الأخ الكريم الأستاذ رئيس تحرير صحيفة آخر لحظة الغراء.. السلام عليكم.. التحية لهذه الإصدارة الفيحاء وأرجو أن يجد هذا المقال نزلاً في رحابها. الإبداع في الكتابة هبة من الله اختص بها بعضاً من عباده وأودعها في جيناتهم ليسعد بهذا الإبداع الآخرون. وربما كان من أكثر الكتاب تميزاً في المجال ذلك الرائع صاحب العمود الشهير في صحافتنا والطبق المفضل فيها «شمس المشارق».. فهذا الكاتب يرسم بالكلمات، يبدع في التعابير. تأتيه المعاني الجميلة طائعة مختارة، إذا كتب مادحاً تجد كلماته وكأنما كتبت بأقلام من صندل وعنبر، وعود، عطرة، شيقة، ممتعة، تتوهج القاً وإشراقاً.. وإذا كتب قادحاً تجد كلماته طلقات رصاص، راجمات سياط من لظى، يلهب بها من ضل ومن هوى، وهكذا هو حتى قيل عنه إن عفريتاً من الجن يملي عليه تلك الكتابة بكرة وأصيلاً، ومع كل ذلك إذا رأيته حسبته من غمار الناس وعامتهم، بسيط متواضع، يصادق الجميع حتى الأعداء مقتدياً بالمثل.. «تصادق مع الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً» .. كان له من الممكن وهو بهذا الرصيد الهائل من الملكات والقدرات أن يكون في حاشية الملك أو جماعة السلطان. ولكن كما يبدو آثر أيضاً المثل الجميل، «أن تكون فرداً في جماعة الأسود خيراً لك من أن تكون قائداً لأسراب النعام». التحية ليك أستاذنا مؤمن الغالي، وانحناءة لقلمك الشجاع الجسور الذي لا يخاف دركاً ولا يخشى.. ولشمس المشارق والتي كثيراً وكثيراً ما نهلنا من رحيقها ولم ينضب.. ومعذرة يا أخ مؤمن إن استعصت علينا المزيد من كلمات الثناء، وما سقناه هو فرض علينا يجب أداؤه وليس نافلة ولا سنة، فالمزيد من العطاء يا أخ مؤمن ونحن في زمن الظمأ وزمن الجفاف، فالتاريخ لا يخلد من يأخذ ولكن من يعطي. لك الود عقيد معاش/ أحمد حسن أحمد ام درمان الجنرال أحمد حسن أحمد.. تحية وسلاماً.. ووداً.. واحتراماً بعيون غارقة حتى الوحل، طالعت حروفك الفنانة وهي تلبسني ثياباً ليست مطلقاً على مقاسي.. تطوق عنقي بياقات من الزهر لا استحق حتى نفحة من عبيرها.. تحملني مالا طاقة به وأنا شديد الخوف والفزع والرعب من إشادة، وأتوجس خيفة من القلادة لا أجد ما يفصح عن قلمي الذي هو الآن يغرق في «حبر» من الخجل غير أن «أشحد» «البحتري» ويدي لممدودة داخل قبره أن «يسلفني» بيت شعره ذاك الجهير والشهير الذي أنشده «مقوساً» وهو في حضرة «المتوكل».. أخجلتني بندى يديك فسودت ما بيننا تلك اليد البيضاء يا جنرال «شوف الزول ده» كيف غزل الحروف وعطرها بماء الصندل، ثم وهبها «للمتوكل» رغم أن المتوكل قد «نثر» عليه بعض الدنانير أو الدراهم.. «طيب» كيف أغزل لك من الحروف شكراً وأنت تنثر كلمات «ما قالا زول وما أظن.. يقولا وراك بشر» غايتو شكراً.. الجنرال أحمد.. ضحكت حتى كدت أن استلقي على قفاي فأنت تروي ما قاله الناس إن «عفريتا» من الجن يملي عليِّ تلك الكتابة.. الآن دعني أشرح لك وللذين «قالوا» مصدر الهامي إن كان ما أكتبه به الهام.. وأقول صادقاً.. أقسم بالشعب والأيام الصعبة إن مصدر وحيي والهامي هو هذا الشعب الطيب الباسل الجسور والنبيل.. إنه أروع «عفريت» مشى على ظهر الأرض.. مؤمن