتخابياً يتناسب والمرحلة القادمة من اجل الوحدة الوطنية والاستقلال السياسي.. ويلي متطلبات الشعب وطموحاته . ان القانون العادل هو ذلك القانون الذي يمكن الشخص من التمتع بكافة حقوقه الانتخابية في سهولة ويسر، بما يتماثل مع واقع الحال، ويحقق مقتضيات المآل، ونحن بصدد قانون انتخابات جديد في ظل عهد جديد، اذا ما تمكن من تجاوز ازمة الحكم الحالية بالوصول لفترة انتقالية، وفي ظل حكومة انتقالية يمكن وضع قانون للانتخابات يحقق المقصود منها، اذ ليس صحيحاً ما يقال ان الفيصل في الديمقراطية هو صندوق الاقتراع، اذ اتضح جلياً ان هذا وحده لايكفي، وأن خيار الأغلبية ليس في كل الأحوال خيارًا صائباً ،واذا كان لابد من ذلك التمييز بين الأقلية والأغلبية«كحل» فانه ينبغي ان نضع حساباً للأقلية بشكل أو بآخر.. وفي رأي يمكن تحقيق هذا عن طريق التمثيل النسبي للقائمة المغلقة. الانتخاب بالقائمة الانتخاب بالقائمة يعني تقسيم البلاد إلي دوائر انتخابية كبيرة، أو اعتبار الدولة كلها دائرة واحدة، ويتقدم المرشحون في صورة قوائم، تضم كل قائمة عدداً من المرشحين(وفقاً للقانون).. ويكون من حق الناخبين في كل دائرة أن ينتخبوا العدد المعين في القائمة وفقاً للنظام المتبع سواء كان عن طريق القائمة (المغلقة) أو «التفصيلية أوالمفتوحة. ولكل من هذه الطرق ايجابياته وسلبياته ولا نود أن نخوض في هذا كثيرًا.. لكننا سنركز علي الدائرة المغلقة لأنها أكثرًا شيوعاً من القائمة التفصيلية المفتوحة لبساطتها من حيث حصول النتيجة وسهولة الاقتراع وهي الوسيلة التي اجريت بموجبها الانتخابات السابقة، واثبتت فعاليتها، وخبرها الناخب غير اننا نقترح الآن بعد التجربة السابقة ان تكون الدائرة اكبر من التي كانت عليه في السابق، وقد كان يري المؤتمر الوطني ان تكون الولاية هي الدائرة الانتخابية بالنسبة للانتخاب بالقائمة الا اننا وقتها رفضنا ذلك الا انني ارى ان ماذهب اليه المؤتمر صحيحاً ولا مانع لدي من القول به، بحيث تصبح الولاية هي الدائرة مع الغاء الدوائر الجغرافية، ومن ثم يمكن الاستغناء عن (مجلس الولايات ) بحيث ان الحاجة اليه قد انتفت اذا يصبح المجلس الوطني ممثلاً لكل اهل السودان بولاياته واقاليمه المختلفة. كما ان اعتبار الولاية دائرة يقلل من تكلفة الانتخابات، وكما هو معروف فان الانتخاب بالقائمة ينقسم إلي قسمين الانتخاب بالقائمة بالأغلبية والتمثيل النسبي، ولكلٍ ايجابياته وسلبياته أيضاً. مزايا الانتخاب بالقائمة انه يؤدي إلي أن يدلي الناخب بصوته دون تأثير بالقبلية أوالعصبية أو العائلة أو العلاقات الشخصية حيث يلتزم الناخب و يدلي بصوته للحزب!! وليس للأشخاص ، تحقيق العدالة في توزيع المقاعد، ويضع اعتبار للأصوات فلا تضيع الاصوات القليلة وهذا أمر مهم للأحزاب الصغيرة انه يشجع الناخبين للإدلاء بأصواتهم لاختيار الجهاز التشريعي، دون النظر للإفراد المرشحين، كما هو حاصل بالنسبة للانتخاب الفردي. الانتخاب بالقائمة يتيح فرصة للأحزاب الصغيرة من الحصول علي مقاعد في الجهاز التشريعي بقدر الاصوات التي حصل عليها، إذا