عندما حلقت بنا الطائرة فوق مطار مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور وقبل أن تهبط بمدرج المطار كانت العناوين البارزة للاستعدادات التي وضعتها الحكومة لمواجهة أي طاريء أمني محتمل ظاهرة، حيث جثم عدد من الطائرات العسكرية بأرضية المطارالأمر الذي ينبئ القادم للمدينة بأن الأوضاع الأمنية بالولاية تشوبها بعض التوترات إلا أن هذه المخاوف تبددت بالدخول لقلب المدينة. وزادت حالة الاطمئنان رسوخاً بالحراك الذي انتظم الشارع العام الذي تهيأ لاستقبال الحدث الاقتصادي الذي فجر الطاقات وعاد معه نبض الشارع الذي أوقفته الإجراءات الاستثنائية لمقابلة الحالة الأمنية. وأبدى المواطن تفاعلاً مع البرامج المصاحبة لفعاليات المعرض التجاري الاستثماري الثالث الذي كسر طوق الفترة المحددة للحركة بالعاشرة ليلاً. المعرض قصة الاستفادة من التجارب السابقة: ********** بدا المعرض التجاري الاستثماري هذه المرة مغايراً للمرات السابقة رغم بعض الهنات التي صاحبت الترتيب والتنظيم، شاركت فيه (160) شركة عالمية ومحلية ووطنية، توزعت على أرجاء استاد مدينة نيالا الذي اكتسى حلة زاهية بالحضور الأنيق، الذي كان الحضور منذ الوقت الباكر، لأن الافتتاح كان متوقعاً أن يبدأ في الرابعه عصراً إلا أن الاحتفال بتوقيع الصلح بين بعض المكونات الاجتماعية الذي احتضنه منزل والي الولاية اللواء آدم محمود جارالنبي حال دون الانطلاقة في الموعد المحدد لتبدأ الفعاليات في السابعة مساء بعد أن اصطف الحضور الكثيف الذي ضاقت به جنبات الاستاد بالأماكن المخصصة لهم، بالتزامن مع حضور نائب رئيس الجمهورية الدكتور حسبو محمد عبدالرحمن ووزيرالتجارة الخارجية عثمان عمر الشريف ووزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل والسفير الأندونيسي والقنصل التشادي. وبدا واضحاً أن هناك رؤيةً مغايرة وإصراراً لتطوير المعرض شكلاً ومضموناً. أندونيسيا وسوريا وتشاد حضور مختلف: شاركت في المعرض شركات متعددة عالمية ووطنية ومحلية عبر عدد من الأجنحة وفي مختلف المجالات، لكن كان اللافت في المشاركة الحضور التشادي والسوري والأندونيسي، فكان هور الأبرز والطاغي رغم أن لغة الضاد هزمت السفير الأندونيسي الذي بدأ حديثه مخاطباً الحضور باللغة العربية لكن سرعان ما تحول للإنجليزية وسط تصفيق حار من الحاضرين. أطفال المدارس يرفضون الحرب ويدعون للسلام: شكل أطفال المدارس بالولاية عدداً من اللوحات التي تنادي بضرورة تحقيق السلام الشامل ونبذ العنف والاحتراب، رسموا تلك اللوحات بأجسادهم الغضة من خلال تلك التشكيلات التي تقول: «لاء للحرب نعم للسلام - الحرب دمار» الأمر الذي نال رضى واستحسان الحاضرين الذين تفاعلوا مع تلك المشاهد. خلو المدينة والمعرض من المظاهر العسكرية: خلت المدينة هذه المرة من المظاهر العسكرية عند افتتاح المعرض في نسخته الثالثة، خلافاً لما كان في النسخة الثانية إلا من بعض أفراد الأجهزه الأمنية والشرطية التي تولت مهام التنظيم داخل وخارج أرضية المعرض. رسائل حسبو: نيولك جديد للحكومة في دارفور: وجه نائب رئيس الجمهورية الدكتور حسبو عبدالرحمن رسائل واضحة ذات مضامين عديدة سيكون لها مابعدها.. وقال إن الحكومة جاءت «بنيو