تبقت فترة «33» أسبوعا تفصلنا عن إجراء استفتاء يوم الأحد 9 يناير 2011م لتقرير المصير للجنوبيين لاختيار الوحدة أو الانفصال .. فعلى السودانيين الخلص تشمير سواعد الجد لقبول التحدي والحفاظ على وحدة السودان كما ورثوه من أجدادهم.. وطن «حدادي.. مدادي» كصحن الصيني «لا شق ولا طق» إذ أن الوحدة كما تعلمنا قوة ومنعة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، فمن غير المعقول أن نسمح للسودان بالانشطار في حين أن جميع الدول تسعى للوحدة فيما بينها وتوحيد عملتها، وما تجربة الدول الأوربية التي توحدت تحت راية الاتحاد الأوربي ببعيدة عن أذهاننا. نعلم علم اليقين أن الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية تحاشت الحديث عن نتائج الانتخابات وما شابها توطئةً لإجراء الاستفتاء للجنوب بسهولة ويسر، باعتبار أن الدولة الوليدة ستكون قاعدةً عريضةً للأمريكان في المنطقة. ونقول إن الحكومة المركزية عليها أن تدرك حقيقة الأوضاع الماثلة وتعمل بكل قوتها لتلافي انفصال الجنوب، رغم تضمينه في اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي لسنة 2005م ويمكن بالعمل الجاد وتعزيز فرص الوحدة بإنشاء المشاريع الاستثمارية أن تقنع الجنوبيين بالتصويت للوحدة رغم المرارات المترسبة في نفوسهم نتيجةً للحرب التي استمرت لعقدين من الزمان. وعلى الحكومة أيضاً أن تنهي مسألة ترسيم الحدود ومناقشة ترتيبات ما بعد الاستفتاء باعتبارها قضايا ستدخل الطمأنينة في نفوس الجنوبيين الذين فقدوا الثقة في الحكومات المركزية منذ الاستقلال. ومسألة ترسيم الحدود ستجنب البلاد شر الحروب والفتن مع الأخذ في الاعتبار أن المعارك الدامية التي وقعت في مناطق «بلبلة ومشيش» في الفترة الماضية تعود في الأساس لخلافات الحدود وقد تنفجر في مناطق أخرى في أبيي «وحفرة النحاس».. وأن متطلبات الوحدة «الجاذبة» تحتاج لتضافر الجهود وإزالة المرارات من نفوس الجنوبيين، ومناهضة «الانفصاليين» الجدد الذين يدقون طبول الحرب التي أنهكت الزرع والضرع طيلة السنوات الماضية، نعم الوحدة الحقيقية تتطلب بث التطمينات في نفوس الجنوبيين وإعلاء قيمة التعايش السلمي والديني في كافة أرجاء السودان، وعلى رأسها العاصمة القومية. وعلى قيادات الحركة الشعبية وعلى رأسهم الفريق أول سلفاكير ميارديت تشجيع الجنوبيين على الوحدة، وتحييد الجيش الشعبي لتفادي تكرار تجربة الانتخابات في الجنوب.. إذا أن الانفصال سيولد دولةً ضعيفة متناحرة، سيمّا وأن القبائل الجنوبية متناحرة أصلاً في ظل الوحدة بين الشمال والجنوب، فما الذي سيحدث حال انفصال الجنوب.. كل ما نخشاه أن يتحول الجنوب إلى بحيرة «دماء» كبيرة حال الانفصال.. نعلم أن المرارات في نفوس إخواننا في الجنوب لا يمكن إزالتها بين يوم وليلة ولكن الذي نعلمه جميعاً أن الإنسان بإمكانه نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة من أجل المستقبل والحياة الكريمة.