اقترن الانتخاب بالقائمة بنظام التمثيل النسبي يعطي الانتخاب بالقائمة عن طريق التمثيل النسبي تمثيلاً عادلاً للأحزاب الصغيرة بحسب الاصوات التي يحصلون عليها، ويحصل علي استقلالية تلك الاحزاب، ولا يضطرها للاندماج في الاحزاب الكبيرة. إن الاقتراع يتم مرة واحدة. وهذا يقلل من التكلفة ويتجنب الخلافات السياسية والتآمر 0 يسمح الانتخاب بالقائمة عن طريق التمثيل النسبي بتكوين معارضة قوية من عدة أحزاب واتجاهات مختلفة نظام القائمة يضاعف من سلطة الناخب فهو في الانتخاب الفردي يصوت لشخص واحد فقط أما بالنسبة للقائمة فانه يصوت لعدد كبير من النواب، الأمر الذي يضاعف من دوره في تكوين الجهاز التشريعي القومي ويعطيه الإحساس بالوطنية، وانه شارك في تكوين الجهاز التشريعي جميعه وليس للفرد كما هو في النظام الانتخاب الفردي. سلبيات الانتخاب بالقائمة لا يعرف الناخب بعض المرشحين الموجودين بالقائمة رغم ذلك فهو مضطر لانتخابهم.. طالما ارتضى قائمة حزب معين 0 عدم إلمام النائب عن طريق الاقتراع بالقائمة بمشاكل الدائرة نسبة لاتساعها 0 انه يحرم المستقلين من خوض الانتخابات الأمر الذي يضطرهم للاتفاق علي قائمة تضمهم قد لا تكون متجانسة وربما تكون متعارضة 0 إنه نظام معقد خاص إذا تم عن طريق الانتخاب بالتمثيل النسبي. يؤدي إلي عدم استقرار الحكومات! حيث التحالفات التي تؤدي لإسقاط الحكومة من وقت لآخر. يحد من حرية الناخب في اختيار نائبه، حيث تقوم الاحزاب بذلك الاختيار، مما يجعل الناخب أما أن يقترع للقائمة كما هي أو أن يرفضها. هذه السلبيات وبالنظرة الي الايجابيات نجد انها قليلة جدًا، ونظرية اكثر مما يجب، خاصة اذا أخذنا بالتمثيل النسبي دون الحاجة الي حاجز انتخابي كما تم في السابق ويمكن للقانون ان يحدد طريقة لترشيح المستقليين وان اتساع الدائرة يتماشى ورأينا في استبعاد مجلس الولايات، ويقلل من الجهوية والقبلية الي حد معقول. الأسس الموضوعية للانتخاب بالقائمة والتمثيل النسبي تفادياً للمآخذ المنسوبة إلي نظام تمثيل الأغلبية عن طريق الانتخاب الفردي، وسعياً لأن تمثل كافة الاحزاب والاتجاهات السياسية في المجالس التشريعية علي نحو يتناسب مع التأييد الشعبي الذي تحظى به في الانتخابات فقد اتجهت الكثير من الدول الأخذ بنظام التمثيل النسبي، وهو نظام لا يمكن الأخذ به في حالة الأخذ بنظام الانتخاب الفردي، إنما يقتصر تطبيقه علي حالة الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة. ويتم الأخذ بنظام التمثيل النسبي حيث تتقدم إلي الانتخابات في كل دائرة أكثر من قائمة من المرشحين وتفوز كل قائمة بعدد من المقاعد المخصصة للدائرة بحسب نسبة الاصوات التي حصلت عليها في هذه الدائرة. يتميز نظام التمثيل النسبي بأنه يتيح الفرصة للأحزاب الصغيرة والأقليات للفوز بعدد من المقاعد في المجالس التشريعية الأمر الذي يثري الفكر والنقاش في تلك المجالس ويسمح لكافة اتجاهات الرأي في الدولة أن تطرح في تلك المجالس ماتراه ويكون للأقليات منفذًا شرعياً للتعبير عن أرائها والدفاع عن مصالحها .. كيفية الانتخاب