أتألم كثيراً عند رؤيتي لطفل، أيَّاً كانت جنسيته، وهو لا يمارس طفولته بالشكل المعهود.. فأجمل مراحل حياة الإنسان هي الطفولة البرئية الحلوة الخالية من الهموم والمشاكل، والتي تنمي الشخصية.. والطفل إما أن يكون «سويَّاً» يخدم وطنه وأسرته، وإما أن يكون «غير سوي» يهدم مجتمعه الكبير والصغير. وعند رؤيتي لأي طفل ابتسم له حتى ولو كنت في أشد حالات غضبي.. وهذا يحدث لكثيرين غيري.. لأن في الطفولة براءة وطيبة تجعلك تنسى هموم الدنيا.. أجيال ما قبل التسعينات عاشت طفولتها طولاً وعرضاً، وكانت الظروف المعيشية والاقتصادية لها دور كبير في تلك الرفاهية التي عاشها ذلك الجيل.. وحتى سنين الطفولة كانت أطول وفيها «البركة»، ولكن طفولة اليوم أصبحت قصيرة و«ممحوقة». وكانت «الماهية» التي يصرفها «رب البيت» تكفي كل من يسكن في ذلك البيت، والبيوت زمان كانت عبارة عن «حيشان» تتعدد بها الأسر وكان للطفل نصيب كبير في كل شئ.. أطفال اليوم في كل العالم يعيشون مأسي متنوعة.. أطفال فلسطين يعيشون حرباً مقيته.. وأطفال العراق كذلك.. وعدد اليتامى بالملايين.. وأفغانستان.. والصومال.. وغيرها.. و في السودان يعيش أطفالنا عدداً من المشاكل، أهمها وأكثرها إيلاماً «لي» حين أرى طفلاً صغيراً يمتهن أحد المهن ويترك طفولته وحياته و دراسته .. فأمس شاهدت طفلاً وهو يعمل في أحد المركبات العامة «هايس»، يعمل بها «كمساري»، ونصفه خارج الشباك ينادي «للمركبة» التي يعمل بها وهو لا يتعدى ال«12» عاماً.. وهذا مشهد مؤسف ترقرق له دموع «الكفار»، لأن هذا الطفل معرض للخطر... هذا الطفل لم يعش طفولته،هذا الطفل لم يجد الرعاية والعناية... وترك دراسته، وهذا يرجع لظروف اقتصادية «خلعته» من جذور أسرته ليعمل في السوق المفتوح.. فرسوم الدراسه نفرت الكثيرين من التعليم.. ومستلزمات المدرسة أصبحت في غير مقدور اولياء الأمور. «الحقوا» الطفولة في السودان وفي كل العالم،لا تحرموا الأطفال من عيش أجمل سنوات عمرهم.. ونناشد المسؤولين في كل مواقعهم أن يجعلوا بنداً خاصاً «للطفولة» لكي ينعم الأطفال وتنعم بهم الأوطان..