رئيس مجلس السيادة يلتقي السفير المصري    محطة المقرن تعود للعمل.. بشرى لسكان الخرطوم وأم درمان    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بالفيديو.. شاهد احتفالات لاعبي المريخ مع جمهورهم بعد الفوز الغالي على الميرغني كسلا: (بركة الجيت بركة الجيت)    كيليان مبابي متهم بدفع 180 ألف يورو "رشوة" ل5 ضباط فرنسيين    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    شاهد بالصور.. سودانيون في مصر يصرون على جارتهم المصرية على إقامة إحدى عاداتهم ويزينونها بأزياء "الجرتق" في ليلة فرحها    المدير التنفيذي لمحلية سنار يقف على العمل في مشروع مركز علاج الأورام    الإدارة العامة للجوازات والهجرة تعلن افتتاح مراكز جديدة لتقديم الخدمات الهجرية    هل يعود انقطاع الكهرباء في مصر؟    إحالة أحداث مباراة المريخ والميرغني للانضباط    وهم الصدارة المريحة.. والبيان الفضيحة..!!    الحكومة الإسبانية تدخل على خط أزمة احتفال يامال بعيد ميلاده    الحسابات الجزافية    لجنة الانضباط تقبل طلب استرحام الأمل عطبرة وتخفض العقوبة المالية    لكنها غارت ..!!    شاهد بالصور والفيديو.. "الزعيم" يتمسك بصدارة الدوري السوداني ويقترب من حسم اللقب بفوز هام على "الأنيق"    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بريطانيا تُغلق الباب ببطء.. الطريق إلى الجنسية أصبح أطول وأقسى    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    شاهد بالفيديو.. الحسناء "منوش" تواصل لفت أنظار جمهور مواقع التواصل بالسودان بتفاعلها من إحدى أغنيات الفنان حسين الصادق    عثمان ميرغني يكتب: عودة الاعيسر    إدارة ترامب ترحّل مهاجرين إلى إسواتيني.. آخر ملكية في أفريقيا    خيوط مهمّة..تطوّرات بشأن الهجوم المسلّح في دنقلا    فولكر يظهر مجدّدًا بتصريحات مثيرة عن السودان    شاهد بالفيديو.. في لقطة مؤثرة.. لاعب المريخ يجهش بالبكاء ويفشل في إكمال حديثه عقب تسجيله أغلى هدف لفريقه    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ندى القلعة تبدي إعجابها بطفل صغير اقتحم المسرح وقدم فواصل من الرقص على طريقة "الصقرية"    شاهد بالصور.. "البندول" يفاجئ جمهوره ويستعد لإكمال مراسم زواجه ب(الحناء) والفنانة إيمان الشريف أول المهنئين له: (سر بالي سيرنو سار الدهب الغالي سيرنو)    عطل فني يتسبب في انقطاع جزئي للتيار الكهربائي ببورتسودان    المجلس القومي للأدوية والسموم يبيد ادوية منتهية الصلاحية بكسلا    الخرطوم..خبر حزين لمواطني بحري    بقرار من إدارة ترامب.. "ناسا" تخفي تقارير عن التغير المناخي    الإفراط باستخدام الهواتف المحمولة يضعف مهارات تعلم اللغة عند الأطفال    اعتصام في حلة يونس غرب بربر احتجاجاً على أحواض السيانيد ومخاوف من كارثة بيئية    بعد خسائر بملايين الدولارات.. "شارع الحرية" بالخرطوم يستعيد نشاطه    أقوى 5 جيوش بحرية على مر الزمان؟    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    5 طرق بسيطة لاكتشاف تطبيقات التجسس على جهازك    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    3 طرق لإخفاء تحركاتك وخصوصياتك عن "غوغل"    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    قد يكون هنالك طوفان ..راصد جوي يُحذر من ظاهرة "شهيق الأرض": تغيرات كوكبية قد تهدد المياه والمناخ    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقطة «ديفيد هيرست» بين يدي السيسي وبوتين!
نشر في آخر لحظة يوم 24 - 02 - 2014

ü لم أصدق عينيَّ وأنا أطالع مقال الصحافي البريطاني الشهير المتابع لشؤون الشرق الأوسط «ديفيد هيرست» بصحيفة «الغارديان»، وهو مقال يقوم على مقارنة جزافية وقراءة انطباعية متعجلة لم نعرفها عن هيرست في ما مضى، ولا أدري إن كان السبب وراءها أن صحيفة «الغارديان» وصحفاً وقنوات فضائية بريطانية وأمريكية وغربية وتركية قد «استئجرت مفروشة» في أعقاب الإطاحة بالرئيس مرسي وحكومة «الإخوان» في مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو- أكبر خروج شعبي في التاريخ- أم أن الرجل ذاته قد فقد حسه الصحفي ومهنيته وهو يعالج المسألة المصرية واحتمال صعود السيسي عبر صناديق الاقتراع إذا ما قرر ذلك وتخلى عن البزة العسكرية.
