بدى الكثير من الخبراء والمسؤولين الاهتمام بأمر البيئة والتنوع الحيوي واعتقد العلماء بأن هنالك ما لا يقل عن «15» مليون نوع من الحيوانات والنباتات والكائنات الدقيقة، ونتيجة للاستهلاك المفرط للموارد بدأ التنوع الحيوي في التراجع كماً ونوعاً مما استدعى تدخلاً سريعاً لإنقاذه والمحافظة عليه بحيث تم إبرام العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية للمحافظة على النظم البيئية. **** وفي ذات الإطار كشف وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية د. حسن عبد القادر هلال خلال مخاطبته مشروع التخطيط الوطني لتنفيذ إستراتجية المحافظة على التنوع الحيوي، كشف عن عدد من الاتفاقيات البيئية الثنائية والإقليمية والدولية التي وقع وصادق عليها السودان من بينها التوقيع على الاتفاقية الدولية للتنوع الأحيائي وهي إحدى الاتفاقيات البيئية الدولية التي تمخض عنها مؤتمر البيئة والتنمية «قمة الأرض»، وقال إن السودان قد أوفى بالتزاماته تجاه مطلوبات هذه الاتفاقيات الإستراتيجية وخطط العمل والتقارير الوطنية وإن معظم آليات وتقارير الرصد والحصر قد أشارت إلى كوارث طبيعية وبيئية كتغير المناخ الذي نتج عنه ظاهرة الاحتباس الحراري والفيضانات والجفاف وتدهور الأرض التي فقدت صلاحيتها للإنتاج وازدياد وتيرة التصحر، بالإضافة إلى ما أحدثته الملوثات كيميائية كانت أم غيرها حيث تبع هذا انحسار واضح ومتسارع في مكونات التنوع الأحيائي مما أدى إلى اختفاء العديد من الأنواع من النباتات والحيوانات في بيئاتها البرية والبحرية، الأمر الذي زاد من الفقر والنزاعات والحروب ثم النزوح وهجرة الإنسان والحيوان في كثير من بلدان العالم والسودان، وأشار هلال إلى أن انفصال جنوب السودان لم يغير الخارطة الجغرافية فحسب، بل غيّر الصورة الإيكولوجية بقدر كبير، إذ فقد السودان الشمالي أحزمة إيكولوجية عرفت بثرائها بالتنوع الأحيائي والموارد الطبيعية وبقي السودان الشمالي بالأحزمة ذات النظم البيئية الأكثر جفافاً مما يعني هشاشة بيئاتها، معلناً أن الإحصاءات والأرقام والنسب المئوية التي ظلت تزخر بها أدبيات التنوع الأحيائي في التقارير والمجلات والكتب العلمية عن أعداد وأنواع الكائنات لم تعد تعكس واقع دولة السودان لذلك نحتاج إلى مسح بيئي واسع لمعرفة الأعداد الصحيحة وإيجاد معلومات وقواعد يعتد بها، ولابد من توفير التمويل اللازم وإبرام الاتفاقيات البيئية الثنائية مع دول الجوار وبالأخص دولة جنوب السودان بهدف صون البيئة والتنوع الأحيائي وحماية البيئة على الحدود. وأشار منسق مشروع تحديث إستراتيجية التنوع الحيوي د. أحمد سليمان الوكيل إلى أهداف الوثيقة والمتغيرات المهمة التي أعقبت الإستراتيجية السابقة التي من بينها المتغيرات الطبيعية والتي من أهمها تغير المناخ وما أحدثه من تأثيرات على التنوع الأحيائي وما يليه والفرص المتاحة للتكيف معه ودرء هذه التأثيرات بجانب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، ثم معالجة أمر إدخال التنوع الحيوي ضمن خطط التنمية الوطنية وتمويله بالسودان، مشيراً إلى العديد من المشاكل في الأراضي التي تستخدم من الدولة بشكل عشوائي لعدم وجود خارطة واضحة لها، وقال نتوقع من الإستراتيجية الجديدة التي تمت مراجعتها جرداً وحصراً تشاركياً للتخطيط واستصحاب الأهداف الوطنية التي تم إعدادها وتجديد المعلومات وتوضيح الوضع الراهن واتجاهاته والمؤشرات وسد الثغرات والفجوات في الإستراتيجية السابقة ووضع آليات لجذب القطاع الخاص الذي عندنا قصور في ربط حاجاتنا به وبينت الإستراتيجية عوامل فقدان التنوع الحيوي في السودان من بينها عوامل طبيعية واقتصادية واجتماعية سارعت من وتيرة مهددات فقدان التنوع الحيوي بالبلاد والتي في مقدمتها التغيرات المناخية والرعي الجائر والزراعة الآلية والحرائق والحروب والنزاعات الأصلية والتشوهات والإخفاقات الاقتصادية وبالمقابل ضعف القدرات المؤسسية والتشريعات والتخطيط غير السليم في استخدامات الأراضي، إضافة إلى انفصال الجنوب الذي غيّر من خارطة التنوع الحيوي.