أسامة عبد الماجد : مرت شورى ومؤتمرات الحزب الحاكم بولايات سنار، النيل الأزرق وشمال كردفان بسلام وهدوء وإن كانت العاصفة انطلقت في النيل الأزرق فور انفضاض المؤتمر الجمعة الماضية عقب تشكيل المكتب القيادي الذي خلق جواً من التوتر أقرب ما يكون للأزمة.. ويتوقع كذلك أن يكون مؤتمر جنوب كردفان اليوم الجمعة على نسق المؤتمرات الفائتة.. لكن الجميع سيحبس أنفاسه غداً عند انطلاق شورى ولاية الجزيرة والتي تضم في عضويتها عدداً ضخماً نحو (618)، ومكمن التنافس القوي الذي سيحدث في الجزيرة والأفضل أن يسمى صراعاً والذي بدأ يخرج للعلن لوجود مجموعتين ستشعلان نار التنافس في المؤتمر والشورى، لكن قبل تسميتهما فمن المهم الإشارة إلى أن الوالي د. محمد يوسف بعيد تماماً عن تخندق القيادات خلف تيارين وإن كانت المجموعتان برزتا جراء الحكومة التي شكلها الرجل. التيار الأول «المجموعة الحاكمة» ويتزعمها وزير الزراعة أزهري خلف الله والتي تضم كل قيادات الحكومة والتنظيم الحاليين بجانب القيادي أمين أمانة الشرق بالمركز العام عبد الله محمد علي الذي أبعده الزبير بشير وقتها من الحكومة والحزب. المجموعة الثانية وهي ما يمكن أن نسميها مجازاً جناح البروف - نسبة للوالي السابق البروفيسور الزبير بشير طه وإن كان الرجل أدار ظهره للأوضاع في ود مدني، وتضم القيادات التي كانت تعمل معه في الجهاز التنفيذي والحزب والتي تم إبعادها بضربة واحدة في عهد الوالي الحالي، ويتردد أن تلك الخطوة تمت بواسطة أزهري خلف الله والذي كان على خلاف كبير مع الزبير بشير، ومن أحاديث الهمس أن البعض يردد أن أزهري ومجموعته هم من أطاحوا بالزبير ولذلك كان بديهياً أن يخلو الملعب السياسي من أنصاره بعد مغادرته، ويتزعم المجموعة محمد الكامل نائب الوالي السابق والذي تقلب في عدة وزارات فضلاً عن وجوده الكبير في الحزب وقتذاك، صديق الشيخ «وزير المالية ونائب الزبير بشير». معتمدون ومستشارون سابقون وقيادات بالحزب جميعهم الآن على الرصيف وهم عمر الشريف «مستشار»، محمد عثمان الزبير «اتصال تنظيمي»، يوسف الزبير «معتمد مدني»، عمر بخيت «معتمد شرق الجزيرة»، جلال الدين البشير «معتمد الحصاحيصا»، الكرنكي «معتمد أم القرى»، وآخرون، وهذا التيار لا يستهان به كونه متغلغلاً في المحليات ومكمن خطورته أن الكامل موجود وبقوة بصفته رئيساً لمجلس الشورى الذي سينتخب من خلاله السبعة الكبار، أما كرت القوة الآخر الذي استخدمته هذه المجموعة هو التقارب غير المتوقع الذي جمع بينها وأخطر تيار في الجزيرة منذ انتخابات 2010، وهو المسمى بجناح «عبد الباقي أو المناقل» ويتزعمه رئيس المجلس التشريعي السابق عبد الباقي علي ومعه عبد الله حمد النيل وعبد الباقي الريح وصلاح المرضي وآخرون، ويقول أنصار ذلك التيار إن البروف الزبير أقصى عبد الباقي وأتى برئيس المجلس الحالي جلال الدين الذي قطع الألسن بنجاحه. وقوة عبد الباقي أنه يلتف حوله المزارعون ولا يزال عضواً بتشريعي الولاية ونائب سابق لرئيس الحزب بمحلية المناقل، ولذلك كان طبيعياً أن تقع اشتباكات في مؤتمر المحلية وهي الشهيرة بموقعة «العكاكيز»، وربما أراد أنصار عبد الباقي إجراء مران ساخن قبل مؤتمر الولاية ويمكن اعتبار عضو المجلس الوطني د. عمر علي من المقربين لعبد الباقي خاصة وأنه معتمد سابق بشرق الجزيرة وتم تجاوزه في الحكومة الأخيرة. تقارب مجموعة «البروف» مع مجموعة «عبد الباقي» رغم اختلاقهم في الوسائل لكنهم اتفقوا في الأهداف، يشكل خطراً حقيقياً على تيار «أزهري» لجهة أنه يضم قيادات متمرسة وقوية وتعرف كيف تدير المعركة، فعبد الباقي علي في العام 2010 كاد يخلق أزمة لو لا سارع وقتها البروفيسور إبراهيم غندور وصلاح عبد الله «قوش» واطفآ نارها، بينما حال صدق انحياز الأمين العام للحركة الإسلامية أزهري محمود للمجموعة دون قلب الطاولة في وجه المجموعة الحاكمة التي يؤخذون عليها عدة مسائل وهي تجاوزهم في الحكومة الجديدة باعتبار أنها جاءت بروح إقصائية أطاحت بهم، حدوث ترهل في الجهاز التنفيذي الحالي، إذ لأول مرة يصل دستوريو الولاية لنحو (24)، مجزرة طالت المدراء العامين، حدوث ارتباك في الحزب وعدم وجود نائب والي حتى الآن والبعض يؤكد أن المركز رفض أزهري خلف الله. بالنسبة للتيار الحاكم فإنه مطالب بترتيب أوضاعه، فعدد كبير من قياداته كانوا بعيدين من طقس الجزيرة وجاءوا في ظرف ضيق، فأزهري كان بالخرطوم وكذلك وزير التخطيط الصادق محمد علي كان بجوار الوزير السابق أسامة عبد الله بوزارة الكهرباء، معتمد المناقل أنس عمر كان يعمل بمدينة كوستي لكن مع ذلك لا يمكن أن يستهان بهذا الجناح، كونه يضم قيادات مشهود لها بالنزاهة قبل كل شيء خاصة وأن الفساد بالجزيرة يزكم الأنوف منذ عهد الوالي الأسبق عبد الرحمن سر الختم وعدد من مجموعة «البروف» عملت مع عبد الرحمن سر الختم، بجانب أن التيار الحكومي يحظى بثقة المركز واستطاع تهدئة الأجواء في الجزيرة إلى حد كبير وتلاشت الأخبار السيئة التي كانت تحفل بها الصحف عن الجزيرة. لكن من المهم التوافق بين التيارين لتعبر الولاية المروية وقد بدأت الخطوة بلقاء عاصف عقده نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن بقيادات من التيارين بمنزله مساء أمس الأول تمت من خلاله تهدئة الطرفين - بحسب مصدر - وقد برز اتجاه أن يشارك النائب الأول وقيادات مركزية في المؤتمر لمزيد من ضبط النفس.. على كل فساعات تفصلنا من ملحمة الجزيرة.