من غرائب الأمور أن تسمع بأشياء كثيرة ومسميات لا حصر لها ولا عد، ولا تجد لها وجوداً في أرض الواقع.. والأغرب أنها تحدث ضجيجاً ما بعده ضجيج.. والأغرب من كل ذلك أنها تشكل حضوراً كلما استدعى الأمر المشاركة في مناسبة خارج البلاد.. ومن تلك ما يسمى الفرقة القومية للالآت الشعبية.. أو الفنون الشعبية (سابقاً).. فهم قالوا إنها فرقة تجمع كل ألوان الطيف الفني على امتداد المليون ميل مربع.. بينما تقول الحقيقة أن لا دور يذكر لها في خارطة الفنون أو قضايا الوطن.. إلا من بعض مشاركات خجولة يغلب عليها في كثير من الأحيان (الرقص) وكأنه لا يوجد في تراثنا الغني بكل جميل وأصيل غير الرقص.. وحتي الفقرات الراقصة التي تقدمها الفرقة هي فقرات لا جديد فيها ولا تتجاوز عن رجال يقدمون (العرضة) أو (نساء يتمايلن ( كأعجاز النخل الخاوية. لذلك كان من الطبيعي أن تضيع الفرقة وسط زحام الفرق، وأن تغيب تماماً عن مسرح الأحداث الذي هو الاستفتاء وما يتطلبه من أدوار لكل شرائح المجتمع. مثلما غاب الفن عموماً.. غابت الفرقة (القومية) للالآت الموسيقية.. وهي الفرقة التي كان من المفترض أن تشكل حضوراً طيباً ومتميزاً وفاعلاً باعتبار اسمها والهدف الذي أنشئت من أجله.. غابت الفرقة ونحن الذين كنا ننتظرها أن تجوب مسارح الجنوب والشمال.. مسرحاً مسرحاً لتبشر بالوحدة عبر فن راقٍ أصيل ومؤثر.. خاصة وأنها المعنية الأولي بهذا الدور لأنها فرقة قومية وحكومية.. تصرف عليها الدولة وتخصص لها داراً فخيمة جوار الإذاعة.. وغياب الفرقة لا نظن أن له ما يبرره.. ولا نظن أن المشاركات الخجولة تشفع لها لتقول أنها أدت دورها.. فالمتابع يلحظ أن مشاركات الفرقة في المهرجانات الأوروبية والخارجية عموماً واضحة ولا تحتاج لذي بصر أو بصيرة.. فهي قد شاركت في الكثير من المناسبات الخارجية وجاب أفرادها معظم أنحاء العالم.. لتبشر بماذا؟.. لا ندري. هذا جانب.. ولنفترض أن الفرقة كانت حاضرة في كل المسارح.. هل كانت ستقدم ما تقدمه من الرقصات التي نشاهدها والتي لا تخرج عن الشكل الذي وصفناه.. والسؤال الأهم هل ما تقدمه الراقصات بالفرقة يمكن أن يقدم رسالة.. وهل له مضمون .. وهل من اللائق أن ترقص المرأة أمام الرجال؟.. ناهيكم من المسارح وشاشات التلفزة وغيرها. لا نحسب أن أسئلتنا تثير الدهشة.. لأنها عادية ومنطقية.. ونحن نتحدث عن مشاركة الفرقة وليس من منظور (حلال أو حرام).. فالمفترض في مثل الفرق القومية أن تكون فرقاً حاضرة في كل المناسبات الوطنية.. وفرقاً مجددة ومبتكرة.. وليس الدوران في فلك القديم باعتبار أنه تراث.. وليس كل التراث يقدم بهذه الحجة الفطيرة. الفرق القومية هي صاحبة رسالة تستمد من روح الدين ومن المجتمع.. تأخذ من التراث ما يفيد الناس وتترك ما دون ذلك ليذهب جفاء.. والفرق القومية هي التي تجمع الجميع دون استثناء.. فهل فرقتنا القومية أو فنوننا الشعبية هي كذلك؟!