الجوع يعني الألم، ألم الخيارات المستحيلة، والجوع يعني الحزن، والجوع يعني الذل، والجوع يعني الخوف، ومن ثَمَّ صارت أبرز أبعاد الجوع هي الألم والحزن، والذل والخوف. ذكرت تقارير من بعض الوكالات العالمية عن زيادة مؤشرات الجوع، ووجود نحو مليار شخص جياع، معظمهم من الأطفال، وهذا من معهد دراسات استراتيجيات الغذاء العالمي، يتركز التقرير خمس وعشرين دولة ومن بينها السودان و يرجع كل ذلك للحروبات والنزاعات والكوارث الطبيعية. تُعد محاربة الجوع أحد التحديات الكبيرة التي تواجه المنظمات الإنسانية العالمية، لما له من أبعاد كبيرة في حق الإنسانية. إن الجوع المزمن يحصد في كل عام ما يتراوح بين 18 - 20 مليونًا من الناس، والسؤال المهم في هذا المجال: لماذا يجوع عالم تسوده الوفرة والبحبوحة؟ يقول جوزيف كولينز وفرنسيس مورلابيه في كتابهما (الجوع في العالم): منذ أكثر من 15 سنة حاولنا أن نفهم لماذا الجوع في عالم تسكنه الوفرة؟ وحين تجاوزنا النظرة السطحية إلى الجوع وصلنا إلى حقائق مذهلة منها:1- ليس الجوع في أية دولة من دول العالم مشكلة مستحيلة الحل، حتى تلك الدول التي تعتبر مكتظة بالسكان إلى حد كبير، لديها الإمكانات الضرورية لتحرير نفسها من عبء الجوع. 2- زيادة الإنتاج الغذائي قد لا يُساعد على حل المشكلة؛ ففي كثير من الدول يزداد الإنتاج، ويزداد معه الجائعون، ولكن ما هو الجوع؟ إن مشاهد هياكل الأجساد والصفوف الطويلة بانتظار حفنة من الطعام هي المجاعة، وهي أسوأ أنواع الجوع. ولكن أنا اقول ليست الكوارث الطبيعية هي السبب، بل هو ظُلم الإنسان لأخيه الإنسان، وطمع الإنسان وجشعه، وتبذير الموارد الاقتصادية، والإسراف في استخدامها، وإهدار الطاقات، كل ذلك وغيره من أسباب تفشِّي الجوع، وانتشار المجاعة في كثير من بقاع العالم.