الحبيب الغالي جداً عصام جعفر.. كيف أصبحت وأمنيات مترفة أن تكون مرتاحاً ومحبوراً وسعيداً.. وأن تكون كما عهدتك أبداً ودوماً في سلام أخضر مع روحك السمحة.. والآن إلى الابحار في بحر «شيخك» ذاك الهائج الخطير والذي تستعمره الحيتان.. فالبحر تحديداً هو ذاك الذي كان شاطئيه الشرقي هو30/6/1989م ويابسته في الضفة الأخرى هي في رمضان الأغر ولا أقول الخلاص حتى لا أتذكر بقية البيت.. ويا جداراً من رصاص.. في عام الناس 1999 وعلى بركة الله نضرب الموج بالمجداف.. أولاً و «قبل كل حساب» قطعاً وطبعاً أنت لست مثل «أخوك» المحبوب عبد السلام.. ذاك الذي برأ شيخه من أي فعل أو قول شهدته شمس السودان طيلة العشرة سنوات الأولى من عمر الانقاذ بل أخرج المحبوب «شيخه» أكثر نصاعة من شعرة أبو موسى الأشعري أنت صديقي لست مثله أنت مثلنا تماماً نحن «الحرافيش» والفقراء والكادحين وليتك في صفنا صف الجوع الكافر لأن الصف الآخر يسجد من ثقل الأوزار.. كاذب ومخادع ومخاتل من يقول إن شيخكم كان لا يعلم شيئاً عن دولاب الحكم.. بل كان ترساً هائلاً في دوران عجلة الانقاذ في عشريتها الأولى لذا أنه من «العيب» وعدم النبل والبعد عن أخلاق الفرسان أن يكتب «المحبوب» كتابه وكأن ذاكرة الشعب مثقوبة أو كأنه يخاطب شعب «الإكوادور» وليس شعب السودان.. والآن إلى لمحات من جرد الحساب.. حساب العقد الأول من الانقاذ طبعاً لن أكتب حرفاً واحداً عن دماء سالت أو أريقت حتى لا أنكأ جراحاً غائرة كادت تندمل.. وحتى لا أهيج مرة أخرى البكاء وحتى لا استدعي باكية أخرى تهيج البواكيا.. أكتفي بأقباس أو مشاعل من اللهب.. وظلام من الظلم المر والحنظل الحارق الذي تجرعته أفواه ومرّ على «حلاقيم» ثم إستقر متلظياً حارقاً للبطون.. عندما هب إعصار الانقاذ واقتلع الخيام والأوتاد.. وزلزل الأرض والعباد انطلقت معه سحابة «التمكين» ودبت على الأرض دابة الصالح العام بأسنانها الوحشية المتوحشة.. ثم تدفقت جداول المحالين للصالح العام في هدير كاسح أشد خطورة وخطراً من سيل «أبو قطاطي ذاك الذي «وكت» يكسح ما يفضل شيء.. ورقة صغيرة ليس بها أكثر من سطرين تصل «باليد» أو تطالعها العيون وهي معلقة في «بورد» تخطر مواطناً أو مواطنة بأن «الحكومة» قد استغنت من خدماته أو خدماتها وعليها مغادرة الوزارة أو المصلحة أو المصرف فوراً إلى «البيت».. إنه الزلزال.. يضرب الأسر ويشتت شمل العوائل.. تنهار وتتهدم حياة مواطن بناها بالكفاح والدم والدموع.. يجد نفسه فجأة بلا سقف أمان ولا ظل اطمئنان.. تحاصره عيون أطفاله المفزوعين وتصطاده عيون الزوجة الدامعة.. لا يجد بداً من الهروب ليحدق في الأفق بعيداً ينظر المجهول.. هذا أحسن حالاً من ذاك الذي «طفش» تاركاً خلفه الزوجة والأولاد هروباً من بكاء وجوع ودموع.. وهذا أحسن حالاً من ذاك الذي «جن» وهذا أحسن حالاً من ذاك الذي إنتحر.. ثم مصرفية رصينة وجدت نفسها في الشارع بعد أن انتاشتها سهام الصالح العام.. ثم وجدت نفسها في الشارع العريض تحت ظل شجرة.. على «بنبر» وهي تتقي بخار «كفتيرة» تغلي فوق جمر «يهبو الريح» وتتقي أيضاً نظرات المتحلقين حولها طلباً للشاي.. تتقي في صرامة نظراتهم الفاجرة الوقحة.. صديقي عصام.. سأسألك سؤالاً أنا واثق إنك سوف تجيبني في صدق وأمانة لأنك أبداً تستوحي في الذي تقول أو تكتب رقابة ضميرك والخالق...! السؤال هو- ألا يتحمل شيخكم هذه الصورة البشعة؟؟ بعد الإجابة أواصل معك..