أنا الآن في زيارة خاطفة لمدينة شندي!! الحي الذي «أنزل» فيه لا توجد به مكتبة عامة تبيع «الجرائد» والمدينة كلها تفتقر إلى هذا النوع من الخدمات.. المكتبة الوحيدة في السوق!! إذن كيف أستوثق من الخبر «القنبلة» الذي جاءني في رسالة نصية من قارئة أمدرمانية؟! دارت في نفسي الظنون.. قلت في نفسي كل شيء جائز في دنيا «الجرائد».. فحالنا كحال «الهنود» أهل البلد الأصليين أمام «القادمين» الجدد!! القارئة قالت لي لم أتخيل أن تختفي عن الصورة كلية!! لقد جاء في مكانك «صلاح عووضة» وكمان جابوا سعد الدين إبراهيم!!.. قلت لها والله أنا ما عارف شيء لكن «بالمنطق» خليني «النشوف آخرتا» و«الصباح رباح»!! هل يمكن أن يقع انقلاب بهذه الصورة يا صلاح عووضة؟!.. وأنت تحدثنا كل يوم عن الديمقراطية و«السلعلع» و«الحرية» والتداول السلمي ل«أم جنقر».. يا أخي «أم فتفت» ما بعملوها كده!!.. طيب صلاح الدين عرفناه قلت في سري سعد الدين ده شنو؟! يعني الزول ما يسافر الولايات يدي الناس ظهرو يقع انقلاب؟!.. يا اخوانا الدنيا الحصل فيها شنو تشتغل بيديك وكرعيك وتساهر أنصاص الليالي ولا تشكو أبداً كثرة «الفئران» في مكتبك.. وفجأة تلقى صلاح الدين عووضة يحتل كل أراضيك بهذه الصورة الخاطفة والسريعة!! نعم صلاح الدين يستحق أن تفسح له كل الجريدة وكل القلوب.. بل حتى بيتك الواسع الفسيح في الدروشاب ولكن بالمنطق!! قارئة أخرى أكن لها كل الاحترام قالت ما بين الضحك والدعابة.. دايره أقرأ ليك القى عووضة. جاءني تلفون ثالث ورابع ورسالة خامسة وسادسة في هذه اللحظة كنت قد اقتربت من المكتبة.. من بعيد لمحت صورة «صلاح» وسعد الدين إذاً الانقلاب صحيح!! وأنا في هذه الحالة جاءني صوت سعد الدين قلت في سري ده البيان رقم «2».. سعد الدين بادرني دا شنو يا ناس «آخر لحظة»؟!.. ضحكت وقلت له والله أنا زيك «أديني دقائق وارجع ليك»!! إذن الانقلاب فشنك!!.. في التلفون كان المخرج سامي إبراهيم يشرح لي ما حدث أمس الأول.. قلت له قامت الدنيا ولم تقعد!!.. قال: ذهبت صفحة قديمة للمطبعة بدلاً من الصفحة المعدة سلفاً للطباعة والإرسال.. معليش يا أستاذ. قلت له ذات مرة وقبل عقد من الزمان كنا نعمل في صحيفة يومية أخطأت زميلة لنا وقامت بالدفع بمادة دون علم سكرتارية التحرير وفي اليوم التالي وعندما عرفت فداحة خطأ ما اقترفت قالت لعمنا ذاك في السكرتارية معليش يا أستاذ!! فرد عليها غاضباً وقد احمرت عيناه من الغضب (يا بنتي معليش في الصحافة ما بتنفع، «الغلطة» في الصحافة ك«الهواء» الذي يخرج من «الجسد»... هل يعود؟.. حتماً لا ولكنه يترك أثراً «نتناً» في الجو «المحيط»!!.. ولكننا ماذا نفعل مع الأخطاء التي لا بد أن تقع ونحن نعمل في مهنة فيها كل «شيء» ضدنا. نعم واللّه أي «شيء» ضدنا!!