ü أول «قصيدة» هيرست كفر، كما يقولون، ففي ذلك المقال الذي حمل عنواناً متسائلاً: «هل السيسي هو بوتين مصر؟».. فهيرست يبدأ مقاله بالقول: لعل «مّا يعزز الشكوك» بشأن السيسي أنه لا يُعرف الكثير عنه رغم أنه يعدُّ الآن ليصبح رئيس مصر القادم. فالمشير عبد الفتاح السيسي، كما أصبح الآن يُلقب بعد ترقيته الأخيرة ما يزال «يكتنفه الغموض». نعلم أنه كان ضابطاً بالقوات المسلحة المصرية، وبأنه حضر دورات تدريبية في وزارة الدفاع الأمريكية، لكن ذلك لا يميزه ممن سلكوا نفس الدرب، ونعلم أيضاً بأن الرئيس محمد مرسي الذي «انقلب» عليه في ما بعد، اختاره بنفسه بناء على مواصفات «غاية في الهشاشة» من مثل أنه صغير نسبياً وأنه مُتدين، وأنه كان مقبولاً لدى مؤسسة الجيش وهذه الميزة الأخيرة هي التي اثبتت في ما بعد خطورتها على مرسي بشكل خاص وعلى الإخوان المسلمين بشكل عام، فهذا الرجل الذي كانت مهمته كرئيس للاستخبارات العسكرية هي منع الانقلابات، لم يتوان عن القيام «بانقلاب» أعد له بنفسه.
ü وجه الغرابة والدهشة «في أول قصيدة هيرست» هو أن صحافياً بقامته يذهب رأساً لتوصيفات ما انزل الله بها من سلطان، أولها وصفه لشخصية السيسي ب«الغموض» وهو وصف ليس له مبرر حتى لدى أصغر الصحافيين والمحللين المراقبين لتطورات الأحداث في مصر، فالسيسي كان منذ أيام مبارك يتسنم أكثر المواقع حساسية وأهمية في الجيش المصري، ليس «لمنع الانقلابات» كما تصور هيرست ولكن لحراسة الأمن القومي المصري من لدن القوات المسلحة في مواجهة الجيوش المعادية وكجزء أصيل في أجهزة حماية الوطن وأهم مؤسساتها «القوات المسلحة» من الاختراق المعادي. والسيسي اختير من قبل مرسي لحداثة سنه النسبية ولكفاءته العسكرية والعلمية التي منحته فرص التفوق والترقي بسرعة، وكونه متدين فذلك لا يقدح في مصداقيته وانتمائه للشعب، أو قربه من «الإخوان» كما تصور مرسي وجماعته عندما أختاروه وزيراً للدفاع وقائداً للجيش خلفاً للفريق طنطاوي.
ü لكن الأهم من ذلك هو إهمال ديفيد هيرست للأحداث التي سبقت صعود السيسي أو رافقته واعقبته، فرصد تلك الأحداث هو ضروري لأي قراءة موضوعية للتطورات التي تشهدها مصر والتي توحي بقوة بأن السيسي هو الأقرب لسدة الرئاسة. شمل إهمال المتعمد هيرست الأخطاء الفظيعة التي اقترفها مرسي وجماعته بعد وصولهم للسلطة من ذلك: الاعلان الدستوري الذي نصب فيه نفسه «حاكماً بأمره» غير قابل للمساءلة القانونية أو المراجعة وحصن بمقتضاه جميع قراراته، ذلك الاعلان الذي تنصل عنه نائبه ووزير دفاعه- الأخوان محمد وأحمد مكي- وقلب عليه الدنيا.. تعطيل المحكمة الدستورية بواسطة الحصار ومظاهرات الجماعة عن الفصل في القضايا المعروضة عليها لأكثر من شهرين متتابعين.. قراره بإعادة مجلس الشعب المحلول إلى العمل والتراجع السريع والمخزي عنه وتحويل اختصاصاته «لمجلس الشورى» الذي يرأسه صهره بالمخالفة للدستور.. إطلاق الجماعات المتطرفة المحبوسة على ذمة اغتيالات وتمهيد الطريق لها إلى سيناء.. وتحويل الانفاق الأرضية إلى مصدر لتسليح تلك الجماعات.. الفشل الإداري والتنفيذي في إدارة الدولة.. التعاون مع جماعات أجنبية لتحرير السجناء في سجن وادي النطرون و أبو زعبل التي يحاكم بموجبها الآن.. وغير ذلك كثير مما أثار عليه الشعب وهيأ الأجواء «لحملة تمرد» التي جمعت أكثر من 20 مليون توقيع تطالب بانتخابات رئاسيةمبكرة لم يستجب لها مرسي ولا الجماعة حتى جاءت الطامة في «30 يونيو» التي لا يأتي على ذكرها ديفيد هيرست وكأنها لم تكن.. فالغرض مرض كما يقولون.. ليركز فقط على الاجراء الذي اتخذه السيسي ورفاقه في قيادة الجيش بعد ثلاثة أيام بإعلانهم الانحياز للشعب وثورته، تماماً كما فعلوا إبان ثورة 25 مايو مع نظام حسني مبارك، الذي أجبر على التنحي وتسليم السلطة كاملة لقيادة الجيش، وهو ما لم يحدث في 3 يوليو عندما تم تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا وأعلن السيسي عن «خارطة مستقبل» في اجتماع شهير مع القوى السياسية وأطياف المجتمع بما في ذلك أزهر وكنيسة قبطية، تم الالتزام بها حتى الآن وأقرت دستوراً جديداً وانتخابات رئاسية وبرلمانية، وجاء الدستور ليعبر بدقة عن أماني وطموحات الشعب وحظى بأغلبية مريحة.
