لك الله يا وطني.. وأنا مثل ذاك البهي العتيد.. أحبك بتضحك وأحبك عبوس.. ولا أملك هذه الأيام غير الضراعة والابتهال و «شحدة» القادر على كل شيء.. رافع السماء بلا عمد.. أن تتنزل رحمة الله على وطن نزف من هول الجراح.. أن تحدث المعجزة وأن ترفرف رايات السلم والسلام على كل شبر في هذا الوطن الفسيح.. أن تطوى وإلى الأبد بيارق الظلم والقبح والظلام.. أن تضحك سما الخرطوم حبيبتنا وتصفى.. أن ينجح الحوار وينهزم ليل التيه الفسيح.. وإن كنت أرتعد خوفاً وفزعاً وهلعاً وأنا أرى «دهليز» الحوار قلقاً ومقلقاً ومغلفاً.. وما زالت مقاعد الأحبة من كل طيف من كل لون تشكو الفراغ العريض ويعزف فيها فقط الريح.. وما زلت أرتجف كما «القصبة» كلما طافت بذهني صور الوطن المرعبة عندما كان «شيخنا» يمسك في قوة بخيوط مشدودة على الوطن والمواطن على الدولة وعلى الشعب.. وما زلت أذكر في خوف تلك الحقبة المفزعة في أول عشر سنوات من إعصار الانقاذ.. والصور تتدفق والشريط الحزين يتحرك ببطء على شاشة مخي.. ولن أتحدث عن دماء وقهر وخوف.. فأنا لا أريد أن أنكأ جراحاً بدأت تبرأ في بطء وشمس بدأت ترتفع رويداً.. رويداً.. وأشعة تتسلل في ليل الوطن البهيم الحلوك.. ولكم أن تسألوا ولماذا الخوف والفزع.. بل لماذا الرعب من الحوار.. ولكم أقول.. إن العافية التي بدأت تسري في جسد الوطن والدماء التي بدأت التدفق في عروقه الناحلة ما كنا نعرف لها دبيباً إلا عند المفاصلة تلك التي وضعت حداً فاصلاً بين الضياء والعتمة.. وخوفي كل خوفي أن نبدأ من الصفر.. «مفهوم» أم إن كلماتي ألغاز وطلاسم.. هذا هو المتن.. اليكم الشرح والحواشي والايضاح.. أولاً لا تستمعوا ولا تصدقوا حرفاً واحداً من سفر حبيبنا المحبوب عبد السلام تحت عنوان «دائرة الضوء وخيوط الظلام» في هذا الكتاب قرأنا شيئاً عجباً.. اجتاحتنا كما الأعاصير كل ألوان الدهشة، وغرقنا حتى آخر سبيبة في رؤوسنا في بحر العجب والغضب..الأستاذ المحبوب وكأنه يخاطب شعب «الإكوادور» أو ينشر كتابه إلى سكان ومواطني «الهملايا» و«التبت» يخرج شيخه من أخطاء وكوارث واخفاقات الانقاذ في العشر سنوات الأولى من عمر الانقاذ الذي نعرف له أولا نعرف.. والله وحده من يعرف له آخراً.. يخرج شيخه من ذاك العقد المفزع خروج السبيبة من العجين.. «لا ياشيخ» وهل يظننا الاستاذ المحبوب شعباً بلا ذاكرة.. أم تراه يرانا كنا كلنا رجالاً ونساءً شباباً وصبايا كهولاً وشيوخاً.. كنا في غرف العناية المكثفة ونحن نستغرق في غيبوبة عميقة لا ندري شيئاً عن الدنيا عن كل الكون.. قبل التفنيد والتصحيح.. نقول للسيد المحبوب.. إن اخلاق الفرسان والاستظلال تحت بيارق الأخوة والنبل تحتم على المرء الاعتراف بالمشاركة وتحمل كامل المسؤولية مع الإخوة القدماء.. نجاحاً كان أو اخفاقاً.. ويقين راكز في أعمق أعماقي لا يخلخله شك وثقة لا يزعزعها ظن إن الاستاذ المحبوب يعرف وشيخه يعرف وأحبابنا في المؤتمر الوطني يعرفون واخوتنا في «الشعبي» يعرفون وكل الشعب السوداني يعرف أنه ما هبت حتى نسمة على الوطن إلا وغشيت خيمة ومضارب الشيخ الجليل الترابي.. هو انكار و «مغالطة» يمكن أن نقبلها و «نبلعها» من الاستاذ كمال عمر والذي هو الآن «طالع مداعي» للحوار ولكننا لا نقبلها مطلقاً من المحبوب فقد كان قريباً جداً من شيخه الدكتور. بكره نواصل...