دعني يا صاحبي استعيد المشاهد من قاع الذاكرة المخرومة هل تذكر حينما تناولنا طعام الغداء في نهار شتوي فارط العذوبة في البوفيه المفتوح في مطعم ( مهرا جا ) الهندي الفاٍِخر في حمراء جدة ، كنا أربعتنا ... رابحة ... رفيقتك ... وأنت ...وماجدة صديقتي الوحيده ، يومها تحدثنا عن الشعر ولحظات الصفاء وطاردنا العصافير الهاربة من أشجار العمر ، كانت تلك آخر مرة نلتقي فيها بعدها ذهبت إلى بحرة حيث المجتمع ( الحلفاوي ) ثم طرت إلى القاهرة ومنها لهجرتك الطويلة ، هل ( تدري يا نعسان) أقصد يا صاحبي ان خارطة الغناء في السودان تغيرت ودخلت إلى المشهد وجوه لا تشبه الطرب ، إما في مجال الشعر فقد دخل ناظمون نصف كم يسمونهم السمكرجية ، أشفق على هؤلاء وزمرتهم ، هل تعرف ان ملامح الصحافة الفنية اختلفت ودخل عتاولة وأشخاص لا يمتلكون غير سقط الكلام وهم بمثابة أطفال أنابيب الصحافة ، هل سمعت بعودة صاحبنا يوسف الموصلي وهروبه مرة اخرى ، الرجل عاد وقد سرق الزمن الكثير من فواتير عمره لم يعد ذلك الفتي العاشق المتدفق غناء وموسيقى في حواري الخرطوم غرب وحي الصحافة ، أصدقاؤك ألتيجاني حاج موسى ،عبد الوهاب هلاوي ، إسحق الحلنقي ، عبد الرحمن مكاوي ، بشرى سليمان سعيد ، حسن السر ، عمر محمود خالد ، زيدان ابراهيم ، عمر الجزلي ، سعد الدين ابراهيم ، وصلاح إدريس بانتظارك ، دار اتحاد المهن الموسيقية بانتظار مشاغباتك الجميلة ، للأسف خليل إسماعيل انتقل إلى الضفة الأخرى وهاشم ميرغني قضي نحبه في الغربة ، ابو عركي مسجل غياب من الدار منذ 20 عاما أو تزيد ، عمر الشاعر أصبح زاهدا في الفن هذا الصيد الليلي الجميل ، حسن ساتي انتقل إلى رحمة الله ، سيف الجامعة مازال يغني لصبيات في حلاوة منى ، حمد الريح ما يزال على عهده بانتظار عينيك ، مجذوب اونسة ما يزال يردد ( ده ما سلامك ) ، وناجي القدسي عاد إلى السودان وهرب مرة اخرى باحثا عن موطن لتجلياته ، ولا زالت يا صاحبي أغنية ( ما اتعوت أخاف من حبك ) سيدة الطرب حينما ينعس الليل ، كنا يا صاحبي حينما نفتقدك في ردهات الجامعة نعرف انك هربت لحب جديد في مدني أو بوسودان أو كسلا ، لكل مدينة من هذه المدن قصة معك ، كنت أكثرنا بوحا بأسماء حبيباتك عرفنا بعضهن ، منى الجميلة التي ما زالت في الخاطر وعباده ذات الملامح الساحلية وما خفي أعظم ، عموما أقول لك إنني أدمنت الغربة أصبحت جزءا من دمي ، اعرف تماما ان الكثير فاتنا ولكن لست نادما يا صاحبي ولا ابكي على ما مضى ، وادعوك للعودة فأنت مجنون ولست متحفظا مثلي وتمتلك كاريزما التعرف على الناس سريعا إما انا فالناس عندي إما ابيض أو اسود ، لا اعرف التعامل مع شخص الا اذا عرفته ، على فكرة قبل أيام التقيت صديقنا الشفيع عبد العزيز في جده وسألني عنك فهو يتنسم أخبارك ويبحث عنك لأجراء لقاء توثيقي معك في النيل الأزرق صاحبنا اقصد الشفيع لم يكن يدري انك في امريكا وقال انه لو كان يدري لأجرى معك لقاء أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة ، المهم ما زال يا صاحبي في الخاطر كلام انتظرني .