عرف عن القيادي الإسلامي والنقابي المخضرم عباس الخضر صدعه باراء جريئة كثيراً ما تحرك الساكن.. ويشهد له المجلس الوطني الذي يتمتع بعضويته بذلك .. عباس من المهمومين والمنشغلين بمسألة الحوار مع الآخر وظل يطالب حزبه المؤتمر الوطني منذ وقت مبكر بإتاحة الفرصة للآخرين للمشاركة معه في السلطة .. ولعل فهم عباس يعود لخلفيته النقابية القائمة علي المشاركة .. آخر لحظة شاركته جلسة برلمانية.. وأجرت معه هذا الحوار الذي تناولنا من خلاله الراهن السياسي .. خاصة وان الخضر كانت لديه تصريحات في الآونة الأخيرة حول الحوار والحكومة القومية، وكان ذلك مدخلنا للحوار معه، والذي قدم فيه رؤى جديدة جديرة بالتقدير.. حتي وإن كان هناك خلاف حولها... الوطني متهم بعدم الجدية في الحوار الجاري الآن ؟ - في الواقع الاتهام بأن المؤتمرالوطني غير جاد في الحوار أمر غير مسلم به، لأن الحوار أصبح على مستوى رئاسي بعد أن كان على مستوى لجان.. هي التي تقود الحوار واصبح الرئيس المشير عمر البشير هو من يقود الحوار بنفسه، ولعل اول لقاء «الوثبة» ثم توالت اللقاءات مع القوى السياسية، وتشكيل اللجان المشتركة، واتخاذ بعض القرارات التي أعطت الحريات الكافية بالذات للصحافة وغيرها..! كل هذه الخطوات تعتبر فيها شيء من المصداقية ولابد أن تقابل ايضاً بشيء من الثقة..و أنا أحسب الآن الاخ الرئيس هو جاد جدًا جدًا في الحوار.. والحوار نفسه ضرورة قصوى خاصة في هذه المرحلة.. لابد أن يكون هناك حوار يفتح الباب بحوار جاد ومثمر هادف ومفيد وله أجندة للتحاور حولها، ثم نأتي للمطلوب المتفق عليه من أجل مصلحة العباد والبلاد .. مفهومك للحكومة القومية ؟ - حقيقة لم اقل حكومة قومية.. ولم اقل حكومة انتقالية.. انا مقترحي حكومة وفاق وطني، وأعني بذلك الحوار الذي يقوده الرئيس ينبغي أن يفضي في نهاياته الى وفاق.. هذا الوفاق يتطلب أن تكون هناك جهة تحميه وتحرسه وهي- «حكومة الوفاق الوطني» إن الذين يتفقون على البرنامج في الحوار وهذا ليس وقفاً على أحزاب معينة، إنما هو مفتوح لكل من إرتضى أجندة الحوار المتفق عليها.. الحوار الذي ينبغي أن تكون هناك اجندة واضحة جلية.. لابد ان يتفق عليها.. اذًا الجميع فأنا قلت القوى السياسية الاقرب الى حكومةالوفاق الوطني، مع المؤتمرالوطني الاتحادي الديمقراطي حزب الامة القومي، المؤتمرالشعبي، الاصلاح الآن المؤتمرالسوداني.المستقلون والقوى اليسارية سواء كان الشيوعي أو البعث أو الحزب الناصري اذا هؤلاء أتفقوا على حوار أرى أن هذا يعطي شيئاً من الاستقرار والبلد في حاجة لذلك.. وهذا يكمن في توحيد الجبهة الداخلية..ونحن لانريد ان يتمزق السودان من داخله لأنه بلد مستهدف خارجياً و هذا الاستهداف اذا لم يكن هناك تواثق وترابط داخلي بين كل الجبهات عبر برنامج سيكون هناك تهديد للسودان وثرواته.. واعيد وأكرر لك لم أقل حكومة قومية أو إنتقالية، إنما حكومة و«فاق وطني».. حل البرلمان يهدد سيطرة الوطني ؟ - لا لم أقصد ذلك..! هناك أمر هام بالذات في الدستور الحالي دستور( 2005 م) الذي تم بالاتفاق مع الحركة الشعبية، وكان اقرب الى «دستور ثنائي» جمع بين المؤتمرالوطني والحركة الشعبية، وهو دستور مرحلي ينبغي أن يكون هناك دستور دائم.. وهو مطروح الآن خاصة وان هذا الدستور لاينبغي أن يأتي من كيان واحد البرلمان الحالي الأغلبية الساحقة فيه للمؤتمرالوطني، لهذا ينبغي ان لانتجاهل الآخرين..أنا أرى أن هذا البرلمان بالامكان و أقرب مثال في نظام مايو كان ذلك «مجلس الشعب» واذكر انه كان مجلس الشعب القومي الرابع و هنالك دوائر تمت بالانتخابات، وهنالك دوائر تمت بالتعيين..! وممكن يتم التعيين..والآن تم انتخاب حقيقة ومافي حرج، وممكن رئيس الجمهورية اذا الحوار خلص الى وفاق ممكن يعطي نسباً للأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق الوطني اذا تم الاتفاق عليها، على الاقل يكون في اتفاق حقيقي من اجل إخراج دستور متفق عليه.. وهذا الدستور يحكم البلد، وندخل الانتخابات بناءً على مااتفقنا عليه من دستور.. هذا يلقي بظلاله.. وهنا يمكن أن تؤجل الانتخابات االقادمة حتى نعطي للقوى السياسية فرصة ان ترتب حالها، لان القوى السياسية كانت بعيدة ووجودها داخل مؤسسات الحكومة هذا الوجود يمكنها من المنازلة الانتخابية على ضوء مااتفقنا عليه في الدستور، وهذا يحفظ هيبة البلاد، ويعطى مساحة للتقدم للامام.. ونحن من هنا نكون صنعنا ربيعنا بانفسنا مثل الدول العربية الاخرى .. كيف يتم تنزيل ذلك على أجهزة الدولة ؟ - أقول لك هذا ينبغي أن يتنزل على الأجهزة التشريعية الولائية، وعلى القوى السياسية أن تشارك كذلك في الشان الولائي، ويجب أن تفتح لها الخانات للمشاركة في المجالس، وينبغي ان يتنزل على المجالس المحلية على مستوى المحليات، وبكل أسف هنالك بعض الولايات ليس لها مجالس محلية وهذايترك حلقة مفرغة وخطيرة جدًا جدًا لأنه مافي جهة تحاسب المعتمد. فالمعتمد لايحاسبه مجلس الولاية التشريعي حسب اللوائح، انما يحاسبه المجلس المحلي، الآن المجلس التشريعي مامن حقه يطالب والي أو معتمد ليدلي ببرنامجه.. ولذا لابد أن نشكل المجالس المحلية، ونستصحب معانا فيها القوى السياسية حتى يكون معنا من العمل التشريعي المحلي وكذلك الى الولائي والقومي.. ويكون هذا نسيج محكم.. هذا يعطي الثقة عند الجميع.. وهذا يحتاج الى حكمة، ويجب أن نحفظ للآخرين حقهم من اجل أن نغلق كل أبواب الفتنة والاحتكارية.. ونريد ان ننتقل بهذه السلطة انتقالاً سلمياً في الانتخابات ونترك للشعب يقدم من شاء، ويمنع من يشاء. حكومة الوفاق الوطني قد تفقدكم الشرعية ؟ حكومة «2005 »م كانت هكذا فيها الشيوعيون والامة وفيها كل القوى السياسية شاركت وشكلت كتلة معاً ضد المؤتمرالوطني.. ولم نتأثر بشيء، واذا في حزب يخاف من الناس يبقى حزب ماعنده قيمة حزبنا لديه استراتيجية ورؤى وخطط، يطرح برنامجه.. حزبنا لايريد أن يحتكر السلطة. يريد أن يشرك معه الآخرين.. وهذاهو الذي نعمل من أجله لأن الاحتكار فيه شمولية والشمولية الناس تجاوزتها الآن و لابد أن نحتكم للشعب اذا أراد يولى قوى اخرى هذا شأنه واختياره.. ولاينبغي ان يمنع أو تمارس عليه وصاية.. لكن ينبغي أن يقدم كل منا برنامجه وحقيقة أنا أرى أن الأمثل من ذلك اننا في السودان «عجيبين شديد» فأنا أرى أن كثرة الاحزاب، وكثرة الصحف ايضاً