راي :عبد الرحيم امام محمد التهامي بدأ الحديث حول التعليم الأساسي منذ أيام الإعداد لمؤتمر سياسات التربية والتعليم (سبتمبر 1990م) وظل الحديث حوله حتى اليوم. وهذه ملاحظات متفرقة آمل أن يستفاد منها في هذه المرحلة في تطوير التعليم الأساسي. لقد طرأت تغييرات كبيرة على التعليم الأساسي ، ومن أبرزها: 1- تخفيض سن القبول من سبع سنوات إلى ست سنوات 2- زيادة عدد سنوات المرحلة الابتدائية من ست سنوات إلى ثماني سنوات. 3- الغاء منهج المواد المنفصلة وتبني المنهج المحوري . 4- الغاء معاهد التربية ذات الكفاءة العالية والخبرة الطويلة، التي كانت تعد معلمي الأولية والابتدائية والمتوسطة منذ معهد بخت الرضا، وتصفيتها دفعة واحدة ، وتسليم مبانيها للجامعات . 5- أيلولة تدريب معلمي مرحلة التعليم الأساسي لكليات التربية لنيل درجة البكالوريوس دون تخطيط يذكر يلائم المنهج والمعلم وهكذا تعجِّلت وزارة التربية في الغاء وتصفية المعاهد قبل أن تضمن البديل الجديد. وكانت هذه أكبر كارثة ما زال يعاني منها التعليم الأساسي. ولو عملت الجهات المسؤولة آنذاك بوصية القرد لولده ، لما آل التعليم إلى ما هو عليه الآن. قال القرد لولده( يا ولدي ما تفك فرع قبل ما تمسك فرع ). تلك التغييرات الكثيرة والكبيرة لم يتم الإعداد لها، خاصة في مجالي تدريب المعلمين والكتاب المدرسي والبيئة المدرسية . وكل هذا وغيره أدى إلى ضعف مخرجات التعليم، وغياب القيم الكثيرة التي تضمنها المنهج وظلت حبراً على ورق، وانعكس ذلك في السلوك الغالب لطلاب الجامعات منذ سنوات،المتمثل في العنف والتخريب وعدم الشعور باالمسؤولية من حرق لممتلكات الجامعات ، وهم اولى الناس بالمحافظة عليها، بل وصل العنف إلى قتل بعضهم، بالإضافة لانتشار الكثير من مظاهر السلوك المنحرف،الذي تحدثت عنه الصحافة وبعض الأجهزة المسؤولة المختصة. ارتبطت بالتعليم الأساسي سلبيات أقعدته عن بلوغ أهدافه بالمستوى المطلوب ، ومنها: 1- عدم تدريب المعلمين المسبق على المنهج الجديد. 2- عدم تنوير المعلمين بالفلسفة التي بني عليها المنهج، وعدم تعريفهم بالمنهج الجديد ولم تتم تهيئتهم له. 3- بسبب ما سبق كانت نظرة غالبية المعلمين للمنهج الجديد، والنظام الجديد نظرة عدائية، فكيف برسالة تصل إلى المعنيين بها ورسولها ليس مقتنعاً بها ، بل عدواً لها . 4- عدم توفر الكتاب المدرسي، وضعف البيئة المدرسية وضعف تمويل التعليم . وبالتالي انعدمت المناشط التربوية رغم اهميتها . 5- إهمال ما جاء في تقارير لجان المركز القومي للمناهج التي كانت تقوم بجولات ميدانية في الولايات المختلفة لمتابعة تنفيذ المنهج، وقد بدأت تلك اللجان زياراتها للولايات منذ حوالي عام 1999م. 6- تركزت أسس القياس والتقويم فعلياً على الاختبارات التحصيلية ، وبالتالي لم تجد المناشط و المهارات والقيم فرصة، لأنها خارج ورقة الامتحان. وبالتالي أهملت المواهب، وغرس القيم الفاضلة وتنميتها. كما أن الكثيرين من الموهوبين لم يجدوا من يرعاهم، والاكتفاء فقط بحشوهم بالمعلومات. 7- التنافس الحاد بين المدراس(حكومية أو خاصة)من أجل الشُّهرة وإهمال ما هو خارج ورقة الامتحان. وكل مدرسة حريصة على أن تُعلن ضمن المدارس المتفوقة . وعدداً من تلك المدارس التي يتم إعلانها كمدارس متفوقة ليست كذلك، وذلك لأنها تقوم بتصفية تلاميذها الممتحنين، إما بالإعادة أو تحويلهم للامتحان ضمن فصول اتحاد المعلمين. ويمكن التأكد من ذلك من خلال مراجعة كشوفات المدارس.8- عدم الأخذ برأى العلماء، والخبراء في مجال تدريب معلمي التعليم الأساسي، والدليل على هذا، إلغاء كل ما تم التوصل إليه في مؤتمر يونيو 1991م ببخت الرضا الذي ضم كل عمداء كليات التربية آنذاك، وكانوا تسعة ، بالإضافة لخبراء تربويين من الوزارة والمركز القومي للمناهج، وقد وصلت تلك المجهودات حتى مرحلة إعداد مفردات المنهج المقترح لتدريب المعلمين بمعاهد التربية السابقة. وقد شارك في إعداد تلك المفردات كثير من المحاضرين بكليات التربية، ووضعت