اقتربت مواعيد إجراء الاستفتاء لحق تقرير المصير للجنوبيين، واللافت للأنظار تهيئة قيادات الحركة الشعبية للمواطنين وتعبئتهم في الجنوب للتصويت لصالح خيار الانفصال- أو «الاستقلال» كما يقولون، وهناك قضايا كثيرة تحتاج إلى الحسم قبل الإقبال على صناديق الاقتراع، وأهمها وأخطرها ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، إذ من غير الممكن استفتاء شعب على رقعة أرضيه غير معلومة الحدود، فترسيم الحدود سيجعل إجراء الاستفتاء سلساً دون تعقيدات، ويجنب البلاد الانزلاق في أتون حرب جديدة، وكان المؤتمر الوطني قد قال صراحة إن إجراء تقرير المصير لجنوب السودان دون الفراغ من ترسيم الحدود لا يقود إلى استفتاء سلس وسليم، ويبدو أن الحركة الشعبية تتهرب من عملية ترسيم الحدود، إذ تغيب ممثلوها عن اجتماعات اللجنة لستة اجتماعات متواصلة، مما يؤكد أن الحركة الشعبية لا ترغب البتة في ترسيم الحدود، ونقول من جديد إن عدم ترسيم الحدود سيقود البلاد إلى المجهول، واندلاع حرب من نوع جديد قوامها الآلات العسكرية المتطورة أي حرب بين دولتين وليس حرب عصابات أو «غوريلا» كما كان في السابق.. والمتتبع للأوضاع السياسية في البلاد يجد أن الحركة الشعبية لم تلتزم بالعمل الجاد لتحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب، رغم نصوص الاتفاقية الواضحة التي تدعو شريكي الحكم للعمل من أجل تغليب خيار الوحدة، والحركة تطلب المستحيل لجعل الوحدة ممكنة، وذلك بإلغاء الشريعة وإقامة دولة علمانية في السودان، وعلى الحكومة المركزية والمؤتمر الوطني عدم الالتفات إلى وحدة فات أوانها، إذ إن الحركة الشعبية بدعم واضح من دول غربية وعلى رأسها أمريكا تنتظر التاسع من يناير 2011م لإعلان دولة الجنوب الجديدة. والمؤكد أن أولئك لا تهمهم وحدة السودان، ولا يسعون لها وتهمهم فقط مصالحهم، والمخططات الغربية تسعى جاهدة لتمزيق السودان، وجعله دويلات ضعيفة ومتناحرة لاستئصال المشروع الإسلامي في الشمال من جذوره، فهى مخططات باتت مكشوفة حتى لراعي الضأن في الخلاء، فينبغي أن لا نعول كثيراً على أمريكا وحوافزها، حيث أثبتت التجارب أن وعود المانحين أكبر كذبة، فعلى الحكومة أن تعي الدرس والالتفات إلى الشمال، إذ إن دولة الجنوب أصبحت جاهزة وتحتاج فقط إلى مظاهر برتوكولية لإعلانها رسمياً.