يحفظ التاريخ بين أضابيره سيرة عطرة، ونشاطاً متقداً للشاعر الكبير محمد عوض الكريم القرشي، صداح كردفان وبلبل السودان المغرد، الذي تمدد عطاؤه ليشمل عدداً من الجوانب الإبداعية غير كتابة الشعر، القرشي الكبير كان سياسياً لا يشق له غبار، انضم لركب الاتحاديين وكانت تجمعه علاقة قوية بالزعيم الأزهري وعبد الماجد أبو حسبو وزمرة الوطنيين، وكان أديباً وشاعراً مفوهاً، نشط في مجالات العمل العام. وعمل سكرتيراً لنادي الخريجين ونادي الأعمال الحرة بالأبيض، امتهن الصحافة واصدر في الستينيات جريدة «الجريدة» التي توقفت لبعض المصاعب المالية. عُرِّف الراحل محمد عوض الكريم القرشي، بقدرته على التواصل الحميم مع طبقات المجتمع بأسره، كانت مجالسه تغمر وتفيض بالخلان والأصدقاء، وعند رحيله في عام 9691م أورث أبناءه من بعده تاريخاً حافلاً وحرصاً على مواصلة الآخرين. ولعل ابنه «حامد» قد سار على نهج والده، مقتفياً اثره ومحاكياً طريقته في الإلتفاف حول الآخرين بحميمية ظاهرة، حامد محمد عوض الكريم القرشي، ابتلاه الله كما يبتلي الصابرين من عباده، بجملة من العلل والأمراض كبلت خطواته وقيدت حركته فظل ملازماً للفراش محتسباً أمره عند الله تعالى. بدأت رحلة القرشي العلاجية مع عدد من المشافي في بحري والدولي وحوادث الخرطوم واخيراً حلَّ نزيلاً بالجناح الغربي بالطابق الثالث بمستشفى سوبا الجامعي تحت رعاية البروفيسور عمر زايد اخصائي الباطنية، قبل أيام زرته في منزله بالشعبية في رفقة الصديق عبد الإله عباس الجعلي، ابن أخت الفنان عثمان الشفيع، ورغم جلده وصبره على محن الإبتلاء، حكى لنا عن بداية الآمه التي بدأت بمعاناته من انزلاق غضروفي في الفقرتين الرابعة والخامسة، ثم اصابته بانخفاض في السكر أدخله في كومة نُقِل على اثرها للمستشفى الدولي، ثم أصابته ببعض المضاعفات الاخرى التي ادت الى ارتفاع «البولينا» وظهور تورم ظاهر على القدمين حامد القرشي، ابن الشاعر الكبير الآن طريح بمستشفى سوبا الجامعي و غاية ما يتمناه أن يحيطه الله بعنايته ليعود لرعاية اسرته وابناءه الصغار، فرغم وطأة المرض واعراضه الظاهرة، قدم شكره لأهله ومعارفه وجيرانه بحي الشعبية بحري، الذين وقفوا بجانبه واحسوا بمحنته. عبر هذه الصحيفة نطلق نداءنا العاجل، ليصل لمقام والي شمال كردفان مولانا أحمد هارون، ولوزيره الهمام الأديب خالد الشيخ حاج محمود، ولكل المسؤولين عن امر الثقافة، للوقوف الى جانبه.. وندائنا الخاص نصوبه تجاه الخليفة المبرور علي إبراهيم مالك واخوانه، وللأخيار أبناء الخليفة الراحل بشير النفيدي أمين ومامون واخوانهم فالأسرتين الكريمتين تربطهم أواصر رحم قوية بوالده الراحل محمد عوض الكريم القرشي «بت عمهم» عائشة الحسين قرجاج، حامد القرشي لسان حاله يردد ما قاله والده عندما حل مريضاً بمستشفى الخرطوم فمر عليه العيد دون ان يهنأ بزيارة المعارف والأصحاب.. عدت يا عيدي بدون زهور وين قمرنا وين البدور غابو عني ما نحن أهل الوفا والشعور وليه جزانا الصدَّ والنفور.. شفاك الله القرشي شفاءاً وهو الشافي (اليبلي ويعافي).