ü كل هذه التطورات أهملها الاستاذ ديفيد هيرست ليقول بأن السيسي يعدُّ الآن ليصبح رئيساً لمصر، وكأن هناك مؤامرة تحاك في الظلام. فالرجل يبدو أنه لا يتابع حركة الشارع المصري والشعبية الكاسحة التي يتمتع بها السيسي في أوساط المصريين، نتيجة لموقفه من ثورته في 30 يونيو 2013، حينما عرض نفسه للخطر باعلانه أكثر من مرة، وهو وزيراً لدفاع مرسي وقائداً للجيش بضرورة الوفاق المجتمعي السياسي لتجنيب البلاد خطر الانقسام. وهي اعلانات موثقة لم يتذكرها هيرست في غمرة حماسه لنظرية المؤامرة. فقط نذكرهُ بأن السيسي دعا قبل شهور من «30 يونيو» القوى السياسية للاجتماع مع الرئاسة في دار القوات المسلحة للوصول إلى توافق واستجابت القوى السياسية ووصل ممثلوها إلى موقع الدعوة- التي كانت غداء عمل- ولكن مرسي ألغاها في اللحظة الأخيرة وبعد أن وافق عليها ابتداءً. وعندما اشتدت «حملة تمرد» لجمع التوقيعات وقبل اسبوع من خروج الشارع المصري في 30 يونيو، دعا السيسي مرة أخرى الرئيس للمبادرة بجمع الصف والوصول إلى حل، لكنه لم يستجب، ثم دعاه مرة ثالثة حتى بعد خروج 30 يونيو للاستجابة لمطلب الشارع والذهاب إلى انتخابات مبكرة أو استفتاء، لكنه لم يستجب أيضاً، فاضطر ومن معه إلى الانحياز لجانب الشعب لتجنيب البلاد حرباً أهلية كانت نذرها قائمة منذ «أحداث الاتحادية» عندما هاجمت مليشيات الإخوان الشباب المعتصمين أمام قصر الاتحادية وسالت الدماء، وهي القضية التي يحاكم بمقتضاها مرسي الآن ايضاً.
ü مضى هيرست في مقاله ذاك في تلك المقارنة العبثية بين السيسي وبوتين، فقال إن كلا الرجلين عمل على تأخير عجلة الديمقراطية، ناسياً خارطة الطريق المعلنة منذ يوم 3 يوليو 2013، وتسير وفق جدول زمني معلوم انجز منها حتى الآن الخطوة الأهم وهي اقرار الدستور، وقال إن كليهما صعد إلى الشهرة مع موجة العنف، وقال إن بوتين مثل السيسي استخدم مشاعر القومية والخوف من الأجانب ليخفي منظومة استبدادية كل همها اثراء الموالين له، وتجاهل هيرست حقيقة ما تتعرض له مصر من هيمنة أمريكية اسقطتها 25 يناير و30 يونيو وتنظيم سياسي دولي عابر للحدود يدعو لأن تكون مصر ولاية ضمن ولايات «خلافته» العالمية.
ü مقال هيرست طويل ولا مجال لمناقشة كل ما حواه من تخرصات وأباطيل، لكنه مؤسف لأنه يصدر من صحافي كبير ومراقب قديم لشؤون الشرق الأوسط، كنا نتوقع أن نقرأ له تحليلاً نزيهاً ورصيناً لا يثير الشبهات والشكوك في مصداقيته ودوافعه، ولكن يبدو أن زيارة السيسي ووزير الخارجية المصري أخيراً لموسكو من أجل «تنويع الخيارات» والعلاقات قد هزّت هيرست واصحابه، بما أخرجه عن طوره وافقده صبره ولذلك جاء مقاله على هذا النحو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.