الاتهامات المتبادلة بين وزارة العدل والتجارة الخارجية حول عدم انضمام السودان وتأخره لمنظمة التجارة العالمية وجدت ردود أفعال واسعة وسط الخبراء الاقتصاديين، مؤكدين أن لها آثاراً سالبة تسهم في تعرض السودان لصعوبات اقتصادية وسياسية جمة تحمله التزامات أكثر صرامة.. الى جانب الآثار السالبة التي سوف تلحق بالصادر السوداني والميزان التجاري للسودان.. الى جانب موقف السودان من الولاياتالمتحدة والضغوط المفروضة عليه بشأن الحظر الاقتصادي.. وقال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير إن تأخر انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية له آثار سالبة على الصادر السوداني، لأن المنظومة الاقتصادية العالمية تغيرت عما كانت عليه في السابق.. وأشار إذا بدأت منظمة التجارة العالمية في تطبيق الموجهات والقرارات ستجعل كافة دول العالم سوقاً واحدة، بمعنى ستزيل كل الحواجز أمام انتقال السلع والخدمات.. وبالتالي سيكون السوق مفتوحاً، حيث يكون البقاء فيها الأجود والأرخص، بمعنى أن تكون هناك منتجات من السلع والخدمات بجودة عالية، وأسعار مناسبة، مؤكداً عدم استعداد السودان بالشكل المطلوب لهذه المرحلة وأضاف إذا قلت إن منظومة الكوميسا أو المنطقة العربية الحرة الموحدة كانت تتمرن استعداداً لمنظمة التجارة العالمية، لأنها تعتبر تكتلاً اقليمياً حيث ينحصر التكتل الأكبر في منظمة التجارة العالمية، بجانب أن الميزان التجاري حتى الآن للسودان مع دول الكوميسا ليس في مصلحة السودان، وكذلك الدول العربية، وأكد الناير أن حماية الصناعة الوطنية بالطرق التقليدية بفرض الرسوم على السلع المستوردة من الخارج لم تكن ناجعة أو فاعلة في المرحلة القادمة، وأن على السودان إسراع الخطى باستكمال كل متطلبات السودان للانضمام لمنظمة التجارة العالمية ما لم تكن هناك قضايا سياسية تعيق من قبل المجتمع الدولي باستعداد السودان، من حيث القطاع الزراعي بشقيه الصناعي والخدمات بأن يكون الاستعداد كاملاً للمرحلة القادمة التي قال تحتاج الى برامج وخطط عمل تؤمن بتنفيذها.. وذكر الخبير الاقتصادي د. عبد العظيم المهل أن الانضمام الى منظمة التجارة العالمية بدأ منذ 1995 وظلت طيلة الفترة الماضية الوفود تروح وتحضر وفي كل مرة الطلبات تكون تعجيزية ومتكررة.. وعزا عدم انضمام السودان أو قبوله عضواً دائماً وغير مراقب بالمنظمة لأسباب سياسية لموقف السودان من الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا الغربية، وهو جزء من الحصار الاقتصادي مما جعل الدول التي تؤيد السودان في منظمة التجارة العالمية محاصرة أمام الولاياتالمتحدة، مما أدى الى ضعف موقف السودان بسبب عدم وجود داعمين له في منظمة التجارة العالمية التي تسيطر على أكثر من 95% من التجارة.. إضافة الى ضعف ملف السودان بالمنظمة وعدم استعداده من الناحية الإدارية الكافية والمعلوماتية والاحصائية لاقناع الآخرين بقبول السودان في المنظمة، مع عدم التعامل مع دول المنشأ باستيراد السلع من دول أخرى في الغالب عربية، لذلك عندما طلب السودان من الوفد الياباني الوقوف الى جانبه ودعمه الذين رجعوا الى ميزانهم التجاري وجدوا من خلال الأرقام أن التبادل التجاري مع السودان ضعيف للغاية، وأن المنتجات التي يستعملها السودان يابانية، وأن السودان لا يستورد مباشرة من اليابان بل من دبي والسعودية ومن الدول العربية الأخرى، والتي تكون في الغالب سيارات أو أخرى لا تصلح في الميزان التجاري.. مشيراً الى أن الدولة الوحيدة الداعمة لموقف السودان بالمنظمة هي دولة الصين، والتي تشكل نسبة التبادل التجاري معها 70% بجانب ضعف مساهمة الكتلة الأوربية في التجارة مع السودان التي لم تدعم موقف السودان والتبادل التجاري مع الولاياتالمتحدة، أقل من (0.1) وهو محصور تقريباً في الصمغ العربي، والسلع البسيطة بسبب الحصار الاقتصادي.. وقال المهل إن الميزان والتبادل التجاري مع الكتلة الافريقية غير كبير بسبب النفط بعد انفصال الجنوب، وانخفاض صادر البترول بصورة كبيرة، إضافة للأسباب السياسية بين المواقف السياسية والتحالف مع ايران.. وبالتالي ليس لدينا أصدقاء غير إيرانوالصين المنبوذتين في منظمة التجارة الدولية، بحيث يعملون على محاصرة السودان اقتصادياً حتى يتأثر وهذا واضح من خلال دعوة بعض الدول للانضمام للمنظمة دون طلب ذلك، إضافة الى قبول بعض الدول جنوب الصحراء دولاً افريقية رغم أنها من الناحية الاقتصادية أقل من السودان بكثير، ولكنها استفادت من العلاقات الحميمية مع الولاياتالمتحدة والغرب، لذلك تم قبولها في المنظمة مع انضمام دول أصغر من السوان اقتصادياً، مما يفسر عدم انضمام السودان لسبب سياسي، وذكر بأننا مهما فعلنا فلن يتم قبولنا إلا إذا رفع الحصار الاقتصادي، وكانت وزارة التجارة الخارجية والعدل قد تبادلتا الاتهامات بسبب عدم انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية بسبب التلكؤ في ترجمة القوانين التي أجيزت في عام 2005م، فيما نفت وزارة العدل تلك الاتهامات لعدم تسلمها اي قوانين، واستغرب البرلمان تأخر انضمام السودان للمنظمة الدولية طيلة عشرين عاماً، ولم يخف البرلمان خشية من أن يظل السودان عشرين عاماً أخرى دون إكمال عملية الانضمام وقال إن (حكاية يا محسنين لله دي انتهت في العالم) وأقرت وزارة التجارة فشل انضمام السودان للمنظمة خلال 20 عاماً الماضية.. عازية الأمر لعدم مقدرة منتجات السودان بشكلها الحالي في السوق والانتاجيات المتدنية للمنافسة العالمية، ونقص القوانين والتشريعات مع ضعف الإرادة السياسية، وعدم جدية الدولة وحرصها لاتمام عملية الانضمام إضافة لتضارب السياسات بين الجهات المعنية، وقلة الموارد المالية بحيث وصفت عملية الانضمام بالمعقدة والتي تحتاج لإعادة ترتيب للوثائق والقوانين في السودان.. مشيرة الى الفراغ من إعداد 34 قانوناً تتعلق بمتطلبات المنظمة.