ألف قصة تحدث هناك، حيث كارثة أو نجدة وهناك اسم اشارة لأي مكان في السودان حيث التكاتف والتعاون والنفير عند الشدائد.. هذه القيم السودانية متوارثة بطبيعة الحال.. وأطفالنا يحملون جينات أجدادنا.. وهذه المرة القصة أكثر من رائعة وهي تجسد واقعاً في أطراف الخرطوم التي هدَّها السيل والمطر.. وتداعى الناس لبعضهم البعض يحملون أوجاعاً.. ويكفكفون دموع حزنهم لما فقدوه من أقارب أو ممتلكات في خريف وسيول هذا العام. قصتنا بطلتها طفلة لا يتجاوز عمرها السابعة لكنها كبيرة بعقلها وقلبها، أصيلة بأخلاقها وأهلها وهي ترى بيت رفيقها في المدرسة قد ساوت به السيول الأرض فتبادر بمصروفها مساهمة منها لمساعدته ببراءة الأطفال، فهذه الطفلة تضرب مثالاً للغرس الطيب الذي ينبت طيباً. ٭ حكاية «جنيهين» تبرعت لزميلي في المدرسة تاج الدين عشان يقدروا يبنوا بيتهم تاني لأنو السيل شالو.. بهذه الكلمات البسيطة تحدثت التمليذة «أهداب» لآخر لحظة، وتزيد بأنها كلمت أصحابها لمساعدته، وأنها عند وصول عربة الترحيل رأت أن بيتهم مافي شالو السيل. ومن جانبها قالت الأستاذة مايسة يسن مديرة مدرسة «أوان المستقبل» إنهم كإدارة تبنوا فكرة التمليذة «أهداب» ومساهمة منهم تم إعفاء التلميذ تاج الدين من نصف رسوم الدراسة لهذا العام وسوف يقدمون لأسرته دعماً مالياً بجانب دعم زملائه التلاميذ ترسيخاً لمفهوم التعاون الاجتماعي، والنفير بين التلاميذ وإعلاء للقيم الطيبة. تاج الدين يشكر زميلته تاج الدين استقبلنا ببراءة الأطفال وقال شكراً لناس المدرسة ولأهداب، بينما كان الامتنان في عيون أسرته ووالدته التي نجت من الغرق والسيول، وهي قد وضعت طفلة منذ عشرة أيام فقط، خرجت بها بعد أن داهمها السيل فسمتها «مزن» وهي تحمد الله على النجاة. وتبقى حكاية «أهداب» رمزاً وقيمة وصورة مشرفة.