حينما ارادت القيادة السياسية العليا في البلاد الدخول في مرحلة التحضير للسباق الانتخابي 2010 كان لزاما علي هذه القيادة اجراء مسح سياسي شامل مبكر يحدد موقف المؤتمر الوطني وكسبه السياسي والجماهيري بكل ولاية ومدي استعداده للدخول في هذا السباق فكانت خيارات "المركز" لم تتجاوز اهل اصحاب الحظوة والالتزام با عتبار ان المرحلة لا تستحمل "غبش المواقف" او الولاء المزدوج فكان الزبير بشير طه من نصيب اهل الجزيرة وقتها هدأت الانفاس واشرأبت الاعناق املا في فجر جديد تنتهي معه الي الابد "ولاية الفساد والمفسدين " ويرتقي فيه انسان الجزيرة الي رحاب التنمية والاستقرار خصوصا ان الزبير الرجل المشبع بقيم الجهاد والمفاهيم الاسلامية والقادم الجديد للولاية جاء يحمل البشري لاهل الجزيرة وفي معيته مشروعا فكريا وسياسيا للاصلاح والتغيير واقتلاع جزور الفساد وهدم حصون المفسدين الذين يتخذون من السلطة والولاء التنظيمي استارا حديدية ضد القانون والاخلاق ..هكذا كانت بشارة الامارة الجديدة فقابلها اهل الجزيرة الاوفياء لقيمة الوطن بالتهليل والترحاب ولكن سفن " البروف" ابحرت في غير وجهتها فضلت طريقها بعد ان فقدت بوصلتها بفعل العواصف والامواج العاتية التي ضربت اجهزة ومكونات السلطة بقصر الجزيرة فانشغلت حكومة الولاية بتصفية خصوماتها السياسية واهدرت في ذلك وقتا وجهدا كبيرا كان خصما علي مشروعات وبرامج البناء والاصلاح السياسي والاداري حينها لم يكن حصاد مواطن الجزيرة سوي السراب وقبض الريح والانتظار الذي طال امده بلا فائدة تجني او حقا يكتسب فسرت في قوم الجزيرة احاديث الفساد والمحسوبية والجهوية التي لم تكن في يوم ما تجد سبيلا او سكة تعبر بها الي مجتمع لطالما كفر بالجهوية كقيمة سياسية او معيارا لتحديد اوزان القادة وحجمهم القبلي . وبالا مس القريب تعرضت الجزيرة "الولاية الام للسودان " الي مزيد من النزيف الداخلي والانقسام فخرجت الازمة الي السطح فتلقفها "المركز" وهو ساخط علي قياداته التي ظلت في حالة اعتراك مستمر عطل دولاب الدولة هناك واجهض مشروعاتها التنموية والخدمية اعتراك ونزاع سياسي "حزبي" زج بمشروع الجزيرة في متاعب ومتاهات لا اخر ولانهاية لها فاصبح المشروع في حالة مرضية " نفسية" متي يخرج منها الله وحده هو الذي يعلم . والحديث الذي تتناقله الاوساط السياسية والاجتماعية الان بولاية الجزيرة لايخرج من اطار تداعيات " المذكرة العشرية " التي دفعت بها قيادات من المؤتمر الوطني الي حيث منبع القرار وصناعته تطالب باصلاحات عاجلة وتعيد للحزب هويته وقوته وسيطرته علي مفاصل السياسة بالجزيرة وبحسب المتابعات والتقارير الواردة من الجزيرة فان هؤلاء القادة العشرة يبدو انهم نظروا من حولهم وادركوا ان الحال لا يسر ثم فكروا في امر يصلح شان الولاية او يعيدهم الي اضواء السلطة ويزيل عنهم التهميش فعكف "القوم " علي صياغة هذه المذكرة وضمنوها كل تفاصيل الوضع المازوم بالجزيرة ثم حزموا حقائبهم وتوجهوا صوب "النادي الكاثوليكي" "الاسم القديم لمقر المؤتمر الوطني " ووضعوا مذكرتهم علي منضدة القيادة السياسية للحزب لكنهم لم ينصرفوا قبل ان يحصلوا علي شارة خضراء او تاكيدات بمعالجات فورية لما احتوته المذكرة من مشكلات متازمة بالجزيرة . وهذه المجموعة التي يبدو ان علي راسها القيادي عبد الباقي الريح الرئيس السابق لمجلس تشريعي الجزيرة تعتقد ان حكومة الجزيرة تمارس السلطة والسياسة بفقه " الشلة" او التكتلات او التحالفات الصغيرة داخل المكون او الجسم الواحد بعيدا عن المؤسسية وهذا هو اساس الازمة التي تتفاعل تداعياتها بالجزيرة الان واخطر ما الامر ان المؤتمر الوطني بالجزيرة ضربت اوصاله ازمة تنظيمية حادة اصابت هياكله بالوهن والربكة وحتي مجلس الشوري ما عاد هو ماعون الشوري الذي يسع كل الافكار والاراء والمقترحات وحتي الجهاز الرقابي او التشريعي لم يكن هو الاخر فاعلا او قادرا علي ان يلعب الدور الرقابي الحقيقي علي الجهاز التنفيذي فهو طبقا لما يقوله الرجال العشرة في مذكرتهم جهاز رقابي بلا اسنان ولا طعم ولا رائحة غير ان الدكتور جلال من الله ريئس المجلس فند بشدة ادعاءات اصحاب المذكرة واكد ان المجلس التشريعي تكون عبر شوري كبيرة وحقيقية وقال "للانتباهة" ان الرقابة ليس عملا في الهواء وان لجانهم بالمجلس تغطي الان كل الوحدات الحكومية واضاف جلال ان حكومة الولاية فتحت بلاغات في مواجهة عدد من المسوؤلين في قضية اختلاسات مالية وبحسب المذكرة ذاتها لم يعد الحزب هناك قادرا علي لملمة اطراف الازمة ووضعها في صيغة المعالجة ولكنه انكفي علي قلة من القيادات التي تلتف حول "البروف" وحتي الرجل الثاني في حكومة الزبير غادر منصبه كوزير للزراعة ونائبا للوالي بسبب خلافات مع الزبير والغريب ان ازهري خلف الله يعتبر من القيادات البارزة التي استعان بها البروف الزبير بشير طه في مشروعه الاصلاحي والذي ارتكز علي ابعاد بعض الوجوه غير المرغوب فيها داخل المؤتمر الوطني ولذلك فان المتابعين لملف الخلافات بالجزيرة يتهمون ازهري خلف الله بانه هو احد الذين خططوا ونفذوا سيناريو اقصاء ابناء المناقل من كافة مستويات الحكم بالجزيرة ويعتبر عبد الباقي علي "رجل المناقل المثير للجدل " احد ضحايا سيناريوهات ازهري خلف الله والمستشار عبد الله محمد علي فالقضية اذن الان بين يدي المركز ربما اليام القليلة القادمة تشهد مخارجة سياسية لهذه الازمة . هاشم عبد الفتاح [email protected]