زميلنا الأستاذ خالد الاعيسر عاد مرة أخرى إلى موقعه وزيرًا للثقافة والإعلام والسياحة، بعد مخاض استغرق قرابة الشهرين من بداية تكليف الدكتور كامل إدريس بمنصب رئيس الوزراء. من الحكمة أن نزجي النصح لزميلنا الاعيسر ألا يعتبر العودة نصرًا على من كانوا يتمنون تبديلًا في دماء وزارة الإعلام. بل إن البداية الرشيدة هي أن يستمع لمثل هذه الأصوات والآراء قبل الداعمين والمؤيدين. خلال فترته الأولى، ارتكب الاعيسر خطأً كبيرًا بالتضييق على المؤسسات الإعلامية، في الوقت الذي كان فيه الصحفيون والإعلاميون يتعشمون مزيدًا من الدعم والانفتاح.أغلقت بعض القنوات ومُنعت أخرى من العمل خارج الاستديوهات بصورة أثرت كثيرًا على نشاط هذا القطاع الإعلامي المؤثر. ومن هنا، يجب أن يبتدئ الاعيسر دورته الثانية بأن يفسح المجال للإعلام وأن يحميه، بل ويوفر له كل الدعم دون حساسيات أو استجابة لبعض الأصوات -حتى من داخل المربع الصحفي- التي تنفخ في كير التشكيك والتخوين. قد ترى بعض الجهات الرسمية بتقديراتها ان تتبع سياسة (الباب الذي يأتي منه الريح، سدّه واسترح). وقد تكون هذه الجهات معذورة كونها لا تنظر من منظار تعظيم العائد الإعلامي بل "مكافحته" و تحجيمه وتعمل على هزيمته بالتكبيل. لكن، لأن الاعيسر "وزيرٌ من أهلها" ( على وزن شهد شاهد من أهلها) فهو أحق الناس أن ينافح عن الإعلام الحر ويخوض المعارك في سبيل تهيئة أفضل بيئة عمل. الإعلام العربي والدولي لعب أدوارًا مهمة لصالح الدولة والشعب السوداني. لكن بالضرورة، العمل الإعلامي لا يعني الدعاية والاتكاء على جانب واحد. طبيعة الإعلام أن يمنح مساحات الحوار ووجهات النظر المختلفة لتظهر للمتلقي الذي يحكم بينها. لا يتوقع أحد من وسيلة إعلامية حصيفة أن تغض الطرف عن معلومة أو خبر أو رأي آخر لمجرد أن تضمن بذلك رخصة العمل. فمثل هذا الإعلام يفقد المصداقية وينصرف عنه المتلقي ويفشل. فلْيكن أول قرار للاعيسر فتح أبواب الفضائيات التي حُبست في دورها ومُنعت من ممارسة رسالتها من مسرح الحياة المفتوح.