على إيقاع صوت النقارة والمردوم وصدى زغرودة الفرح.. يبدو المشهد رائعاً ومكتمل الصورة لمراسم زواج في تلك القرية الصغيرة الضاجة بالحياة، رغم ظروفها القاسية، وهي النائية في أقصى ولاية غرب كردفان على مشارف شمال أبيي، المنطقة الملتهبة بالأحداث والمتوترة، حيث قبيلة المسيرية ومواطن عيشها وتجوالها وحياتها.. هناك في قرية الدائر الجنوبي حضرت «آخر لحظة» مراسم الزواج لأحد شباب قبيلة المسيرية.. حيث تبدأ برقصة النقارة التي ينطلق أداؤها منذ الصباح، ويلبس له الفتيان والفتيات ملابس ناصعة تكسيها الألوان المزركشة مع لبس ريش النعام للبنات والخرز الملون، يضع الفتيان حناجرهم على سواعدهم ويحملون العصي يهزون بها على رؤوس الفتيات في ايقاع متوازن، على صدى ضربات النقارة وتعرف برقصة المردوم الشهيرة، وفي الانقسنا تنطلق «زغرودة» تشق عنان السماء كرسالة فرح وسط كل أخبار الحزن وحالة الاحتقان التي شهدتها تلك المناطق من جراء الاعتداءات من قبل الجيش الشعبي، لتؤكد أن الحياة مستمرة ولن توقفها الحرب أو حالة اللا سلم.. فزغرودة الحكامات تشق عنان السماء وتصل الى قلوب الشباب والرجال فتبدو الحماسة ظاهرة في قوة ضربات الأرجل مع ايقاع النقارة ابتهاجاً بزيجة جديدة تهديهم نسلاً مستمراً وحياة آمنة.. الزغرودة في العادات السودانية مظهر اجتماعي باذخ لدى النساء، يعرفن كيف يرسلنها في الاحتفاء بالأفراح بمختلف أوجهها سواء كان زواجاً أو نجاحاً أو شفاء من مرض أو رجوع من غربة.. هم السودانيون وتقاليدهم وعاداتهم الجميلة لكسر رتابة الحياة وقسوتها.