بالنظر الى الخلفية التاريخية لقضية دارفور التي أصبحت فيما بعد قضية ذات أبعاد دولية، الشيء الذي نقلها من مربع المشكلة العادية الى مشكلة مستعصية الحل، لأنها أصبحت مصدر رزق ومعاش للكثيرين من تجار وسماسرة الحرب. النزاعات التي كانت تنشب في السابق صراعات عادية بسبب النشاط المتمثل في المجتمعات التقليدية، كالصراع حول الموارد، كما أن انخفاض الطاقة الاستيعابية للأرض كانت وراء مثل هذه النزاعات، التي لم تكن عصية على الحل، حيث إن الإدارة الأهلية والزعامات القبلية كشأن مجتمعات الريف السوداني تتدخل دوماً وتضع حلاً يجد الاستقرار دائماً، لعل هذا الصراع أوجد البيئة الصالحة لمثل هذه النزاعات التي تم استغلالها من قبل الحركات المسلحة، التي لا تعدو إلا أن تكون واجهات لأطماع دولية وأجندة خارجية ينفذها أبناء دارفور المعارضين، ولعل من أبرز أضرار حل الخلافات بالسلاح والحروب تحويل مجتمع دارفور المستقر والمترابط الى مجتمع معسكرات، بل تم تقسيمه والحق ضرر بالغ بنسيجه الاجتماعي، سعت الحكومة بجهد كبير منذ عام 2003 لحل قضية دارفور، مستعينة بكل جهد مخلص، ورؤية ثاقبة لأبناء دارفور، لإيجاد سبيل لترسيخ الحل والاستقرار، ووصلت والتقت بكل حملة السلاح من أبناء دارفور مضافاً، اليهم المعارضين السياسيين في أوربا وأمريكا، حيث وصلت الى اتفاق ابوجا وتواصلت الجهود في منبر الدوحة وتوجت هذه الجهود أخيراً باستراتيجية دارفور، وهي جهد حكومي وأهلي أصيل يستوعب كل مكونات المجتمع الدارفوري ويطرح القضية وحلولها.. وخير شاهد على ذلك حزمة المشروعات التي شرعت اللجنة العليا لدارفور في تنفيذها برئاسة نائب الرئيس الأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور غازي صلاح الدين مسؤول ملف دارفور، الى جانب عضوية وزير المالية علي محمود- وهو ما يؤكد حرص الحكومة على طي صفحة الخلافات والمشاكل وإيجاد حلول دائمة مستقرة تعيد مجتمع دارفور لسابق عهده. والمدهش حقاً رد فعل قيادات دارفور التي تحمل السلاح حيال استراتيجية الحكومة، التي باركتها قيادات دارفور الأهلية والسياسية، بل استبشر بها الناس أجمعون، أبت نفسية الدكتور التجاني سيسي تقبل حلول ناجعة تطوي النزاع نهائياً، وتعمل على ترسيخ الأمن والسلام الاجتماعي في ربوع دارفور، فمثل التجاني لا يريدون حلاً، فهم أصلاً لا يملكون مصيرهم، ولا يريدون لدارفور وأهلها السلام والاستقرار، بل كل ما يقدرون عليه هو المتاجرة بمأساة أهل دارفور الضعفاء، الذين ينتظرون الحل بصبر عظيم. أخي الدكتور التجاني سيسي رئيس المجموعة العالقة بدوحة العرب، قضية دارفور وهموم إنسان دارفور بيد مجتمع دارفور شيباً وشباباً.. وهل يعقل أن نلغي دور ولاة ولايات دارفور بعد الوفاء والعطاء والمكابدة خلال أيام المحنة!! لا يمكن لدولة راشدة أن تتنكر لأولي العزم من الرجال، وهم قابضون على جمر القضية طوال ماضي الأذية وظلم ذوي القرابة! هل من المعروف والإحسان أن تتبنى الدولة أطروحات ومزاجات من هم في النعيم يسبحون ويتنزهون، وأهلهم في الشقاء يعيشون، وتركل مشروعات النماء والخير لأهل دارفور المقدمة حسب برامج ولاة الأمر بولايات دارفور الثلاث! هل يصح شطب كل مجاهدات والي شمال دارفور الأستاذ عثمان محمد يوسف كبر والدكتور عبد الحميد موسى كاشا، والأخ الشرتاي جعفر عبد الحكم، ونسترق السمع لكم يا من هجرتم الديار، وتركتم الأهل والعشيرة يتسولون النصارى والغريب هل يجوز؟ لا وألف لا. جار الزمان علينا وأنبت منكم قادة تتحدثون باسم قضية دارفور!.. وها نحن قاعدون نواسي ونجامل من جلس عند الديار يلعن الحرب ومخرجاتها، ويقاسي بؤس الحياة، نعيش معهم الحياة بالمعايشة وليست بالمراسلة. المجتمع الدارفوري حسب متابعتنا انعتق وبات يعرف المخلص والمشفق من اولئك الذين يستغلون مشكلته لاطماع شخصية، وأجندة خارجية، وأعتقد جازماً أن أهل دارفور أدركوا أن حملة السلاح ومعارضي الفنادق أزمة مضافة لأزماتهم ومعاناة لمعاناتهم.. حيث لم يقدم الدكتور التجاني سيسي حلاً ولم يطرح رؤية لحل الأزمة مطلقاً، وعندما تطرح الحلول المقبولة والمعقولة فهم أول معارضيها، فكيف يستقيم ذلك، فإن كان يريد حلاً فهو يأتي عبر التفاوض والحوار، وليس وارداً أن هناك نزاع مستعصي على الحل كالحال الذي وصلت اليه قضية دارفور، بسبب تصرفات شخصيات وقيادات كان يفترض أن تكون أحرص على حل القضية من الحكومة نفسها، كالدكتور التجاني سيسي، لكن هي المعارضة بلا أهداف وما نقوله للأخ الدكتور إن قضية دارفور غادرت محطة المزايدات والمكايدات، وأصبحت قضية مجتمع دارفور ستحل محلياً. «ود بيت المحل كان طار برك فوق محلو»..