لوك» لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وأكد أن عهد الجلوس في المكاتب في الخرطوم والاستماع للتقارير لاتخاذ القرارات قد انتهى، وجاء عهد النزول للميدان للوقوف ميدانياً على الحقائق لاتخاذ مايلزم وفقاً لذلك، موكداً استقرار الأوضاع الأمنية بولايات دارفور، وقال إنه طوال تجواله في الولايات و المحليات لم يواجهه أي تهديد، وأبان أن قيام المعرض يؤكد أن دارفور عبرت لمرحلة جديدة، مشيراً لإستراتيجية واضحة لتحقيق إصلاح اقتصادي وسياسي شامل يرتكز على استعدال هيكل الاقتصاد لزيادة الإنتاج والإنتاجية وزيادة حجم الصادرات على حساب الواردات. تميز جنوب دارفور على رصيفاتها: وأكد نائب الرئيس أن جنوب دارفور تتمتع بموارد مهولة جعلتها في مقدمة الولايات بجانب أنها الأولى في الثروه الحيوانية والحبوب الزيتية وهي متميزة بموقعها الجغرافي لمجاورتها ثلاث دول«الجنوب-تشاد-أفريقيا الوسطى»، وتوفر البنيات التحتية الجاذبة للاستثمار. ووجه وزارتي الاستثمار والتجارة الخارجية بوضع خارطة واضحة للاستثمار في جنوب دارفوروتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين. الأمن و«التنمية والاستثمار» وجهان لعملة واحدة: قال وزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل إن ولاية جنوب دارفور هي ولاية المعادن والزراعة والأسمنت والثروة الحيوانية والخضروالفاكهة. ودعا لضرورة الاستفادة من دروس الماضي للولوج للمستقبل. وكشف عن مستثمر أجنبي جاء للاستثمار وخصص مبلغ (3)مليار جنيه في مجال الزيوت وهو الآن بمدينة نيالا رغم أنه تردد في المجئ في بادئ الأمر، فقلت له اذهب لترى بأم عينيك. وأشاد بالترتيبات لمعرض هذا العام، لافتاً إلى أنه تطور من حيث الكم والكيف. وأماط اللثام عن ملتقى لرجال الأعمال السودانيين والأتراك بمدينة نيالا. وقال عثمان عمر الشريف وزير التجارة إن المعرض سيكون نقطقة الانطلاقة لعمل أكبر بالولاية لأن المولي عز وجل قال «إن مع العسر يسراً» و إن العسر الذي عانى منه أهل دارفور سيتحول يسراً لأهلها . اللواء جار النبي: هناك من لا يعلمون شيئاً عن الولاية: قال اللواء آدم محمود جار النبي والي الولاية إن هناك من لا يعلمون شيئاً عن الولاية وإن هذا المعرض قصد منه التعريف بالولاية في كافة المجالات وتعهد باستمرار المعرض بالنهج المتطور لتكون الولاية قبلة للمستثمرين الوطنيين والأجانب بعد أن أصبحت آمنة ومستقرة. وزير الاستثمار: بالولاية للمعرض دلالات وأبعاد عديدة: قال وزير الاستثمار بالولاية عبدالرحيم عمر حسن إن للمعرض دلالات اقتصادية وأمنية وثقافية واجتماعية وأمنية كبيرة، وستكون له تأثيرات كبيرة على حياة المواطنين. مشيراً إلى أن الدورة الأولى شاركت فيها(60) شركة علمية وإقليمية ومحلية، وفي الثانية(98) وفي الثالثة(160). مبيناً أن زوارالمعرض في النسخة الأولى كانوا(40) ألفاً وفي الثانية(60)، وقال نتوقع زيادة العدد هذاالعام ل(80)ألفاً، موضحاً أن الولاية واعدة بمواردها المهولة، مؤكداً أنها ستكون قبلة للمستثمرين الوطنيين والأجانب، لأنها تتوفر فيها كافة مقومات العمل الاستثماري، معلناً جاهزيتهم لتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين.