ü لم يُعجب صديقي الحديث الكثير الذي يدور هذه الأيام عن الوحدة الجاذبة فقال لي ها أنتم تصطلون بنار (المجاذيب).. والمجاذيب هنا هم أولئك الذين يمنون النّفس (بجاذبية) الوحدة أو المفروض أن تكون (جاذبة) قال: هؤلاء المجاذيب لم يترك لهم قادة الحركة الشعبية المُندفعون نحو الانفصال (الاستقلال).. ما يقولون به.. ومثال ذلك الخبر المكتوب أسفل شاشة تلفزيون السودان عن توصيات (مؤتمر ما) تقول.. ويدعو إلى التمسك بمقومات الوحدة الوطنية.. والعوامل المشتركة!! ويواصل (الصديق) قوله (تفكوا كل ممسكات الوحدة الوطنية من إيديكم وتجروا تفتشوا فيها في الزمن الضائع..) الجيش سحبتوه.. الشرطة السودانية ما عندها وجود ولا صلاحيات في الجنوب.. البنك المركزي حقهم براهم.. والمراجع العام.. والعلم.. والمزيكة.. والحكومة والتمثيل الخارجي.. ومنح تأشيرات الدخول.. ومنع الضرائب والزكاة عن الحكومة الاتّحادية.. وجميع السلطات بما فيها الترخيص لشركات البترول والاتصالات والطيران.. عن أي قواسم مشتركة تتحدثون.. لم يتركوا لكم ما تقولون.. وأنا نظرياً مع الوحدة.. لكن عملياً الانفصال قائم طيلة الفترة الانتقالية وسيتأكد بعد التاسع من يناير.. وكل المطلوب والمأمول أن يجيء الانفصال سلساً ولا تعقبه توترات قد تؤدي إلى حروب هنا أو هناك.. أما المشاكل العالقة مثل ما تبقى حوالي 20% من ترسيم الحدود.. وتصفية الديون.. ومصير الجنوبيين في الشمال أو (شوية) الشماليين في الجنوب وغيرها لن تقف حائلاً دون إجراء الاستفتاء في موعده وإعلان نتيجته ومن ثم القبول بها.. فالأمر أبسط مما يعتقد الكثيرون من سياسيين وإعلاميين وبعض المواطنين!! ثم نفض جلبابه ولم ينتظر مني إجابة. ü المستشار الباشمهندس عمر البكري أبوحراز ظل يرفد صحيفة (آخر لحظة) بدراساته ومقالاته (المخدومة) حول بعض القضايا الحيوية وله حول انفصال الجنوب دراسة نُشرت في ثلاث حلقات جديرة بالرصد والاهتمام وترتيب الأمور وفقاً لتلك الحسابات البسيطة.. والخلاصة التي توصّلت إليها الدراسة تتفق مع ما قال به صديقي بعد أن ارتكزت على خلاصة من ثلاث نقاط حول (المسؤولية التاريخية - الآثار الاقتصادية - المشاكل الأمنية) فالمسؤولية التاريخية بحسب الباشمهندس موزعة بنسب متفاوتة وعلى مر الحقب لمدة خمسين عاماً (1955 - 2005م) تتحمل حقبة الإنقاذ منها 32% وحقبة مايو 32% وحقبة نوفمبر 12% وحقبة الديمقراطيات الحزبية 24%.. وعن الآثار الاقتصادية تقول الدراسة بأن الانفصال إذا جاء بصورة ودية لن يتأثر الشمال بأي نقص في العائد المادي بل سيكون نصيبنا من عائد البترول 51% بدلاً عن 50% وعن المشاكل الأمنية تقول الدراسة بأن حدودنا مع الجنوب يبلغ طولها (1037 كلم) بينما حدودنا مع تشاد وحدها (1360 كلم) إذن لن يكون هناك تهديد أمني خطير على الشمال بعد الانفصال.. أرجو أن تجد دراسة الباشمهندس ما تستحقه من اهتمام وتمحيص. ü إنّ النزعة الانفصالية عند قادة الحركة الشعبية ليست بخافية على أحد ولا هي (عيب) ومع ذلك فإن الأجندة الاستعمارية ماثلة للعيان ونربأ بقادة الجنوب أن يخونوا أرضهم وشعبهم فيقدموه لقمة سائغة للطامعين وفي ذات الوقت فإننا في الشمال لا نطمع في خيراتهم ولا نخشى ملاقاتهم في أي مواجهة تُفرض علينا.. فقائد الأمة وزعيمها ونائبه أعلنا وعلى رؤوس الأشهاد إصرارهما على إجراء الاستفتاء في موعده والاعتراف بنتائجه وفق (مطلوبات) مشروعة لا تتعدى الشفافية والنزاهة وحرية الرأي.. وحسم بعض القضايا العالقة.. وفي المقابل يطلق قادة الحركة التصريحات العدائية التي لا تنقضي عجائبها.. ولا يزال الأستاذ علي عثمان يبذل قصارى جهده لتفادي أي احتكاكات أو مماحكات في تنفيذ ما تبقى من اتّفاقية السلام الشامل ذروة سنام الإنجازات في بلادنا والتي أكملت الاستقلال بمفهومه الحقيقي. ü ولأننا في بلادنا (إبرتنا ما بتشيل خيطين) فإننا نمسك بالواحدة واحدة.. يجيء رمضان فتكون إجاباتنا لأي سؤال أو طلب (بعد العيد) ويجيء آخر السنة فتكون إجابتنا لأي سؤال أو طلب «بعد الميزانية» وتجيء الانتخابات فنؤجل كل شيء لما بعد الانتخابات.. أما الاستفتاء فقد أوقف حياتنا كلها.. كل شيء بعد الاستفتاء.. وبعد الاستفتاء ستكون الحجة بعد ترتيبات ما بعد الاستفتاء.. ولفرط حساسيتنا من موضوع الاستفتاء أصبحنا (نحسب كل صيحة علينا) هم العدو.. فإن تحدّث أوباما.. أو قالت الأممالمتحدة بنشر قوات تقوم القيامة عندنا ولا تقعد.. وكأن الأمم المُتّحدة مشاكلها محلولة وقواتها جاهزة لتنشر في حدود بطول (1360 كلم) يا سلام!! هذا مجرد كلام تُسوّق له بعض أجهزة الإعلام بغرض الإثارة أو هو بالون اختبار.. لا ينبغي أن نفرغ فيه جهدنا. ü وبما أن العاقل يأخذ دائماً بأسوأ الاحتمالات فإن على وزارة المالية أن تضع ميزانية العام 2011م بدون بترول الجنوب ولن نقتنع بتوصية السيد وزير المالية بأكل الكسرة لأنّها ببساطة شديدة أغلى من الرغيف. وهذا هو المفروض..