مشكلة لأن هناك رؤية تؤكد ضرورة الاندماج، والمشاركات في الصحف، ومشاركات واندماجات بين القوى السياسية الآن في بريطانيا لايوجد أكثر من حزبين، وفي امريكا حزبين، الأحزاب اليسارية والمحافظين حزب العمال..! فالقضية حقيقة اذا الاحزاب دي( كلها) يحصل نوع من التمازج، وكل منها يندمج مع بعض، فمثلاً الاحزاب المتقاربة في فكرها وطرحها لها ان تلتقي معاً.. ولو في ائتلاف أو حزب موحد وهي قد تأتلف بعد الانتخابات لأن كل حزب عاوز يظهر قوته.. لكن الآن لو في أحزاب وفقت أوضاعها يكون أفضل.. أعني بقولي هذا:- إذا الاحزاب كلها استطاعت ان تتوحد مع بعض يكون أفضل من الكثرة، ويكون العطاء والمردود أفضل لأن العالم الخارجي متوحد الآن و«كم وتلاتين» حزب هذه مشكلة بالنسبة لينا لأنها تبدد طاقات الناس.. هل تتوجسون خيفة من الصراع السياسي ؟ المؤتمرالوطنى لايتوجس خيفة من الصراع السياسي فهو الآن اكبر حزب ومؤتمراته تعقد الآن على مستوى الاساس في كل السودان.. أعتقد أنه سيمضي من القواعد الى المحليات، ثم المراكز فالمؤتمرالعام الذي سيعقد في أكتوبر.. اتمنى من القوى السياسية أن ترتب حالها وتمضي والآن حزب المؤتمرالوطني منع اي شخص لم يسدد اشتراكاته مايخش المؤتمرات القاعدية. المعارضة تخشى من اصطفاف اليمين ضد اليسار ؟ هذا صراع آيدلوجي وصراع فكري موجود في الساحة فهي ايضاً منهجها علماني.. وخط آخر فأصحاب الفكر المتقارب ينبغي ان يكونوا معاً ووحدة أهل القبلة تمكين لهم لكي لا يؤخذوا على حين غرة.. الآن العلمانية كشرت عن انيابها في كثير من الدول، فهذا ليس شكلاً للتحالف، لكن بذات القدر يجب أن يرتبوا حالهم فالصراع صراع فكري وليس صراع سلاح أو قتل، والاسلام لايرفض الفكر ولايرفض الحوار، والحوار مفتوح في كل الأحوال يمكنك أن تحاور اي جهة من الجهات بفهم متقدم.. أعود لحكومة الوفاق وكأنك قدمت البرلمان قرباناً لها ؟ - أنا لم أقدم البرلمان كقربان!! لكن أنا أقدم المصلحة العليا مصلحة الوطن فاذا كان أمر الوفاق يتطلب حل البرلمان فليكن، فليس هناك قربان، لأننا نريد علاج المسألة بصورة عامة والبرلماني أكثر وعياً من ذلك لأنه يؤمن بأن مصلحة الوطن فوق كل شيء وليس لديهم مصالح شخصية.. أنا ذكرت أن البرلمان ينبغي ان يكمل ويتمم لأن هناك خانات شاغرة موجودة تخص قوى سياسية كانت موجودة وخرجت، وذكرت انه في فترة نميري يتم فيها دوائر بالانتخاب، ودوائر بالتعيين، لامانع فرئيس الجمهورية بعد الاتفاق مع القوى السياسية أن يعين عشان يحسوا بأن هناك وجود حقيقي فاعل للقوى السياسية عشان لما يتخذ قرار يتحملوا كلهم مسؤليته مايقولوا ليك ده قرار المؤتمرالوطني.. عايزين كل القوى السياسية موجودة.. عايزين لمن نعمل دستور يكون فيه اتفاق عشان مايجوا يقولوا ده دستور الوطني، وهذا يعتبر زهد وليس حرص على السلطة .. هل حكومة الوفاق الوطني تهدد شرعية الرئيس في الحكم ؟ انما تعززه.. ولا تهدده لأن الرئيس مقبول من كل الأطراف.. اذا عمل حكومة الوفاق أنا قلت حكومة وفاق حقيقي وليس أجوفاً اتفق على برنامج فعلى مكتوب موثق موقع عليه من كل القوى السياسية يبقى هذا تعزيزا للرئيس وليس تهديدا أصلاً..