لقب «جلال أخي» عليه رحمة الله الواسعة وسط اقرانه بالكلية والفرقة بلقب «أبسرك» فقد كان يطابق اللقب في معناه ومضمونه.. وبعد سقوط مظلته من الاجواء حملت الاسافير حوله الكثير ونظر إليه البعض في زواياهم الدنيوية ومعارضتهم لكل ما هو نبيل.. ولهم اقول كما قلت من قبل «جلال» من أولاد هذا البلد.. سوداني صميم واصيل من جروف النيل وعرق الشعب الصامد.. ابوه موظف بريد سابق وعندما ضاقت المعايش بالبلد هاجر يبحث عن توسعة ا لرزق في بلاد الغربة وعاد بحصادها ليعمل سائقاً فيما ملك بخط الجريف غرب ينقل اهلها وقاطنيها من الاحباش وغيرهم ما بين المحطات ولم يعارض تصاريف الحياة واقدار الله حين وقعت.. فلا تذهبوا بفكركم بعيداً.. ولا تدعون النبل.. فإن كنتم ترون في انفسكم ابطالاً خلف «الكي بورد» أو أمام «شاشات التواصل الاجتماعي» فقد بزكم جلال ان تقدم للدفاع عن هذا الامن الذي تنعمون به.. نعم لكل فرد طريقته في حب بلده ولكن هناك على الاقل ما يستحق الاجماع عليه باعتبار ان للدولة بمكوناتها المختلفة «شعب، ارض ونظام» ما يتطلب الاجماع والدول من حولنا تمور وتفور فبدلاً عن بعض تلك النظرات المشوبة بالاحتقان، دعوا فرجة للأمل والعمل الجاد، ففي وسط الأوجاع ما يبحث على التفاؤل، بأن لهذا البلد ابناء يعملون لاجل الاحتفاظ بما تبقى وما هو ممكن. شكراً للذين انفعلوا ايجابياً لرحيله بالدعوات والاحتساب والله اعلم منا جميعاً بالسرائر النقية وطيبة القلوب و عفتها.. ففي كل الأحوال كلنا ماضون في سبيل الموت ان لم يكن الآن فإنه في وقت ما من الحياة.. فلا داعي لتسيس الحادثة وافتحوا «مظلاتكم» بروح أرحب وصدر أوسع.. وتقدموا نحو بلدكم بشيء مفيد. تمر اليوم على مفارقة «جلال بضع وعشرين يوماً والحزن يبدأ كبيراً مع تفاصيل الايام يجعله الصبر محتملاً وممكناً فتصغر مساحاته ليصبح طيف جلال اخي نسمة جميلة في صيف البلاد الحار جداً.. عفواً قرائي الاكارم إن أدخلتكم معي في دائرة الحزن.. لكني اؤمن أن أمر «جلال» كان عاماً يعنيكم كما يعنيني باعتباره فرداً من افراد قواتكم المسلحة.. دعوني انقل لكم ما سطره عنه زميله الملازم مصطفى.. «فدائي آخر يسقط من علياء السماء كالعادة ويخضب جسده و كاكيه بدمه القاني الملازم «النقيب» جلال موسى.. كان يعرف ويعي ان الانضمام للقوات المسلحة يعني ان نسبة استشهاده 05% «نصراً وشهادة» وزادها إلى 09% بالانضمام لشياطين الجو «الفرقة التاسعة المحمولة جواً» حيث ساترهم الهواء فقط وكل حياتهم معلقة ما بين السماء و الارض والحقيقة الماثلة ان جنودها لا يعمرون ولا يشيخون فالموت رفيقهم اينما حلوا ولا ينصحوك ان تصادقهم أو تصاحبهم فعند اي بادرة ستجدهم امتطوه إلى جنات رضوان حيث الفدائي الكبير حبيبنا المصطفى شجاعة وتصميم فداء.. «جلال» ارقد بسلام فقد اثبت أنك من زمرة الشجعان والرجال.. وانضم الى قائمتهم الكبيرة والمليئة،، واخلع قاشك الأحمر والبوريه والجناح.. وسلمهم إلى أفراد ا لصف الذي يقف مستعداً ايضاً للحاق بك بعد اكمال المهام شبه المستحيلة فقدركم ان تكونوا «درقة» القوات المسلحة ويدها الضاربة وعينها الثقابة وداعاً يا ابن الجريف التي قدمت ارتالاً من الشهداء على رأسهم «معاوية الطيب» سكران الجنة اسد معركة الميل اربعين.. انا لله وإنا اليه راجعون». ٭ آخر الكلام.. مضى الشهيد «جلال» بالمظلة أو غيرها إلى رحاب ربه.. شاركوني الدعاء له بالرحمة والقبول.. وان يحفظ الله بلادنا من كل الابتلاءات التي تحاك لها وبها وان يجعلنا ايجابيين في التعامل مع عثراتها الكثيرة الكثيرة وان نكون عنصر بناء.. لا هدم.. اللهم اجعلها آخر الأحزان.. وشكراً لكل من شاركنا الحزن. مع محبتي للجميع