ابنتي سمر بادرتني صباح اليوم بأن أعطيها ألف جنيه زيادة على المصاريف اليومية، وسألتها عن السبب فقالت: مساهمة لناس الدمازين هذا الاحساس الطفولي البريء ما كان يقابل الا بالاستجابة الفورية مني لانه وجد هوى في نفسي ويعد لبنة طيبة نحبذ ايجادها في المؤسسات التعليمية، بالذات تلاميذ مرحلة الاساس التي ينمو فيها وجدان وعواطف التلميذ نحو وطنه وأمته وأهله، وهي المرحلة التربوية الخاصة بغرس القيم الايجابية التي تسهم في نمو الطفل ليكون مواطنا صالحا محباً لوطنه.. شريطة ان يتم ذلك في سياق وطني عام لا يشعر فيه التلميذ ان هذه?المساهمة تتم كأتاوة او رسوم مفروضة عليه بمعنى أن تأتي هذه المساهمة بطيب خاطر وتفهم كامل ومتعاطف مع المغذى، ولعل خلق هذا الجو من التعاطف بالتهيئة الوجدانية والنفسية للتلميذ هو دور المعلم في المقام الاول، مع ربط هذه المساهمة في إطار الدين الحنيف الذي يدعو الى الإنفاق والتراحم والتكافل في مثل هذه المحن والشدائد وربط ذلك ايضا باستنطاق التراث السوداني العظيم الذي له قدم راسخة في اغاثة الملهوف ونجدته، وقيم الكرم والمروءة والأخلاق التي تميز انسان السودان.. ولعل هنالك مؤسسات أخرى تشترك في هذه المهمة الخاصة بالنجدة?كمؤسسات الأسرة وأجهزة الاعلام والمساجد وبعض المنتديات المعنية. والطريقة نفسها التي تجمع بها هذه المساهمات ان كانت لينة ومؤثرة باستصحاب القصص الواقعية والافرازات السالبة للحرب التي شنها المتمرد مالك عقار في النيل الازرق، والآثار السالبة على الاطفال والنساء والعجزة وكبار السن.. كل ذلك يمكن ان يخلق موقفاً وطنياً تلقائياً لدى الأطفال، وتعد سانحة طيبة ان يتفرع الحديث الى دور مؤسساتنا القومية العظيمة كالقوات المسلحة صمام الامان والوحدة الوطنية والتي يدافع أفرادها عن بلادنا وعن حياتنا ويقدمون في سبيل ذلك الارواح والمهج، فلابد من التحية للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي تس?ر لراحتنا وتقدم من اجلنا الغالي والنفيس. تجسيد هذه الملاحم الوطنية أمام التلاميذ ولا تثريب ان تجسد دور قواتنا المسلحة المشرف في الماضي، وهذا الدور الذي تغنت به الفلاتية (يجوا عايدين ان شاء الله عايدين جنودنا المنتصرين) ولا تثريب أيضا أن نذهب بالتلاميذ في زيارة لقيادة القوات المسلحة وحامياتها، لأن التلاميذ في هذه المرحلة يحتاجون لتجسيد الموقف وتمثيله امامهم وهذا أدعى للفهم والانفعال والمعايشة التي تبقى في ذاكرة الطفل وتوسيع مداركه. ويبقى السؤال في كيف نستثمر الاعتداء على الدمازين وتقلب الموقف الى لحظة وطنية نتنادى فيها بكل سحناتنا ولهجاتنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ولنصطف حول هدف واحد وفكرة واحدة هي الوطن الذي يعلو ولا يعلى عليه.. وان تكون لنا القدرة على التميز بين الاشياء، انها دعوة للجميع ان نبقيها لحظة لحب الوطن.. فهل من مجيب؟. محمد علي عبد الجابر