ذكرت لكم يوماً - قارئي العزيزي - أن النجوم في السماء قد اشتاطت من بعض أفعال العالمين والكائنات عام (1999) فتراجمت وتعاركت لبضع ثواني فأضاءت الدنيا كلها... الساعة «الرابعة» فجراً قبيل أذان الصبح... وكنا وقتها بمدينة «المجلد» بغرب كردفان.. وعندما استأنفنا الحياة صباحاً... بدأ الناس يتساءلون عما حدث للنجوم في السماء.. وأن الاشتباك المدهش الذي جرى حتى أضاءت الأرض تحت السماء يومها.. هذا أمر مرعب ولم يحدث من قبل.. ثم عكست القنوات الفضائية العالمية ذلك المشهد العجيب.. وأثبتوا «أي القنوات» أن معركة النجوم تلك قد أزالت أعداداً من الأقمار اللاقطة والمتجسسة على الخلق.. من فوق الأجواء.. وأن تلك النجوم الراجمة أتلفت أقماراً أخرى.. وحرفها عن مساراتها وإنما ذلك تحذير وإبادة للأفعال الخبيثة والجائرة.. و «إن ربك لبالمرصاد» وإنها لعبرة فلكية.. وقال ربكم الأعلى «وجعلناها رجوماً للشياطين». أقول هذا تذكيراً ولفتاً للأنظار تجاه الأنجم.. وتصويباً للذاكرة نحو الزمان القريب هذا .. ثم تعضيداً لبعض الأفعال المشهودة في تاريخنا المعاش.. واقتباساً للفعل الملفت للأحوال والأنظار في محيطنا المحلي والعالمي.. ولأرجع بكم أيضاً لولاية غرب كردفان وفي إحدى حواضرها «المجلد» التي نزلنا بها عدة مرات لنرتق أمراً اجتماعياً أو سياسياً أو وطنياً عاماً.. وكان معنا أحد النجوم الساطعة ألا وهو الأستاذ «عبد الرحمن صالح الطاهر قُجة»... الناطق الفصيح بالعربية الناصعة.. وهو من مواليد أربعينيات القرن الماضي.. بقطاع «الفولة».. وأبوه وأمه وذووه من الرعاة الحداة.. ودفعوا به مبكراً لمدارج التعليم ليكون «مدرساً» إذ هي الأمنية السابقة لغيرها في تلك الأزمان.. لأنهم يقرأون شعراً: قم للمعلم وفه التجبيلا كاد المعلم أن يكون رسولا. ويسمعون أيضاً: العلم يرفع بيتاً لا عماد له ü والجهل يهدم بيت العز والشرف فتدرج حتى كان من أوائل الدفعات المتخرجة من «خور طقت الثانوية» وصار معلماً نابهاً وتعهد الأجيال.. معلماً ومشرفاً ومديراً وسائساً.. وتزوج من عرب «الدلنج» التي راوح بينها وبين «كادقلي» فترات متطاولة.. وتنقل - كما هو العهد - في مواقع جغرافية وتعليمية مختلفة.. وكان في بيئته رمزاً وقائداً.. فدفعت به الجماهير في منتصف «الستينيات» للجمعية التأسيسية «البرلمان» بالخرطوم ليكون ناطقاً ومشرعاً وخطيباً... ولما كان لبقاً أحبه الجميع.. وصادق الناس بناءً على «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».. فكان «عبد الرحمن صالح» الأديب.. والشاعر.. واللبق.. والاجتماعي.. والظريف.. والهميم الذي لا يقعده شيء عن أمر خاص أو عام.. ويتفقد إخوانه ومعارفه.. و «عبد الرحمن صالح» هو صديقك «أنت» و «هو» و «هم».. ودراج «لها» و «لهن».. فهو ورفيقته الأستاذة «فاطمة» اتخذا بيتاً من «الخرصانة» في مدينة الدلنج.. و «بيتاً» من «القصب» في ضاحية «المنورة» وآخر من «حديد» في مدينة بابنوسة.. و«بيتاً» ضخماً تحت نخلة في مدينة «الأبيض» وتفرعت «منازله» في الخرطوم العاصمة.. في مدينة «الفردوس» التي قال ساكنوها إننا نسعى «للفردوس» الأعلى الذي منه يسمع «أطيط» العرش.. كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو أيضاً في مدينة «النفط».. صدارة ش (61) بالخرطوم.. وهو كل بيت من بيوت أصدقائه هو «بيته» لأنه هو و «صاحبته».. التي نسأل الله ألا يفر منها يومئذ.. فهما لا يتركان أحداً يعبر «الأبيض» ويمر على «نخلتهما» الشاهقة دون أن يفرد جناحه «نازلاً» ليفرح قلبه بأخيه الناطق بلهجة الجميع.. وصاحب الطرفة الحاذقة والبديهة الحاضرة «عبد الرحمن الظريف يكرم الرديف» وهو «بالموبايل يلحق المايل» و «من ركب الطيارة مر على الأبيض والعيَّارة» فهكذا عرف الجميع هذا النجم المتفرد.. وهو عبر هذه المحطات إن نزل «الفولة» ناطق الأصدقاء والمعارف وهاتفهم أنه نزل «الجميرة» فلم يجد بها غير «الصِفيرة» «بالفاء» يعني «الدخن»، وإن ذهب لقريته «المنورة» قال: وجدت كل بناتها «بالأسورة».. يعني تزوجن كلهن لجمالهن وحنكتهن.. وأدبهن.. وإن جاء راجعاً «للأبيض» قال «للأستاذة» هل عندك في بيتك «الأسودان.. البلح والهبهان» - لظرفه - ثم هاتف الفريق «مهدي بابو» هل في مدينة المهندسين «يوجد الرعيان.. وأولاد عطية كمان».. فيقول الفريق: «أيوه يا أبو صفوان»، أما إن جاء مفترق وملتقى النيلين نزل بالفردوس الأعلى بالخرطوم.. وأتاه: ضوء البيت... الدكتور - بالهمزة - أتاه ومعه الهنداوات.. «هويدا وهند وهالة» الخريجات الجامعيات.. لأنهن.. فلذاته.. وهن يخبرنه عن «صالح» الجامعي الإعلامي وعن «صديق» الجامعي البيطري.. وعن «مهيب» السوداني.. الجامعي البيطري كذلك.. وعن «صفوان» الحاسوبي بالهند.. وهذا «اختيار للحرف المشتق من اسم والده هو صالح»، ولكل عبقري ربوة يعلو عليها.. وقد تذكر هو «هنداً» بنت عتبة - المرأة - رافعة المهند في المعارك الأولى.. فأجرى عليها «بناته» كلهن علهن يقبضن «المهند» في كتيبة «هاؤم» اقرأوا كتابيه.. وقد اتصل بي عبر هاتفه قبيل أسابيع يحدثني عن الوزنات السياسية، وأن من كان «يتيماً» فإن كافله السياسي هو وصاحب «البقلة» - عمر - كهاتين في الميزان وهكذا يمتلئ ظرفاً وأدباً.. وهو فاكهة المجالس.. ثم أنه في «جمعته» الماضية هذه كان بالخرطوم وكان بمجمع فرائحي.. كان هو «خطيبه» حاضراً.. فحين جاء «الاثنين» الأغبر!! وليس «الأسود» شعر بأن «لكليته» ألماً ما حقاً فقال لحاضريه: بلغوا عني السلام لأحبابي وأصدقائي ولكل «الأتيام».. فإن الله ربي ينادي.. فلبيك يا الله.. فذهب لمولاه الأعلى في (سابع ديسمبر) هذا.. وأفل وأنزوى بالأمس نجمنا الصديق «عبد الرحمن صالح الطاهر» والموت حق.. وكلنا لاحقوه.. فأكرمه يا ربنا .. آمين