كافة الترتيبات التي تضمن حصول المعلمين على درجة البكالريوس بالتنسيق مع الجهات المختصة . لقد كثر الحديث مؤخراً عن مسألة إعادة العام الدراسي «المفقود» ووجود اطفال تتباين أعمارهم في مبنى واحد ولا بد من الفصل بينهم . وأخيراً جاءت الموافقة بإعادة العام «المفقود» والعمل على الفصل بين التلاميذ حسب أعمارهم وإعادة المرحلة المتوسطة تدريجياً كما ذكر السيد / مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي في لقاء تلفزيوني قبل ايام . وهنالك مسألة مهمة لم تجد حظها من التداول وهي سن القبول ، فإنني أرى ضرورة الرجوع إلى سن القبول السابقة ، سبع سنوات بدلاً عن ست سنوات ،فإذا كنا نستند على خبرات الآخرين في سنوات السلم التعليمي وغيره، فما الذى يمنع أن نعمل بهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى ، بالنسبة لسن القبول، (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع)....الحديث. وقد ذكرت هذا في لقاء ببخت الرضا في حوالي عام 1990م بعد إنتهاء مؤتمر سياسات التربية والتعليم وقبل بدء السلم التعليمي الحالي (8-3) وقد ذكر مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي في اللقاء التلفزيوني إن سن القبول في السويد مثلاً سبع سنوات وفي بريطانيا أيضاً سبع سنوات. وكنت أتوقع أن يتبنى مدير المناهج إرجاع سن القبول إلى سبع سنوات وبالتالي فإنه سيضع بصمة لن ينكرها أحد ،آمل ذلك ،خاصة أنه حضر تخريج معلمات لرياض الأطفال ولاحظ صغر أحجامهن،كما أن أحد خبراء التربية ، وقد كان عميداً لإحدى كليات التربية ، ذكر أن بعض طالبات الكلية يلعبن لعب الأطفال مثل «الحجلة» أرحموا الاطفال ودعوهم يشبعوا رغبتهم في اللعب والأهم أيضاً أن الطفل يحتاج الى نمو عقلي وجسمي يمكنه من الإستيعاب والفهم والتمكن من الكتابة بطريقة سليمة . وحتى لاتتكرر التجارب الفاشلة ، أرى ألاّ يبدأ تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الثالث، ليس لأنها صعبة على التلاميذ ، بل من الممكن ان تبدأ في مرحلة التعليم قبل المدرسي، ولكن اعتراضي لعدم توافر معلمي اللغة الإنجليزية في الوقت الحاضر حتى للصفوف الحالية التي تدرس فيها اللغة الإنجليزية (من الصف الخامس إلى الصف الثامن)...كما أن الصفوف الدنيا تحتاج إلى معلمين على تأهيل وكفاءة عالية. وهناك ثمة نقطة مهمة وهي أن عدداً مقدراً من المعلمين في حاجة إلى تدريب عاجل، لأن هؤلاء تم تدريبهم على عجل ولم ينالوا حظهم الكامل في التربية العملية والمناشط، كما أن أعداداً أخرى تخرجت في كليات التربية وتأهلوا للعمل بالمدارس الثانوية، ولكنهم لم يجدوا فرصة للعمل بالمدارس الثانوية.. فاضطروا للعمل بمرحلة الأساس، خاصة في ولاية الخرطوم! في الختام أرى ضرورة مشاركة المعلمين والمعلمات مشاركة فعلية في المراحل التالية لإعداد وتأليف الكتب المدرسية حسب المنهج الجديد، مع ضرورة مراجعة أي كتاب بعد إعداده النهائي للطباعة بواسطة لجنة من المعلمين الأكفاء العاملين بالميدان لمعالجة أية أخطاء مطبعية أو غيرها. وأرجو ألا تكون العجلة سبباً في إلغاء هذه المرحلة المهمة ، ولا يكفي مجرد اخطار المعلمين بما تم و مشاركتهم تعني دورهم الإيجابي في القادم الجديد مما يضمن تنفيذهم للمنهج الجديد بثقة وهمة واجتهاد من أجل نجاحه، ومما لا شك فيه فإن المركز القومي للمناهج قادر على تنظيم وترتيب الأمر بما يضمن مشاركة هؤلاء. لقد كان شعار مؤتمر سياسات التربية والتعليم عام 1990م (إصلاح السودان في إصلاح التعليم) اتمنى أن يجد هذا الشعار طريقه إلى التنفيذ . وختاماً أتمنى أيضاً استعجال وزارة التربية والتعليم قيام الجامعة التربوية لتقوم بمهمة تدريب المعلمين وكل الأطر التربوية ، علماً بأن قيامها ظل حلماً منذ المؤتمر القومي الثاني للتعليم عام 2002م ،لأن تربية العم ليست مثل تربية الأب .والله من وراء القصد وأسأله تعالى التوفيق والسداد للجميع والسؤدد والرفعة للسودان. معلم بالمعاش موبايل 0912598504