استحقاقات متقاعدي البنوك الحكومية ظلت مهضومة أربعة عشر عاماً بالرغم من أن القضاء في أرفع درجاته قضى بأن ترد هذه الحقوق لأصحابها، خاصة وأنها قضية إنسانية في المقام الأول لآباء أفنوا زهرة شبابهم وجزاءً من كهولتهم في خدمة البنوك التي كانوا يعملون بها، لكن بدلاً من تكريمهم على السنوات الطوال التي قضوها في خدمة تلك البنوك تم حرمانهم من حقوقهم المعاشية التي أقرتها لهم شروط خدمتهم، وأكدها قانون معاشات الخدمة العامة لسنة 1992م وظلوا يلهثون أربعة عشر عاماً من أجل استردادها، ولم يتركوا باباً إلا وطرقوه ولكن دون جدوى، بالرغم من أن منهم المريض، ومنهم المتقاعد ، ومنهم من قضى نحبه دون أن ترد مظلمته، ومنهم من ينتظر، وبعد معاناتهم من أجل تنفيذ أحكام القضاء لجأوا الى لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة بالمجلس الوطني التي درست المشكلة وخاطبت النائب الأول السابق قبل مغادرته موقعه، والتي أكدت مظلمتهم، وتقدمت بمقترح حسب ما أفادت المستندات المؤيدة لمظلمتهم ثم كانت مخاطبتهم للمفوضية القومية لحقوق الإنسان، والتي خاطبت بدورها السيد محافظ بنك السودان الأسبق د. صابر محمد الحسن، وقدمت له النصح بضرورة صرف مستحقات المتقاعدين، ولكن للأسف لم تتم الاستجابة، يقول متقاعدو البنوك الحكومية الذين استضافهم (منتدي آخر لحظة) الاقتصادي إن القضية بها تباين في تنفيذ الأحكام فهناك معاشيون صرفوا استحقاقاتهم حتى العام 2014م وهناك مجموعة صارفة حتى 2008م-2009م، بينما هناك مجموعة لم تصرف استحقاقاتها منذ بداية القضية في العام 2002 واصفين هذا الأمر بالظلم والإجحاف مستنكرين هذا التباين في الظلم بقولهم المساواة في الظلم عدالة، والمحزن حقيقة أن من بين هؤلاء المتقاعدين مدير إدارة تخزين في البنك الزراعي، وهو أول سوداني أخذ الدكتوراة في مجال التخزين، وهو الآن طريح الفراش في المستشفى يعاني من ضيق في الشرايين، وتم اجراء عملية له ويحتاج لاستحقاقاته لتقيه شر الحاجة. سيدي الرئيس هؤلاء آباؤنا وقد هدت قواهم، ولا حيلة لهم للركوض وراء حقوقهم، فقد خارت قواهم فهم كبار في السن، وأملهم معقود في قلبكم الرحيم الرؤوف، ويرفعون أكفهم من أجل رفع الظلم عنهم وإعادة حقوقهم وتحقيق مبدأ العدالة والانصاف، فهم يقولون إن المعضلة والعقبة الوحيدة التي أمامهم بنك السودان المركزي ممثلاً في شخص دكتور صابر المحافظ الاسبق، والذي أفاد بأن هذه المبالغ تتسبب في تدهور البنك بالرغم من أن شكوتهم المقدمة قد حازت على تأييد المحكمة الدستورية وفقاً للمستندات التي بحوزتهم، فلماذا يتماطل المركزي ويبطل هذه الحقوق طالما أنها حقوق مشروعة، (وللعلم فإن المنبر الاقتصادي بالصحيفة خاطب بنك السودان المركزي وأخطره بالموعد المحدد للمنبر لطرح القضية وفهم ملابساتها لإثبات التهمة الموكلة إليه من قبل المعاشيين أو نفيها أو تقديم الحجج والبراهين للتوضيح إلا أن البنك كعادته- كما فعل في إحد القنوات لم يستجب أو يعتذر واكتفت القناة الذكية بعرض الكرسي الدوارالذي شهد على غيابه ورفضه للاستضافة للتوضيح، حيث ظل الكرسي الدائر شاغراً حتى نهاية الحلقة لتؤكد غياب بنك السودان، ولكن يبدو أن بنك السودان المركزي لا حجة له بالرغم من أن ملف هؤلاء الطاعنين في السن بحوزته، فلماذا التلكؤ والمماطلة حتى على الإعلام ولا يخرج عن صمته كصمته عن رفع الحرج عن تصاعد أسعار الدولار دون مبررات واضحة ويبدو أنه استلذ الصمت حتى تجاه قضية هؤلاءالمعاشيين فهم آباؤنا قبل كل شيء، ولا يستحقون منا إلا الرحمة، فانصفوهم قبل فوات الأوان وقبل أن يرفعوا أيديهم الى السماء بالشكوى، حيث دعوة المظلوم لا يوجد بينها وبين الله حجاب، فاتقوا الله في آبائكم، فقد أفنوا زهرة شبابهم في خدمة هذه البنوك أيكون هذا جزاؤهم الجحود والإنكار إن كان لهم حقاً فاعطوهم وإلا فاخرجوا عن صمتكم وأبرزوا الدليل والبرهان ولا تتجاهلوا.. سيدي الرئيس قد وضع آباؤنا مظلمتهم بين يديكم وهم يشكون البأس والحزن وسوء الأحوال من فاقة ومرض وعوز، فارحم ضعفهم، وأكثر ما أحزنني أمنيات العم عبد القادر محمد صالح معاشي بالبنك الزراعي، وهو يمني نفسه بأن يصبح (أحد حمير تركيا بسبب أن إحدى محليات حكومة تركيا كرمت عدداً من الحمير كانت تستغلها في نقل بعض الأثقال على الطرق الوعرة وعندما عجزت عن العمل، أعفتها عن العمل رأفة ورحمة بها، وقامت بتكريمها، حيث أعدت لها زرائب مريحة كسكن لها ووفرت لها إعاشة مترفة بأنواع من العلف الجيد، بالإضافة الى تخصيص مستشفي بيطري للعلاج «ونقول لعمنا سوف تكرمون في بلدكم فإن بشيرنا لا يرتضي الذل والهوان لآبائنا» خاصة وأنكم بذلتم عصارة جهدكم وفكركم في خدمة هذه البنوك، فأنتم أهل للتكريم والإجلال في بلدكم السودان وليس تركيا.. سيدي الرئيس هلا استجبت لهم!! يتساءل كيف يعطل قرار محكمة دستورية ويعاد النظر فيه أليست هذه المحكمة الدستورية تمثل الدولة ومصداقيتها وعدالتها؟؟ إنهم كمعاشيين أفنوا عمرهم في خدمة هذه البنوك ويتوسلون الى السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، ووزير العدل محمد بشارة دوسة، الذي أصدر فتواه باستحقاقهم وأخطر بذلك الدكتور محمد خير الزبير محافظ بنك السودان السابق بضرورة انفاذ القانون، ويكررون التوسل بالعلماء الحادبين على إعلاء كلمة الحق والدين وكل من هتف باخلاص هي لله دون استثناء، وكل من هو أقرب لمؤسسة الرئاسة، وفوق كل هذا وذاك فالقرار بيد مؤسسة الرئاسة ولا مرد لقرارها أن تجد لآبائنا المخرج لإزالة هذا الظلم الجائر عنهم.. ونسأل الله أن يوفق بقدرته القائمين على أمر حقوقهم باستردادها فهم لا حول لهم ولا قوة، وطاعنون يشكون من فاقة ومرض وعوز، والله يهدي الى سبيل الرشاد وحسبهم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.