بالقائمة عن طريق التمثيل النسبي أولا :- إذا كانت علي سبيل المثال دائرة انتخابية مخصص لها عشرة مقاعد وتقدمت للانتخابات في هذه الدائرة ثلاثة أحزاب مثلاً فحصلت قائمة الحزب الأول علي 50% من أصوات الناخبين في الدائرة، وحصلت قائمة الحزب الثاني علي 30% من الاصوات في ذات الدائرة، وحصل الحزب الثالث علي 20% من الاصوات. ففي هذا المثال حيث يؤخذ بنظام التمثيل النسبي فان الحزب الأول يفوز بخمسة مقاعد، ويفوز الحزب الثاني بثلاثة مقاعد، ويفوز الحزب الثالث بمقعدين. ثانيا :- وإن إعلان نتيجة الانتخابات في نظام التمثيل النسبي لا تكون دائماً ببساطة المثال السالف الذكر ذلك أن نسبة الاصوات التي تحصل عليها كل قائمة لا تؤدي دائماً علي حصول كل قائمة علي عدد صحيح من المقاعد المخصصة للدائرة، ففي مثال الدائرة التي يحدد لها عشرة مقاعد ويتنافس فيها ثلاثة قوائم من المرشحين يمكن ان تحصل القائمة الأولي علي 47% من الاصوات وتحصل الثانية علي 34% من الاصوات وتحصل الثالثة علي 19% من الاصوات. ففي هذا المثال حيث يؤدي الحصول علي 10% من الاصوات إلي الحصول علي مقعد واحد يحصل حزب القائمة الأولى علي 4 مقاعد كاملة، ويحصل حزب القائمة الثانية علي 3 مقاعد كاملة، ويحصل حزب القائمة الثالثة علي مقعد كامل واحد. وفي هذه الحالة تظهر مشكلة باقي الاصوات التي حصلت عليها الاحزاب ولم تحصل عليها علي مقاعد، حيث يتبقى في مثالنا السالف الذكر مقعدان لم يتم توزيعهما ،كما ان القائمة الأولى لم تحصل علي شيء مقابل 7%من الاصوات، وكذا لم تحصل الثانية علي شيء مقابل 4% من الاصوات، ولم تحصل الثالثة علي شيء مقابل 9%من الاصوات. وتختلف الدول فيما بينها في كيفية حل مشكلة الباقي، حيث تذهب أنظمة بعضها إلي ان تمنح المقاعد الباقية للحزب الحاصل علي اكبر عدد من المقاعد في الدائرة، وفي هذه الحالة يحصل في مثالنا السالف الذكر- الحزب الحاصل علي 4 مقاعد علي المقعدين المتبقين فيكون نصيبه الاجمالي 6مقاعد و تحصل القائمة الثانية علي 3 مقاعد وتحصل القائمة الثالثة علي مقعد واحد. وتذهب أنظمة انتخابية أخرى إلي أن توزع المقاعد المتبقية في الدائرة علي الاحزاب الحاصلة علي اكبر فائض من الاصوات ( أو اكبر البواقي ) وفي هذه الحالة يحصل في مثالنا السالف الذكر- حزب القائمة الأولى علي واحد من المقعدين الباقيين، ويحصل حزب القائمة الثالثة علي المقعد الثاني، ولاشيء بالنسبة للقائمة الثانية، حيث ان اكبر البواقي او فائض الاصوات تنحصر في 9%و7%.. يتميز نظام الانتخاب النسبي بأنه يتفق مع المنطق الديمقراطي ومنطق التمثيل الشعبي حيث يؤدي إلي أن يحصل كل حزب علي نسبة من مقاعد المجلس التشريعي مع مقدار ما يحظى به من تأييد شعبي من خلال الانتخابات ،كما انه يستعبد كلية بعض النتائج الشاذة التي يمكن أن تنجم عن نظام تمثيل الأغلبية كاستناد أغلبية المجلس التشريعي علي تأييد أقلية شعبية ،أو حصول حزب علي عدد من المقاعد النيابية يفوق حزب آخر رغم حصول الحزب الآخر علي عدد كبير من الاصوات وخير مثال لذلك نتائج آخر انتخابات ديمقراطية عام 1968