قال لي أحد الأصدقاء الأعزاء وقد فرغ من قراءة الصحف التي أمامه قال لي لم يعد هناك يوم واحد من أيام السنة إلا وقد ارتبط بشعار وصار يوماً عالمياً، لقد طالعت صحف اليوم لتذكرنا بأن هذا اليوم هو اليوم العالمي لغسيل الأيدي، وفي هذا اليوم يجتمع العالم لغسيل الأيدي بالصابون تأكيداً على نظافة الأيدي واصحاح البيئة، وأن الحياة النظيفة تقلل المخاطر والتعرض للأمراض، يعني الواحد تكون أياديه(نظيفة) من الملوثات، والنظافة من الإيمان. استمعت الى هذا الحديث المصحوب بالاستغراب والاستنكار وقلت له ما أدهشني أن هناك يوماً يسمى اليوم العالمي لبيض المستهلك فرغم صلتي بالأطباء البيطريين وبالمنتجين من مربي الدواجن إلا أنني لم اسمع بهذا اليوم.. كان يجالسنا صديقاً لنا من المملكة المغربية، خاطبنا بعد أن استراح في جلسته وتحدث بكل فخر وإعزاز أنهم في شهر اكتوبر الماضي قد احتفلت مملكتهم المغرب بهذا اليوم وبحضور حوالي 3600 مشاركةً، قدمنا أطباقاً من الطعام يشكل فيها البيض المادة الأساسية، بل وهناك جمعية مغربية تسمى الجمعية الوطنية لمنتجي بيض الاستهلاك.. ولكن المدهش حقاً عن اليوم العالمي للغة العربية، فقد رشح من أخبار فريق برشلونة الأسباني الرياضي والذي يهتم بالرياضة بمختلف ضروبها نجده قد احتفل باليوم العالمي للغة العربية، وكان هذا في يوم 18 ديسمبر من هذا العام فاهتمت الإدارة البرشلونية (بالرفع والكسر والشد والبديع والمتجانس) في اللغة العربية، بجانب اهتمامهم بكل هذا في ميدان الكرة بالكامب نو لأنهم كمؤسسة يقدمون دروساً في فن الكرة يعترفون بان اللغة العربية لها دروس ودور بارز في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته في كل أنحاء العالم، ولم أسمع أو اقرأ أن هناك دولة من الاثنين وعشرين دولة التي تنطق بلغة الضاد قد احتفلت باليوم العالمي للغة العربية. من المعلوم أن منظمة الأممالمتحدة أو غيرها من المنظمات تخصص أياماً عالمية أو دولية لمواضيع محددة لجلب انتباه الناس في العالم اليها، وأكيد القارئ الكريم قد سمع باليوم العالمي للسلام واليوم العالمي للأسرة، واليوم العالمي بدون سيارات وغيرها.. وتعتبر شريحة الأطفال أكثر الفئات التي نالت حظاً من هذه الأيام، ففي شهر يونيو فقط من كل عام نجد اليوم العالمي للطفولة في الأول من يونيو واليوم العالمي للأطفال ضحايا الاعتداءات في الرابع منه ويليه اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال في الثاني عشر.. ويوم السادس عشر اليوم العالمي لأطفال افريقيا، وفي اليوم العشرين من يونيو من كل عام نحتفل باليوم العالمي لحقوق الطفل، حتى الأطفال المختفين نحتفل بهم قبل هذه الأيام في خمسة وعشرين من مايو، ورغم ذلك تعتبر منظمة الصحة العالمية متفوقة على منظمة اليونسيف، فهي أكثر المنظمات انشغالاً بهذه الأيام.. فهناك أياماً تهتم بصحة الإنسان والتعريف بالأمراض الخطيرة بالسودان اهتمت الحكومات بهذه الأيام وصارت (أيام لها ايقاع)، فصرنا نحتفل ويشاركنا السادة المسؤولين هذه الأيام وهي طبعاً بالتاريخ الميلادي، فليس هناك مجالاً لنحتفل باليوم العالمي لميلاد الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، والذي وضعه العلماء غير المسلمين فوق رأس قائمة في كتاب العظماء مائة أولهم محمد، لأن بعض الدول والإسلامية منها تعتبر أن الاحتفال بمولده بدعة لم يفعلها الصحابة رضوان الله عليهم.. ألا تعترف هذه الدول أن ميلاده عليه الصلاة والسلام حدث عالمي يجب أن تعم فائدة تعاليمه كل الأمم، وأن يحتفل بمولده كل العرب والعجم ألم يغير وجه العالم، فلندع العالم أجمع أن يحتفل بمولده عليه أفضل الصلاة والسلام، ألا يوجد اسمه الكريم في محاكم الولاياتالمتحدةالامريكية، واعتبرته شخصية وضعت قوانين للبشرية أصلحت من حالها، ويا مسلمي العالم متي تعم السيرة الحسنة من ميلاده الى وفاته ويكون مولده عيدًا ويوماً عالمياً بالتاريخ الهجري. قال لي صديقي معللاً ذلك أن مثل هذه الأيام يتم اختيارها وتحديها لأنها تعالج قضايا عالمية، وترسل فيها الحكومات والمنظمات رسائل قوية لتأييد قضيتها لا فرق فيها بين ديانة وأخرى. قلت له هل سمعت بالبنت سليمة؟ أليست هي قضية عالمية؟ ألا تحتفل بها المنظمات في السادس من فبراير باليوم العالمي لرفض ختان الإناث، فقد أصدر مجلس الشعب المصري عام 2008م قانوناً يحرم ختان الإناث إلا في (حالة الضرورة) وأصبح يعاقب من يقوم بالختان بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة اشهر وعامين ومصحوبة أيضاً بغرامة مالية.. ومازال لدينا من يفتخر بالخفاض الفرعوني، بل وقد سبق هذا القانون مرسوماً وزارياً صدر من وزارة الصحة المصرية يحظر إجراء الختان على جميع الأشخاص عبر تيم العاملين في المجال الصحي، ورغم ذلك مازال هناك من يدافع عن الخفاض الفرعوني!!! لقد طالب مركز المرأة لحقوق الإنسان بالسودان بتجريم ختان الإناث وتحديد عقوبة بقانون الطفل يعاقب كل من تختن بناتها من الأمهات بالسجن سبع سنوات رغم أن هذا النص قد رفض. البنت (سليمة) دعوة صادقة لمحاربة ختان الإناث أو الخفاض باعتبارها عادة ضارة على صحة الفتيات والنساء وعملية جراحية ليس لها سبب طبي أو ديني ولكنها ارتبطت بطقوس ثقافية في أكثر من عشرين دولة في افريقيا.. اليوم العالمي للبنت سليمة هي دعوة لرفض تشويه الأعضاء التناسلية للإناث يجب التوعية بمدى خطورة هذه الممارسة، وتعزيز القضاء على ممارستها.. الشكر للمجلس القومي لرعاية الطفولة والأمومة ولكل من ساهم بفكره ووقته في الحملة التي أطلقها المجلس بعنوان(سليمة) عام 2008 م بالتعاون من منظمة اليونسيف لمناهضة هذه الظاهر وشعار الحملة (كل فتاة سودانية ولدت سليمة دعوها تنمو سليمة) فنحتفل باليوم العالمي للبنت سليمة.