يجسّد تعامل المسلمين مع ذكري الهجرة النبوية محنة تعاطيهم مع سيرة النبي صلي الله عليه وسلم من جهة.. ومحطات التاريخ الإسلامي من جهة أخري إذ لم تعد هذه المناسبات إلا أرقام وعطلات خالية من التفكر والتدبر .. ■ عندما تأخذ الهجرة النبوية في جوهرها تجد أنها رحلة لم يتوقف فيها النبي صلي الله عليه وسلم لحظةً إلا ريثما يرتب أمر صحابته لشحذ الأنفس وحث الأرواح لرحلة جديدة ذلك أنه لا راحة لمؤمنٍ حتي يلقي الله .. ■ لماذا يتوقف المسلمون عن العمل ويتخذون من ذكري الهجرة النبوية يوم عطلة تتوقف فيه أعمالهم وأشغالهم .. ثم لاتجد طيلة يوم العطلة من أبواب ومنافذ التذكير ما يلفتهم إلي المعاني والقيم المتحركة التي أرستها رحلة وفلسفة هجرة النبي صلي الله عليه وسلم .. ■ إن المعاني التي تقوم عليها دعائم سيرة النبي صلي الله عليه وسلم هي ذاتها المعاني التي أرستها رحلة الهجرة والتي لم تكن انتقالاً من مكان إلي مكان وحسب وإنما تجديد لمسيرة الرسالة من موضع جديد لحكمة يعلمها الله .. ■ أفضل مانخرج به من ذكري الهجرة أن نراجع كأمة كيفية تعاطينا اليومي مع سيرة نبينا صلي الله عليه وسلم كيف وأين نجدها في التعامل مع الأبناء والأطفال .. المرأة .. الصدق .. الوفاء بالعهود .. الصدق ..أدب الإنصات .. أدب الاختلاف ..التعايش مع غير المسلمين.. كيف نثابر في الحياة ..كيف نثبت في وجه الصعاب ..كيف نختار الشخص المناسب في المكان المناسب .. كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر .. كيف نرسي الإدارة الناجحة في حياتنا .. كيف نقبل التحدي .. وكيف نفتح قلوبنا وعقولنا للأمل بأن ( يوم بكرة) يحمل الخير والبُشري .. فالكون كله بيد الله ..حركته وسكونه .. ■ أما علي الصعيد الشخصي فإنه علي كُل واحدٍ منا أن ينظر إلي نفسه التي بين جنبيه .. فإن وجد أنها تُهاجر إلي الله في كل لحظة من لحظات حياته، فليلزم خط سيره إلي الله .. وإن وجد أنها حَرُون ، فعليه أن يبدأ رحلة الهجرة من جديد ..